قرار المحكمة في لاهاي يُلزم أيضاً الجامعات بالوقوف ضد الاحتلال
تاريخ المقال
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- سيكون لقرار محكمة العدل الدولية بشأن عدم قانونية السيطرة الإسرائيلية على المناطق الفلسطينية إسقاطات بعيدة المدى على الحياة الأكاديمية الإسرائيلية. وذلك بسبب تدخُّلها في المشروع الاستيطاني الذي يتعارض بشكل حاد مع مطلب عدم دعمه. ومن أجل احترام قرار المحكمة، سيتوجب على مؤسسات التعليم العالي في إسرائيل العمل على الفصل الواضح بين العمل الشرعي داخل حدود إسرائيل وبين العمل البحثي والاقتصادي، أو غيره، في المناطق الفلسطينية المحتلة.
- أقرّت المحكمة بشكل واضح أن السيطرة الإسرائيلية على المناطق المحتلة - ومن ضمنها قطاع غزة والقدس الشرقية - غير قانونية. وأُقرّ أن القوانين التي أقرّتها إسرائيل والسياسات التي تقوم بها، تخلق وضع ضمّ في الضفة والقدس الشرقية، إلى جانب فصل مطلق بين المستوطنين والتجمعات الفلسطينية، عبر أدوات فصل عنصري، وحتى أبارتهايد.
- هذا بالإضافة إلى أن المحكمة أقرّت أن الخروقات الخطِرة للقانون الدولي لا تتطرق فقط إلى الفلسطينيين كأفراد لهم حقوق - الحق في الحرية والأمان وحرية الحركة - إنما أيضاً الحق في تقرير المصير للشعب الفلسطيني برمته. إسرائيل تمنع التطور الاقتصادي والاجتماعي والثقافي وممارسة حقه في الاختيار الحر لمكانته السياسية، وفي البنود التي تتطرق إلى التعويضات التي يتوجب على إسرائيل دفعها للتعويض عن جزء من جرائمها طوال أعوام الاحتلال، فإن هذه البنود لا تتطرق فقط إلى إعادة الأراضي والأملاك، بل أيضاً إلى الأصول والمستندات التي صادرها الاحتلال من الأفراد والمؤسسات الفلسطينية - ومن ضمنها الأرشيفات.
- من المفهوم، ضمناً، أن دول العالم، وبينها إسرائيل، عليها أن تلتزم منذ الآن بالعمل، استناداً إلى هذا القرار، ونحن نأمل بأن نرى خطوات حقيقية تدفع إسرائيل إلى إنهاء الاحتلال. إلا إن هذه المسؤولية لا تقع فقط على الدول. البنود الواردة أعلاه توضح مسؤولية المجتمع الثقافي والأكاديمي عن تطبيق ما ورد فيها: وقف تمويل الأبحاث التي تجري في إطار خرق القانون الدولي، وتساعد على الإبقاء على الاحتلال والمستوطنات، أو تستغل الموارد الطبيعية والثقافية في المناطق المحتلة (ومن ضمنها الأبحاث المدعومة من الصندوق القومي للعلوم). وعليها أيضاً أن توقف المشاريع الأكاديمية في المستوطنات.
- هذا بالإضافة إلى أنه يجب إعادة الآثار إلى أصحابها، وأيضاً التحف الفنية التي تم الكشف عنها في إطار الحفريات غير القانونية، أو إخراجها من المتاحف على يد باحثين إسرائيليين في الضفة والقدس الشرقية وغزة. يجب خلق ظروف جديدة تسمح بإعادة ترميم وتطوير واستقلال الاقتصاد والثقافة للشعب الفلسطيني. تقترح جامعات كثيرة في العالم تقديم منح للطلاب والباحثين من غزة، بعد أن دمرت إسرائيل الجامعات هناك. هذه الإمكانية غير متوفرة للجامعات الإسرائيلية، لكن يجب المطالبة بوقف تدمير منظومة التعليم العالي الفلسطينية على الأقل، والذي يجري أساساً بسبب الاعتقالات الدورية للطواقم التعليمية، ومنع سفر الطلاب للمشاركة في مؤتمرات في الخارج، وفرض قيود على زيارات الأكاديميين من الخارج.
- كما يجب أن توقف المؤسسات الأكاديمية تعاوُنها مع الوحدات العسكرية التي تساهم في الاحتلال غير القانوني. ويجب أيضاً قطع العلاقة مع المؤسسة الأكاديمية في مستوطنة أريئيل فوراً - واستثناؤها من الأطر الرسمية لهيئة التعليم العالي ولجنة رؤساء الجامعات. فمنذ سنوات، يطالب المواطنون الفلسطينيون بإنشاء جامعة في مدينة فلسطينية، يمكن أن تشكل فرصة ممتازة لإصلاح الوضع.
- إدارة الجامعات منشغلة اليوم بالجهد من أجل وقف المطالبات بالمقاطعة الأكاديمية. وفي أعقاب القرار الحاسم للمحكمة والمؤسسات الأكاديمية والصناديق التي تدعم البحث، من المتوقع أن يتم اتخاذ قرارات تمنع التعاون مع المؤسسات الأكاديمية الإسرائيلية، إذا استمر تدخّلها في مشروع الاحتلال. وفي الوقت نفسه، إذا التزمت المؤسسات الأكاديمية في إسرائيل بالقانون الدولي، بمبادرة منها، فلن يكون هناك قرارات كهذه. وأكثر من التزام المؤسسات الأكاديمية الإسرائيلية بوقف كل النشاطات التي تخرق قرار المحكمة، سيكون عليها أن تكون على رأس المطالبين بوضع حد للاحتلال.
- لم يفُت الأوان للتذكير بأن الاحتلال هو أحد الأسباب المركزية لإفساد منظومات الحكم الإسرائيلي داخل الخط الأخضر وصعود الاتجاهات المعادية للديمقراطية التي تهدد منظومة التعليم العالي. وكخطوة أولى، نقترح تأليف طواقم، هدفها فحص معنى القرارات والالتزامات المشتقة منها بشأن المؤسسات الأكاديمية. كما يجب إشراك خبراء في القانون الدولي في هذه الطواقم في مجالات التاريخ والعلوم السياسية، وأيضاً خبراء في مجالات إعادة التأهيل والعدالة من كافة الشرائح المشاركة في الحياة الأكاديمية الإسرائيلية.