عرض نتنياهو في الكونغرس، لم يكن هدفه إنهاء الحرب، بل حشد التأييد لإطالة أمدها
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • نبدأ من الآخر: الهدف من جولة نتنياهو الحالية في واشنطن، بما في ذلك خطابه في الكونغرس، لم، ولن يكون مطلقاً من أجل الدفع بصفقة دبلوماسية تعيد المخطوفين الإسرائيليين، الذين ما زالوا أحياء، إلى منازلهم سالمين، صفقة تؤدي إلى إنهاء المعارك والمعاناة، بل الهدف هو تعبئة التأييد الداخلي الأميركي من أجل مواصلة الحرب. وحرفياً، إسرائيل بحاجة إلى السلاح، والإدارة الأميركية لا تزال تعرقل جزءاً منه. لقد جاء نتنياهو ليقوم بما يجيد القيام به: استخدام الضغط السياسي والشعبي على البيت الأبيض من خلال التوجه مباشرةً إلى مجلس النواب والعدسات الأميركية.
  • حاول نتنياهو في خطابه تصوير الحرب بأنها حرب عالمية، لا علاقة لها محلياً، حرب بين الحضارة والهمجية، على الطريقة الهوليودية، مع عبارات توراتية موجهة إلى أسماع المسيحيين والجمهوريين. بعدها شدد على الرسالة: إنها حرب بالوكالة بين إيران والولايات المتحدة. وإسرائيل تخوض حرب أميركا، وتدافع عن أميركا. حربنا هي حربكم، لذلك، فإن سلاحنا هو سلاحكم. أرسلوه لنا في أقرب وقت. لقد ذهب نتنياهو في وصفه إسرائيل بأنها دولة تعيش تحت الوصاية الأميركية، هدفها الدفاع عن مصالح أسيادها في المنطقة، الذين يتركونها من دون مساعدة عسكرية كافية.
  • إلى جانب سعيه للحصول على السلاح من تحت قبة الكابيتول، حاول نتنياهو في خطابه أيضاً الحصول على الدعم الأميركي ضد إجراءات المحاكم الدولية في لاهاي، والتي تهدده شخصياً، مع احتمال إصدار مذكرة توقيف في حقه ومنعه من التنقل بحُرية في العالم. بالإضافة إلى ذلك، طالب في خطابه بتبرير استمرار السيطرة الإسرائيلية على قطاع غزة، من دون حدود. وبعكس كذباته بأنه لا توجد نية إسرائيلية لإقامة مستوطنات في غزة، فإن ما يسميه نتنياهو نزع سلاح وسيطرة أمنية يمكن أن يتحول بسرعة إلى مستوطنات، عملياً. مثل الضم الفعلي الجاري في الضفة الغربية، أيضاً مستوطنات الأمر الواقع، تبدأ دائماً بمبررات أمنية.
  • لقد رافق قدر معين من البشاعة خطابات نتنياهو السياسية في أنحاء العالم. الأهمية الشخصية، والكليشيهات، والتبريرات الساذجة، وطبعاً، تكرار الرسالة المعروفة سلفاً، كل المعزوفة التي الغرض منها التأثير في القاعدة السياسية في إسرائيل، من دون تقديم أمور ذات مضمون وقيمة على الساحة الدولية. وفي الواقع، كل خطاباته في السنوات الأخيرة، يمكن كتابتها من خلال تطبيق الذكاء الاصطناعي، فهو يكرر نفسه من دون ملل، مثل روبوت معطوب. لذلك، ليس لخطاباته أهمية فعلية لأنها من عمل شخص أتقن فن إفراغ الكلمات من مضمونها.
  • لكن في هذه الأيام الصعبة، أصبحت رؤية مسرح الأكاذيب أكثر بشاعةً، وأكثر قمعاً من الماضي. وبسبب الحزن واليأس، لم يعد لدينا ذرة من السخرية. بعد تسعة أشهر من حرب مريعة ومنهكة، ومع العدد الكبير من القتلى والجرحى والمخطوفين والنازحين حتى الآن، وأمام ضخامة الحدث، لم ينجح نتنياهو في تحديث نموذجه السياسي والأمني الفاشل الذي أوصلنا، تحديداً، إلى هذا الوضع المزري.
  • وقمة البشاعة هي في الاستخدام الخبيث لعائلات المخطوفين وقصصهم، بينما هو يعرقل المفاوضات بشأن تحريرهم، ومع الأسف الشديد، هذا ما جرى، وترافق مع الأنباء بشأن العثور على جثامين مخطوفين. ويبقى نتنياهو هو نفسه، فهو لم ينسَ، لحظةً، التحريض والتفريق عندما وبّخ اليهود الذين تجرأوا على التظاهر ضد سياسة إسرائيل في غزة، واتهمهم، جميعهم، بأنهم من المؤيدين لـ"حماس" وإيران. وبذلك، يكون قد لمّح أيضاً إلى أن الإسرائيليين الذين يتظاهرون ضده في خارج القاعة تموّلهم إيران. وفي النهاية، لم ينسَ نتنياهو أن يدس بعض كلمات التملق لدونالد ترامب.
  • لكن الجزء الذي لا يقلّ أهميةً عن المشهد في الكونغرس هو الذي لم يكن موجوداً. التصفيق الحار يعطي انطباعاً أن نتنياهو يحظى بدعم من المعسكرَين، لكن عملياً، عشرات المشرّعين الديمقراطيين لم يأتوا للاستماع إلى الخطاب.
 

المزيد ضمن العدد