لا يجب الاكتفاء بصورة نصر، حتّى ولو كانت اغتيال الضيف
المصدر
قناة N12

موقع إخباري يومي يضم، إلى جانب الأخبار، تعليقات يكتبها عدد من المحللين من الشخصيات الأمنية السابقة، ومن المعلّقين المعروفين.

  • حتّى كتابة هذه الأسطر، لم يتضح بعد مصير محمد الضيف؛ هدف الضربة الإسرائيلية في خان يونس. وزواله في هذه الأوضاع من قيادة "حماس" ستشكّل ضربة نفسية صعبة للحركة، وستُلحق الضرر أيضاً بالقدرات القيادية، وبالسيطرة واستراتيجيا الحركة في مرحلة تحتاج فيها إليه أكثر من أي وقت مضى.
  • إن الهجوم على الضيف وسلامة ينضم إلى سلسلة اغتيالات لقادة ومسؤولين آخرين في الحركة، وسيجبر "حماس" إلى الاعتماد على ضبّاط أقل خبرة، وإعادة بناء التنسيق والتواصل من جديد في أوضاع ليست مثالية.
  • ويشكّل الإنجاز الاستخباراتي الإسرائيلي إهانة لـ "حماس" ويمرّر رسالة واضحة إلى السنوار وزملائه بشأن اتّجاه إسرائيل، وهو ما يخدم أيضاً جهود إعادة الرهائن. والصواب الآن هو الاستمرار في النهج نفسه وعدم التوقّف، ففي هذه المعركة، يجب عدم الاكتفاء بصورة نصر، حتّى ولو كانت هذه الصورة هي اغتيال محمد الضيف.

الرسالة الإسرائيلية: الملجأ الإنساني لم يعد يمنح حصانة

  • لا حاجة إلى المبالغة بأهمية اغتيال محمد الضيف، إذا اتضح أنه فعلاً حدث نتيجة الضربة الإسرائيلية في خان يونس، فقد كان بمثابة رئيس هيئة أركان "حماس"، ويتم أيضاً ربطه أكثر من أي شخص آخر بمسار تحول الحركة "الإرهابية" إلى كيان مع قدرات عسكرية، وكان أحد المخططين وقادة "مذبحة" 7 تشرين الأول/أكتوبر، وخلال سنوات قيادته الطويلة للحركة ونجاته من محاولات إسرائيل اغتياله، تحوّل إلى شخصية ورمز في نظر الجمهور، وأيضاً في نظر من هم تحت قيادته.
  • ومن وجهة نظر إسرائيل، فإن اغتيال الضيف في هذا الوقت مهم جداً لهذه الأسباب:
  • أولاً، بسبب الضرر النفسي الذي سيلحق بـ"حماس" وقادتها ونشطائها في غزة، وقيادتها في الخارج وداعميها في الضفة. ويمكن افتراض أن البشائر من غزة ستضر بالمزاج العام أيضاً في إيران وحزب الله.
  • ثانياً، بسبب الضرر الذي سيلحق بالقدرات القيادية والسيطرة والتخطيط الاستراتيجي للحركة، وخصوصاً بسبب الخبرة الطويلة التي جمعها الضيف خلال سنوات عمله الطويلة، ومعرفته بطريقة عمل إسرائيل، والثقة الكبيرة التي يتمتّع بها من جانب مَن يقودهم وزملائه. فالضيف كان مركزياً في صوغ سياسة "حماس"، وقاد شخصياً مسارات بناء القوة العسكرية للحركة، وكان يقف وراء عمليّاتها المركزية لسنوات.
  • ثالثاً، بسبب التأثير الإيجابي الذي يمكن أن يكون لهذه الخطوة في جهود إعادة المخطوفين.
  • رابعاً، بسبب التأثير في الوعي الذي تُحدثه هذه الخطوة في مكانة "حماس" في نظر الجمهور في غزة، وهي خطوة ستقوّي شعور تفكّك "حماس" وتساهم في الجهود المعقدة التي تشجّع نمو قوّة أُخرى، حتّى لو لم يكُن بصورة فورية.
  • خامساً، بسبب الردع الذي يشكّله هذا في كُل ما يخص اختباء قيادات "حماس" داخل الجمهور. وقد مرّرت إسرائيل رسالة واضحة فحواها أن استعمال المجتمع كملجأ إنساني ليس آمناً دائماً.
  • سادساً، لإيضاح أن الاتجاه الهجومي لإسرائيل لم يتوقّف، وأنها مصمّمة على الاستمرار في القتال حتّى تحقيق جميع أهداف الحرب.
  • سابعاً، هذه الخطوة توضح للولايات المتحدة ودول أُخرى وكُل من يريد إيقاف الحرب أن هناك فائدة وجدوى من استمرارها.
  • وحتى لو لم تكُن هذه واحدة من أهداف الحرب، فلا يجب التقليل من أهمية ومساهمة هذه العملية في رفع معنويات المجتمع في إسرائيل وتعزيز الثقة بالمؤسسة الأمنية بكل مكوناتها.
  • وعلى الرغم من ذلك، فمن المهم التذكّر خلال كتابة هذه الأسطر أن الصورة لم تتضح بشأن وضع الضيف. وبغض النظر عما إذا تم اغتياله أم لا، فإنه من المهم الإشادة بالمنظومة الأمنية والمستوى السياسي على هذه العملية وتنفيذها، ويجب الاستمرار في جهود اغتيال الضبّاط الذين تبقّوا وبدائلهم، وزيادة الضغط الميداني عبر عمليّات هجومية تدفع السكّان إلى التنقّل خارج مناطق القتال، وأيضاً عبر إلحاق الضرر المنهجي بالمؤسسات التي تشغلها "حماس" وتضمن استمرار حكمها. وسيكون من الصواب تسريع إقامة مناطق إنسانية تسمح بنزع السيطرة على المساعدات الإنسانية من "حماس" - وبغض النظر عما إذا كان هذا جزئياً أم كلياً - وزيادة الجهوزية في الضفة الغربية وخط التماس والاستمرار في العمليات المنهجية لمحاربة بؤر "الإرهاب" والقضاء على البنى التحتية للسلاح في هذه المنطقة.