الأميركيون يصدقون غالانت وهم يعرفون السبب
المصدر
قناة N12

موقع إخباري يومي يضم، إلى جانب الأخبار، تعليقات يكتبها عدد من المحللين من الشخصيات الأمنية السابقة، ومن المعلّقين المعروفين.

المؤلف
  • إسرائيل لديها فرصة ثانية، ويبدو أنها الأخيرة، في مخرج سياسي من شرك الحرب الذي وجدت نفسها فيه، والتي تديرها بطريقة سياسية، من دون توجُّه، أو أهداف واضحة.
  • الوضع الحالي هو وضع انتظار محرج، بالنسبة إلى إسرائيل التي تتعرض للقصف من الشمال والجنوب، حتى بعد عشرة أشهر من القتال. صحيح أن إسرائيل حققت إنجازات تكتيكية لأن الجيش الإسرائيلي يعرف كيف يقاتل، لكن الوضع يشير إلى أن عدم استرجاع الردع واستمرار الوضع على ما هو عليه سيؤدي إلى تآكل هذه الإنجازات، ولن يحقق الحسم في أيّ ساحة.
  • وفي الواقع، باستثناء إطلاق الشعارات الفارغة، فإن الحكومة تختبىء وراء عمليات الجيش الإسرائيلي. فهي لا تعطي التوجيهات، وتبدو منقطعة تماماً عن الواقع، وعن الكابوس الذي يعيشه المواطنون في الشمال، وفي الجنوب. حالياً، يعيش الإسرائيليون جميعهم خوفاً كبيراً. وحالياً، الحرب تخدم الحاجات السياسية للحكومة، على حساب المواطنين الإسرائيليين الذين يدفعون الثمن الكامل لقاء صورة السياسيين الذين يتنافسون فيما بينهم. الإمساك بزمام الأمور جعل الحكومة الحالية غير مبالية تماماً بالثمن الذي يدفعه المواطنون والدولة، وهي تتجاهله تجاهلاً مطلقاً.
  • مَن يقرأ الوضع المقلق جيداً هو الرئيس بايدن. وانطلاقاً من عدم ثقة كاملة بنتنياهو، قرر إنقاذ إسرائيل من الورطة مرة أُخرى، وبنى حولها غطاءً ائتلافياً مهماً في مواجهة إيران، من دون أن يوفر تهديداته للنظام في طهران. وهذه الخطوة ليست ثمرة مساعي رئيس الحكومة، بل بالعكس. لقد قرر بايدن اتخاذ موقف المسيطِر والمهدِّد، مع عشرات السفن البحرية، من أجل منع نشوب مواجهة إقليمية لأنه لا يعتمد على نتنياهو وحساباته، ولا يريد اشتعال المنطقة خلال الانتخابات الأميركية. وهو يفعل ذلك بخلاف الرأي العام الأميركي الذي تغيّر نحو الأسوأ إزاء إسرائيل، هناك أغلبية تساوي 60% في الولايات المتحدة ضد تقديم مساعدة مباشرة لإسرائيل. والأغلبية الساحقة التي حظيت بها إسرائيل في بداية الحرب تحولت، بمرور الوقت، إلى أغلبية ضدها.
  • حملة التملق لترامب التي قادها نتنياهو تلقّت صفعة مدوية منه في صورة "وقف" واضح للحرب. كما تلقى صفعة جدية من بايدن والرئيسة العتيدة هاريس. يقول حاضرون في البيت الأبيض إن صراخ بايدن على نتنياهو كان أعلى صراخ سمعوه منه في حياته كسياسي. رئيس الحكومة الذي لا تهمه إعادة المخطوفين، يحظى بالازدراء الكامل والمفهوم من رئيس الولايات المتحدة، ومن كل رئيس آخر.
  • الإنجاز الوحيد لزيارته للولايات المتحدة كان التصفيق الذي حظيَ به، والذي حاول أن يغطي من خلاله على عشرات المقاعد الخالية من أعضاء الكونغرس الديمقراطيين. لكن هذا لا يثمر شيئاً. وما من دولة في العالم مستعدة، حالياً، لدعوة نتنياهو إلى زيارتها. الطرف الوحيد الذي تثق به واشنطن هو يوآف غالانت، وطبعاً، رئيس هيئة الأركان هرتسي هليفي. وبناء الائتلاف الحالي يعتمد على التنسيق الكامل معهما فقط.
  • هناك كلمة عن جدعون ساعر: هل يعتقد فعلاً أنه استناداً إلى بعض الجمل التي قالها بشأن موضوع الأمن، يمكنه أن يصبح وزير دفاع خلال الحرب؟ حتى كسياسي، هو لا يحصل على علامة عالية، بعد أن اختار مرةً وضع ثقته بنتنياهو، بينما يبدو غالانت الوحيد الذي لديه معرفة بحاجات الواقع الأمني.
  • بافتراض أن الجولة الحالية من التصعيد لن تكون دراماتيكية، وفي استطاعة إسرائيل احتواء نتائجها، فإننا سنعود، تحديداً، إلى النقطة التي كنا فيها، قبل "مجزرة" الأولاد والاغتيالات. وسنعود إلى حرب الاستنزاف نفسها التي أنهكت إسرائيل منذ أكثر من 10 أشهر، والتي تحولت إلى أمر روتيني مريع يرافقه يأس عام. "النصر المطلق" الذي اخترعه نتنياهو في كانون الثاني/يناير، بعد تعافيه من صدمة أكتوبر، يؤدي إلى إطالة الوقت وتآكل إنجازات الجيش الإسرائيلي في غزة، الواحد تلو الآخر.
  • وفي غياب التوجه وعدم تحديد موعد لانتهاء الحرب، وفي ظل عدم الحسم في الشمال، حيث تخلينا، للمرة الأولى في تاريخنا، عن المستوطنات في الجليل، الأمر الذي من المرجح أنه يجعل الآباء المؤسسين يتقلبون في قبورهم، وفي مواجهة التصعيد المتزايد في شمال الضفة الغربية، وفي ضوء عدم وجود ردع إقليمي، تنشغل هذه الحكومة الآثمة بمسألة مَن يتراجع أولاً، ومن "الأكثر رجولة" في التصريحات النارية، ولهذا تستمر الحرب، ولا تجري إعادة المخطوفين.
  • ونظراً إلى أن خطة نتنياهو، التي تتمثل في كسب الوقت والرهان على ترامب، انقلبت رأساً على عقب، وعلى ما يبدو، سيكون للولايات المتحدة أول رئيسة في التاريخ، يتعين على نتنياهو أن يعيد فوراً التفكير في خطته المرفوضة، التي تضحّي بالمخطوفين، ويدفع الجنود ثمنها من حياتهم، وتستمر في تدمير اقتصاد إسرائيل ومجتمعها.