بدأت أمس (الثلاثاء) أعمال تعزيز الطاقة الكهربائية في محطة تحلية المياه في قطاع غزة، في إطار تعاوُن إسرائيلي فلسطيني، وذلك بهدف زيادة تحلية المياه للمدنيين في منطقة إنسانية محددة، حيث توجد الأغلبية العظمى من سكان القطاع.
وقال مسؤولون أمنيون إسرائيليون إن هذا العمل ضروري من أجل مواصلة إسرائيل عملياتها العسكرية ضد حركة "حماس" في قطاع غزة. كما وصف وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت في وثيقة داخلية العمل على تعزيز المياه في القطاع بأنه حاجة إنسانية أساسية.
وقال مصدر أمني إسرائيلي رفيع المستوى إن غالانت شارك شخصياً في الدفع قدماً بمشروع محطة تحلية المياه، وهو جزء من خطط أوسع نطاقاً من جانب إسرائيل لإعطاء الأولوية للقضايا الإنسانية في غزة وسياسة التمييز بين المدنيين الفلسطينيين و"حماس". وأضاف أن إسرائيل ترغب في تجنُّب أزمة إنسانية كبرى، من شأنها أن تضر بشرعية مواصلة عملياتها العسكرية في القطاع.
غير أن هذه الخطوة أثارت غضب بعض الوزراء في الحكومة.
وقال وزير المال الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش [رئيس "الصهيونية الدينية"] في بيان في موقع التواصل الاجتماعي "إكس": "لقد فقدنا عقلنا تماماً. نحن نعيد بناء غزة بأنفسنا، قبل أن يتم نزع سلاحها. سيدي رئيس الحكومة، أوقف هذه الحماقة فوراً".
تجدر الإشارة إلى أنه وفقاً لتقديرات جديدة لدى الجيش الإسرائيلي نُشرت أمس، يوجد حالياً نحو 1.9 مليون فلسطيني من أصل 2.3 مليون نسمة في قطاع غزة في المنطقة الإنسانية التي حددتها إسرائيل، والتي تقع في منطقة المواصي على ساحل القطاع، وفي الأحياء الغربية من خان يونس، وفي دير البلح في وسط غزة.
وقال مسؤولون إسرائيليون إن محطة تحلية المياه الكبيرة ستكون قادرة على توفير 20 ألف متر مكعب من المياه يومياً للمنطقة الإنسانية، بمجرد ربطها بالطاقة الإسرائيلية. واليوم لا توفر المحطة سوى نحو 1500 متر مكعب بسبب نقص الكهرباء، ويتم الحصول على الطاقة الحالية من المولدات والطاقة الشمسية. وتعتمد غزة على إسرائيل في توفير معظم حاجاتها من الكهرباء. وقد انقطعت هذه الكهرباء إلى حد كبير منذ بدء الحرب، بعد الهجوم الذي شنته "حماس" يوم 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023.
وتم إنشاء محطة تحلية المياه بتمويل من الأمم المتحدة في سنة 2017 لتوفير مياه الشرب لمناطق دير البلح وخان يونس والمواصي، حيث تقع المنطقة الإنسانية حالياً، وفيها الأغلبية العظمى من السكان الفلسطينيين. وزيادة مياه الشرب ضرورية بشكل خاص خلال فصل الصيف، كما تحتاج المنطقة الإنسانية إلى المياه لأغراض الصرف الصحي لمنع انتشار الأمراض. وقال المسؤولون إن مثل هذه الأمراض قد تُلحق الضرر أيضاً بالجنود الإسرائيليين في غزة، فضلاً عن المخطوفين الذين تحتجزهم "حماس".
وأكد المسؤولون أن منع الأزمة الإنسانية في غزة هو المفتاح لمواصلة القتال ضد حركة "حماس"، وإلّا فقد تضطر إسرائيل إلى إنهاء الحرب بسبب الضغوط الدولية، أو أوامر محكمة العدل الدولية.
وأشار مصدر عسكري إسرائيلي رفيع المستوى إلى أن محطة تحلية المياه ستغيّر قواعد اللعبة في جهود إسرائيل لمنع وقوع كارثة إنسانية في غزة، إلى جانب زيادة المساعدات التي تدخل إلى القطاع في الأشهر الأخيرة، فضلاً عن الجهود المبذولة لتحسين التنسيق مع المنظمات الإنسانية الدولية. وأوضح المصدر أن غالانت التقى خلال زيارته الأخيرة إلى واشنطن أعضاء المنظمات الإنسانية ومسؤولي الأمم المتحدة المعنيين بمثل هذه الأمور. ووافق مسؤولون حكوميون، بمن فيهم وزير الدفاع ووزير الطاقة، على خطوة توفير الطاقة لمحطة تحلية المياه.
ومن المقرر أن تدير هذه المحطة سلطة المياه الفلسطينية في رام الله، والتي لا تتبع لـ"حماس"، إلى جانب منظمات إنسانية دولية.
وقالت مصادر إسرائيلية مسؤولة إن المحطة ستُفصل على الفور، إذا ما اكتشف الجيش أن "حماس" تسحب الكهرباء لأغراض أُخرى.
وبالإضافة إلى 1.9 مليون فلسطيني يقيمون بالمنطقة الإنسانية، وفقاً لتقديرات الجيش الإسرائيلي، لا يزال هناك بضع مئات الآلاف من الفلسطينيين في شمال غزة، ولا يزال أكثر من 20.000 فلسطيني في منطقة رفح، التي قام الجيش الإسرائيلي بشن هجوم واسع عليها في أيار/مايو الماضي، وأمر السكان المدنيين فيها بالانتقال إلى المنطقة الإنسانية.