العملية في تل أبيب لم تكن محاولة فاشلة، إنها درجة إضافية
تاريخ المقال
المصدر
- لم تكن العملية التي حدثت أول أمس (الأحد) محاولة فاشلة، بل عملية خطِرة كان يمكن أن تكلّفنا حياة عشرات الإسرائيليين، وعلى "الشاباك" والمستوى الأمني - السياسي التعامل مع هذا الحدث كعملية "انتحارية" ناجحة، كان يمكن أن تنتهي بكارثة كبيرة. لقد نجح المنفّذ في اختراق دولة إسرائيل، وهو يحمل معه عبوة ناسفة شديدة الانفجار، وكاد ينجح في قتل عشرات الإسرائيليين وزرع الهلع والصدمة في أواسط سكان إسرائيل.
- منذ بدء الحرب الحالية، تم إحباط 1100 عملية، بمعدل 2.5 عملية في اليوم الواحد، بينها عمليات إطلاق نار وعبوات ناسفة وطعن وخطف، وتم اعتقال 4700 مطلوب في الضفة الغربية. وفي 11/3/2024، مع بدء شهر رمضان، قام مقاتلو دفدوفان و"الشاباك" باغتيال محمد جبر، استناداً إلى معلومات استخباراتية، وهو من سكان جنين، وكان في طريقه إلى تنفيذ عملية "انتحارية" في إسرائيل، وكان يحمل سلاحاً وعبوة قوية جداً جاهزة للتفعيل.
- لكن على الرغم من الإحباطات والنجاحات، فإن "الشاباك" غير معصوم عن الخطأ والفشل، مثلما فشل في 7 تشرين الأول/أكتوبر، وفي عمليات أُخرى قُتل فيها إسرائيليون، وفشل أيضاً أمس.
- إن أعضاء "الشاباك" في حالة تأهُّب دائمة؛ فالتنظيم يتعامل مع شبكة واسعة من التهديدات "الإرهابية" في جبهات كثيرة، ويقوم بأعمال تجسّس وحماية، وفي هذه الأيام، أعضاؤه متأهبون إلى أقصى حد.
- ويركز عشرات الموظفين والمدراء من وظائف عديدة جهوداً استخباراتية من أجل فهم العملية، ويحاولون معرفة هوية "المخرب الانتحاري"، وملاحقة أيّ خلية، ومعرفة التنظيم الذي يقف وراء العملية، والمنطقة التي جاء منها، وأيضاً الكشف عن "المخرب" الذي جنّد "الانتحاري"، والوصول إلى مهندس المواد المتفجرة والمختبر الذي يتم فيه تجهيز المتفجرات، ومَن أقلَّ "المخرب"، وغيرها من الأمور.
- لقد وصل المنسقون في "الشاباك" إلى ساحة العملية فوراً، إلى جانب شرطة إسرائيل ومختبر الفحص الجنائي، وهُم يقومون بأعمال مكثفة؛ يجمعون المعلومات من ساحة العملية، ويحاولون معرفة هوية المشتبه فيه، عبر الوصول إلى وثائق، أو بطاقة هوية، ويتفحصون نوع المتفجرات، ويستجوبون الشهود، ويحاولون الوصول إلى كاميرات الشوارع، بالإضافة إلى مهمات استخباراتية أُخرى.
- وفي الوقت نفسه، يقوم منسّقو "الشاباك" في المناطق الفلسطينية باستدعاء مصادرهم، ويحاولون رسم صورة للمنفّذ، ويرسلونهم للبحث عن خيمة عزاء، ويركزون الجهود على "المخربين" في منطقة معينة، بالإضافة إلى مهمات أُخرى. أمّا الاختصاصيون في التكنولوجيا، فيستعينون بأدوات تكنولوجية متعددة من أجل جمع المعلومات عن الحادثة، ويتم تجميع جميع المعلومات الاستخباراتية في غرفة عمليات خاصة تعالج وتحلل، وتُخرج مهمات وتوجيهات أُخرى إلى "الشاباك".
