دراماتيكي جداً: اغتيال هنية ضرب عصفورين بصاروخ واحد
تاريخ المقال
المصدر
- فقدت إسرائيل أكثر من 1400 قتيل، و251 من المخطوفين في السابع من تشرين الأول/أكتوبر، وقناعات ساذجة كانت ملتزمة بالرؤى المختلفة. فقدت إسرائيل أحد أهم الأسلحة في ترسانة أسلحتها - الردع. إذا اعترفنا بهذا، فإن الردع الإسرائيلي استُنزف، بمرور الوقت، في السنوات الأخيرة، وكان هذا واضحاً للعيان.
- في تموز/يوليو 2023، توجّه أمين عام حزب الله حسن نصر الله إلى الجمهور اللبناني، وفي الوقت نفسه، إلى المحور الشيعي الداعم لإيران، وهما جمهوران مختلفان عملياً، ولفت النظر إلى ما طُرح على أنه حقيقة: الردع الإسرائيلي لم يعد موجوداً. إسرائيل فقدت قدرة الردع. هذه المقولة ستشكل الخطوة الأولى في سلسلة خطوات، تتمثل إحداها بتنفيذ عمليات "إرهابية" من أصعب العمليات التي شهدتها الدولة، هجوم "حماس" يوم 7 تشرين الأول/أكتوبر، الذي أدخل إسرائيل إلى حرب على 7 جبهات بدرجات قوة مختلفة.
- الأهداف المعلنة في هذه الحرب، إسرائيلياً، هي: إعادة المخطوفين، تفكيك "حماس"، أو على الأقل، نزع قدراتها العسكرية والسلطوية، وتفكيك التهديدات الفورية من المحور الداعم لإيران، وعلى رأسه حزب الله. لكن هناك هدفاً آخر لا يتم الحديث عنه كثيراً، وهو الهدف الأعلى للحرب: استعادة الردع الإسرائيلي.
- يمكن القول إن الاغتيالات الأخيرة التي استهدف أحدها قائد هيئة أركان حزب الله فؤاد شُكر، رداً على سقوط الصاروخ في مجدل شمس ومقتل 12 طفلاً (وجرح 34 آخرين بدرجات متفاوتة)؛ واغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية، هي خطوات منطقية في هذا الاتجاه، من وجهة نظر استراتيجية. بالإضافة إلى اعتباره اغتيالاً للرقم 1 في حركة "حماس"، فإن المكان الذي تم فيه، شقة سرية تابعة للحرس الثوري في شمالي طهران، هو مهم جداً.
- كتب كثيرون أنه لا يمكن إلحاق الضرر برؤساء "حماس"، ما داموا مقيمين بقطر وتركيا، وفعلاً، إن سبب اغتيال هنية في طهران، وليس في الدوحة، أو أنقرة، واضح...
- في نظر إسرائيل، إن اغتيال هنية في طهران بشكل خاص هو اغتيال استراتيجي يصيب عصفورين بصاروخ موجّه حراري واحد: استهداف قائد كبير جداً في "حماس"، وأيضاً رسالة واضحة لطهران - بأنها ليست في مأمن، وإذا استمرت في استضافة التنظيمات "الإرهابية"، فإنها أيضاً ستدفع ثمناً داخلياً. من المؤسف فقط أنه لم يكن من الممكن استغلال الفرصة من أجل اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي زياد النخالة الذي كان في طبقة أُخرى من المبنى نفسه، بعد احتفالية تنصيب الرئيس الإيراني الجديد - مسعود فزشكيان.
- وعلى الرغم من ذلك، فإن اغتيال هدف مهم كهذا في طهران سيكون له إسقاطات دراماتيكية. لن يتأخر الردّ الإيراني، بحسب المرشد الأعلى علي الخامنئي، الذي تمنى لإسماعيل هنية في لقائهما الأخير المصور "حياة طويلة"، وتوعد إسرائيل بردّ قاسٍ جداً من إيران. وفي الوقت نفسه، يتوعد المسؤولون في حزب الله بردّ كبير على اغتيال فؤاد شُكر. وأيضاً، جميعنا ننتظر ردّ الحوثيين على الهجوم على ميناء الحُديدة قبل 10 أيام، لكن بسبب تعاقب الأحداث في منطقتنا، يبدو كأنه جرى قبل أشهر طويلة.
- وطبعاً، فإن حجم النجاح الإسرائيلي الكبير يترافق مع حجم الإدانات له - وبالإضافة إلى إيران والسلطة الفلسطينية اللتين دانتا اغتيال هنية، كان هناك ردود كثيرة أُخرى، وخصوصاً من محور المقاومة، أو الدول الداعمة لهذا المحور. الصين: "نحن ندين هذا الاغتيال وقلقون من أن يؤدي إلى تصعيد إضافي في المنطقة"؛ روسيا التي تستضيف زعماء "حماس" بين الحين والآخر، يبدو أنها قلقة، ولذلك، أصدرت بيان إدانة أولياً: "ندين هذا الاغتيال السياسي البشع"؛ وتركيا، بما معناه أردوغان: "إن اغتيال زعيم ’حماس’هنية يثبت للعالم مرة أُخرى أن إسرائيل غير معنية بالسلام". والسؤال الذي يُطرح - سلام مع مَن؟ إن كان مع "حماس"، فأردوغان محقّ بشيء - لا يوجد لدى إسرائيل أيّ نية بشأن التوصل إلى سلام مع "حماس".
- وبدلاً من ذلك، لدى إسرائيل نية باستعادة الردع، وهذا له ثمن، وهو ثمن نشعر به جميعاً، ألا وهو تأثير الاغتيال الدراماتيكي في مصير صفقة التبادل والمخطوفين. ففي منظومة الحسابات الشاملة، لا يمكن الآن توقُّع كيفية ردّ السنوار على اغتيال هنية. يمكن التقدير، بحذر، أن الاغتيال سيجمّد المفاوضات وقتاً محدداً، لكن في المدى الطويل، يمكن أن يسمح بالتوصل إلى صفقة في ظروف أفضل. مثلاً، صفقة تتضمن إطلاق جميع المخطوفين، وليس جزءاً منهم. المؤسف أنه في الوضع الحالي، يمكن ألاّ يتمكن المخطوفون من الصمود في المدى البعيد. القرارات صعبة، والنتائج، كما هو متوقَّع، ستكون دراماتيكية.