اغتيال الضيف رسالة إلى قيادة "حماس"، لكن تأثيره في المفاوضات سيستغرق وقتاً
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • من الأفضل عدم استباق الأمور. أولاً، على الرغم من التفاؤل الحذر في القيادة الأمنية، فإنه حتى ساعات المساء المتأخرة من ليل السبت، لم يتم الحصول على إثباتات تدل على أن الشخصية الثانية في "حماس" في قطاع غزة، محمد الضيف، قُتل في محاولة اغتيال إسرائيلية. ثانياً، من الصعب معرفة كيف سيؤثر مقتل الضيف، إذا قُتل فعلاً، في تصرُّف تنظيمه. من المحتمل أن يزيد هذا الهجوم في الضغط العسكري على "حماس"، لكن  من غير الواضح كيف سيؤثر في التوصل إلى صفقة المخطوفين التي تبدو فرصها ضعيفة، في الأساس، على خلفية الخلافات الداخلية في القيادة الإسرائيلية.
  • محمد الضيف (59 عاماً)، هو من  مواليد مخيم اللاجئين في خانيونس، وكان عضواً في حركة "حماس" منذ إقامتها في مطلع الانتفاضة الأولى (1987). ولاحقاً، أصبح من الأعضاء المؤسسين للذراع العسكرية للحركة، والوحيد الذي بقيَ في قيد الحياة وحراً في تلك الفترة. ومنذ أواسط التسعينيات، أصبح المطلوب الرقم واحد بالنسبة إلى إسرائيل، بسبب دوره في إرسال "مخربين" للقيام بهجمات انتحارية، وبناء قوة الذراع العسكرية في "حماس".
  • قُتل عدد كبير من رفاقه في القيادة السياسية للحركة في مطلع الألفية الثانية، وفي الانتفاضة الثانية"،  من الأب المؤسس الشيخ أحمد ياسين الذي قُتل في سنة 2004، وصولاً إلى زعماء الذراع العسكرية، مثل صلاح شحادة الذي قُتل في سنة 2002، والجعبري الذي قُتل في سنة 2012. لقد حاولت إسرائيل اغتيال الضيف 7 مرات على الأقل، إحدى هذه المرات  قبل 18 عاماً، ففي صبيحة 12 تموز/يوليو 2006، جرت محاولة اغتيال فاشلة له، بينما كان حزب الله يهاجم شمال البلد وبداية ما أصبح يُعرف بحرب لبنان الثانية.
  • ليس لدى الاستخبارات الإسرائيلية تأكيد نهائي لمقتل الضيف. وسيكون من الصعب معرفة الحقيقة، على خلفية الضرر الكبير الذي خلّفه القصف الجوي. من المحتمل أن تكمن مصلحة "حماس" في إبقاء الحقيقة غامضة وقتاً طويلاً. هكذا تصرفت الحركة في الحالات التي قُتل فيها قادة كبار لها في الحرب. لقد كان الضيف الشريك الرئيسي لزعيم "حماس" في القطاع يحيى السنوار، بعد إطلاق سراحه في صفقة شاليط، ومنذ ذلك الوقت، يوجد بينهما تقاسُم للعمل...
  • وبحسب التقارير، قُتل في القصف أيضاً رافع سلامة، قائد لواء خانيونس في "حماس". وإذا كان هذا صحيحاً، فسيكون ثالث قائد لواء يُقتل منذ بداية الحرب. ويتحدث الفلسطينيون عن مقتل نحو 70 شخصاً وجرح العشرات جرّاء القصف. والهدف كان منشأة تابعة لـ"حماس" في المنطقة الزراعية في المواصي الواقعة غربي خانيونس، وضمن المنطقة التي لجأت إليها أغلبية سكان القطاع، بعد أن دمرت الهجمات الإسرائيلية جزءاً كبيراً من القطاع. وتُظهر الصور التي التُقطت من مكان القصف مقتل عدد كبير من المدنيين. وفي تقدير المؤسسة الأمنية، أن عدداً منهم عناصر في "حماس"، كانوا مع الضيف وسلامة في المنشأة التي تستخدمها الحركة في الاجتماعات السرية التي تعقدها فوق الأرض.
  • سبق القصف جمع معلومات استخباراتية دقيقة، كجزء من عملية الملاحقة لكبار المسؤولين في الحركة، والمستمرة منذ بدء الحرب...
  • إذا قُتل الضيف فعلاً، فيمكن أن يمرّ وقت قبل أن يتضح تأثير ذلك في مواقف يحيى السنوار في المفاوضات. الهجوم على شريكه المقرّب يمكن أن يؤثر، موقتاً، في تصلّب الخط الذي ينتهجه السنوار في المحادثات. من جهة أُخرى، بالنسبة إلى إسرائيل، هناك أهمية كبيرة للشعور الناشىء لدى قادة الحركة الرفيعي المستوى بأنهم لن يستطيعوا الهرب من الملاحقة وقتاً طويلاً.
  • هناك سؤال آخر عن كيفية تأثير الاغتيال، إذا تبين أنه نجح، في رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو؟ هل سيُظهره كمن يفي بالوعود التي قطعها بتصفية الحساب مع "حماس"، وبما أن هذه الاغتيالات لا تتطلب وجوداً برياً دائماً للجيش الإسرائيلي في غزة، هل سيستغل نتنياهو ذلك كذريعة لإعلان نهاية المرحلة المكثفة من الحرب؟ حتى الآن، رفض نتنياهو أيّ توصيات من الجيش بالقيام بذلك، قبل الانتهاء من عملية رفح.
  • في هذه الأثناء، وفي هذا الوقت الحساس بشأن الدفع بصفقة مخطوفين، تزداد الأزمة، وتكاد تصل إلى التصدع بين نتنياهو وبين رؤساء المنظومة الأمنية الذين يقولون، منذ أكثر من أسبوع، إنها فرصة لن تتكرر من أجل التوصل إلى صفقة مع "حماس"، تشمل العديد من التنازلات. لكن نتنياهو اختار التشدد في مواقفه العلنية إزاء المفاوضات بصورة يمكن أن تؤدي إلى إفشالها. ويزيد هذا الخلاف في تعكير العلاقات في القيادة الأمنية والسياسية. مَن لم ينتبه، ولم يعرف الخطورة الكبيرة التي نواجهها، هو الجمهور الإسرائيلي. إذ تشير آخر استطلاعات الرأي إلى تأييد واسع النطاق للصفقة (وتسريع استقالة نتنياهو)، لكن هذا لم يُترجم في تظاهرات كبيرة في الشوارع...
  • لا يمكن إبقاء الخلاف الداخلي الحالي على نار هادئة فترة طويلة. إذا تعثرت المفاوضات هذه المرة، فسيكون من الواضح أن المسؤول الأول عن ذلك هو نتنياهو، ومن المحتمل حدوث استقالات في القيادة الأمنية. والمرشح الأول لذلك هو رئيس مركز المخطوفين والمفقودين في الجيش الإسرائيلي اللواء في الاحتياط نيتسان بار. إذا لم يتحرك أيّ شيء، يمكن أن يقرر بار الاستقالة، ويترك المهمة لأحد موظفي نتنياهو.