قضاة لاهاي: استخدام إسرائيل الموارد الطبيعية في الضفة الغربية يتعارض مع القانون الدولي
تاريخ المقال
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- إن تقرير محكمة العدل الدولية في لاهاي بشأن الآثار القانونية لاحتلال الضفة الغربية، يُعتبر فرصة لمناقشة استغلال القوة المحتلة للموارد الطبيعية، وهي مسألة ذات أهمية اقتصادية، لها إسقاطات عديدة على البيئة، وعلى جودة الحياة ما وراء الخط الأخضر.
- منذ بداية احتلال الضفة الغربية تقريباً، بدأت إسرائيل بالاستيلاء على الموارد الطبيعية واستغلالها بشكل ممنهج. بموجب تعريفات القانون الدولي، يحق للقوة المحتلة استخدام الموارد لإدارة المنطقة، وتخصيصها لحاجات السكان المحليين. ويجب أن يتم ذلك كلّه بطريقة تضمن الاستدامة، ولا تسبب ضرراً بيئياً. لقد تجاهلت حكومات إسرائيل هذه الشروط، وحصلت في هذه الحالة على دعم قانوني [من جانب الجهاز القضائي الإسرائيلي]. لقد ورد في التقرير أن "هناك أدلة على أن إسرائيل تستغل الموارد الطبيعية، بما في ذلك المياه والمعادن والموارد الأُخرى لمصلحة سكانها على حساب السكان الفلسطينيين".
- استولت إسرائيل أيضاً على إدارة مصادر المياه، باستخدام شركة "مكوروت" الحكومية، بصورة تتيح توفير المياه بكميات سخية للمستوطنين، وكميات أقل للفلسطينيين. بالإضافة إلى ذلك، هناك الاستيلاء المستمر للمستوطنين على الينابيع، وهو أمر لا يتطرق إليه التقرير. إذ يقوم المستوطنون بالاستيلاء على الينابيع، خلافاً للقانون ومن دون موافقة الإدارة المدنية، ومع ذلك، فإنه لا يتم بذل أي جهد من أجل وقف عمليات الاستيلاء هذه.
- بالإضافة إلى ذلك، استولت إسرائيل على جزء كبير من الأراضي الزراعية الواقعة في منطقة غور الأردن، وهي مخصصة الآن لاستخدام المستوطنات في المنطقة. وفي مناطق أُخرى، تم طرد الفلسطينيين من الأراضي الزراعية، وسُلمت للمستوطنين. ونتيجة ذلك هو أن القطاع الزراعي - الذي كان في سنة 1980 يمثل أكثر من ثلث الناتج المحلي الفلسطيني ما وراء الخط الأخضر– تقلص إلى 4% من الناتج المحلي الفلسطيني، بعد مرور 40 عاماً.
- إن جميع المعادن التي يمكن استخراجها في منطقة البحر الميت قد باتت، تقريباً، تحت سيطرة المجالس الإقليمية المسؤولة عن المستوطنات. أمّا الفلسطينيون، فتم إقصاؤهم تماماً عن المنطقة؛ في أقصى الحالات، يمكن لهؤلاء زيارة محمية "الفشخة" بين الحين والآخر. ولدى مناقشة مستقبل البحر الميت، تتم دعوة رؤساء المجلس الإقليمي "مجيلوت"، الذي يقع ما وراء الخط الأخضر، في حين لم يخطر في بال أي جهة تخطيطية حتى اليوم إشراك الفلسطينيين في التخطيط لمستقبل موارد المنطقة.
- أحد الأمثلة البارزة لاستغلال الموارد الطبيعية لمصلحة الاقتصاد الإسرائيلي بصورة تتعارض تماماً مع القانون الدولي، هو الرخصة التي مُنحت لشركات إسرائيلية لإنشاء وتشغيل كسّارات الحجارة الواقعة ما وراء الخط الأخضر. وقدمت جمعية "يش دين" الحقوقية التماساً للمحكمة العليا قبل 15 عاماً ضد هذا النشاط، لكن المحكمة ردّت الالتماس، وأتاحت تشغيل الكسارات القائمة، وفرضت قيوداً على فتح كسارات جديدة. تعمل الكسارات القائمة اليوم في المنطقة C التي تمنع إسرائيل الفلسطينيين فيها من تشغيل مواقع حفر. وتوفر الكسارات الواقعة ما وراء الخط الأخضر اليوم نحو 40% من الحصى اللازم لقطاع البناء في إسرائيل.
- قضت المحكمة، بناءً على المعلومات عن استغلال الموارد الطبيعية، أن دولة إسرائيل تعمل بصورة لا تتسق مع الالتزامات المفروضة على قوة الاحتلال، في إطار القانون الدولي. إذ تبرر إسرائيل استخدام هذه الموارد بالحاجة إلى تلبية حاجات سكانها المقيمين بالمستوطنات. لكن في المقابل، تقول المحكمة إن هذا الادعاء لا يوجد أساس قانوني له، لأن مسألة نقل السكان الإسرائيليين للاستيطان ما وراء الخط الأخضر، هي مسألة تتعارض، بذاتها، مع القانون الدولي أيضاً.
- فيما يتعلق بالمياه، تدّعي إسرائيل أنها توفر الكمية المطلوبة، وفقاً لاتفاقات أوسلو. لكن المحكمة تفسّر أن هذا الاتفاق لا يمكن أن يعفي إسرائيل من الالتزام بتوفير المياه للفلسطينيين بكميات ونوعية مناسبة لمختلف الحاجات.
- تقوم الوثيقة الصادرة عن محكمة العدل الدولية في لاهاي بتفصيل بعض الطرق التي تستخدمها إسرائيل لاستغلال الموارد الطبيعية والبيئية ما وراء الخط الأخضر، وليس كلها. إحدى هذه الطرق تتمثل في تطوير منشآت الطاقة المتجددة على نطاق واسع في الأراضي في غور الأردن. إن إيرادات تشغيل هذه المنشآت تصل إلى المستوطنين فقط. وهذه العملية ستؤدي إلى طرد تجمّع رعوي فلسطيني واحد على الأقل من المراعي التي أُنشئت عليها مرافق توليد الطاقة. هناك طريقة أُخرى تتمثل في تحويل الأراضي في الضفة الغربية إلى مواقع لمعالجة النفايات، وجلب النفايات من داخل الخط الأخضر. إذ يعمل في الضفة الغربية، حالياً، أكبر موقعين لمعالجة الحمأة (بقايا عملية تنقية مياه الصرف) والنفايات العضوية. والإسرائيليون هم المالكون الوحيدون، والمستفيدون الوحيدون من العائدات المالية لهذه المشاريع.
- يمكن للمرء، في كل زاوية من الضفة الغربية، سماع ضجيج الحفّارات والآليات الثقيلة التي تعمّق وتوسّع الاحتلال. ومعها يتردد صدى الحائط الذي تضرب به إسرائيل التزاماتها بالقانون الدولي وحقوق السكان الواقعين تحت احتلالها.