السلاح يتدفق
- تضاف عملية شارع "ليحي" إلى عمليات كثيرة، قُتل فيها إسرائيليون، فدولة إسرائيل تتعرض لهجوم "إرهابي متنوع" منذ 100 عام، وحتى قبل إقامتها.
- لقد مر "الإرهاب" الفلسطيني بحالة "تطور إرهابي"، من إلقاء حجارة وطعن، بدأت قبل عشرات الأعوام، وعزز قدراته وقوته، وتسلّح بسلاح جديد وقوي، كما يحصل على تمويل من إيران، التي تهرّب أيضاً، وتزود التنظيمات "الإرهابية" في غزة والضفة بالسلاح والعبوات القوية جداً، والتي تصل إلى الضفة الغربية عبر الحدود الشرقية المخترَقة، وهذه المشكلة يجب إيجاد حل أمني - سياسي لها.
- "قم إلى مَن يريد قتْلك واقتله"؛ منذ أعوام طويلة، امتنعت دولة إسرائيل من المبادرة، واختارت الرد وضرب أعدائها، فقط بعد أن "امتلأت كأس الدم"، ولهذا السبب، فَقَدَ آلاف الإسرائيليين حياتهم، ومن الأمثلة لذلك حملة "السور الواقي"؛ حين دخل الجيش إلى الضفة الغربية، فقط كرد على عملية "انتحارية" في فندق بارك في نتانيا (30 قتيلاً) ومئات القتلى الإسرائيليين قبل ذلك بأشهر طويلة.
- إن العدو من حولنا لن يتخلى عن فكرة قتل اليهود وإبادة دولة إسرائيل، وبصفتي منسقاً للشاباك، قاتل أعواماً طويلة ضد "الإرهاب" الفلسطيني، قال لي كثيرون من "مخربي حماس" وغيرهم: "إن لم يُبِدْكُمْ هذا الجيل، فسيبيدكم الجيل القادم، أو الذي بعده..." هذا أيضاً ما قاله لي في يوم من الأيام الشيخ صالح العاروري، المسؤول الكبير في "حماس" الذي تم اغتياله في لبنان.
- علينا العمل بقوة كبيرة من أجل التوصل إلى الردع الذي سيستمر أعواماً طويلة، بحسب المبادئ التالية:
الاعتراف بالواقع والإدراك أن المشكلة دينية وليست جغرافية
- على دولة إسرائيل أن تعلن أن المشكلة وجودية واستراتيجية، وأن السبيل إلى محاربة "الإرهاب" ممكن بالأدوات الموجودة لدى الدولة. يجب أن تكون الحرب حاسمة ومستمرة وشاملة ضد "الإرهاب" الذي يُعتبر شاملاً أيضاً.
المبادرة، والاستمرار، والهجوم
- يجب تطبيق مبدأ "الاستمرارية الإحباطية"، وهو الهجوم والإحباط كل مرة يتم فيها الحصول على معلومات استخباراتية، ويكون هناك قدرات لنجاح العملية، وليس فقط كحركة رد، أو خلال حرب. والاغتيالات هي إحدى الأدوات الأكثر أهميةً لدولة ديمقراطية في القتال ضد تنظيمات "إرهابية".
إصابة البنى وجهود تعاظُم القوة
- يجب ضرب كل ما هو تابع للتنظيم "الإرهابي"؛ مخازن الأسلحة، والقواعد العسكرية، ومصانع تصنيع السلاح، والمركبات، والأدوات، وأيضاً استهداف مهرّبي السلاح وتجّاره وغيرهم.
على الصعيد القانوني
- يؤمن العالم الحر بقيم الأخلاق والديمقراطية وحقوق الفرد، والقيم التي لا يمكن إيجادها في أواسط التنظيمات "الإرهابية" الإسلامية التي تستغل القيود القانونية التي تفرضها الدول الديمقراطية على نفسها، وتقاتل "الإرهاب". لذلك، على دولة إسرائيل العثور على أدوات إضافية للحرب ضد التنظيمات "الإرهابية"، مثل:
- اعتقالات واسعة وعقاب غير متسامح مع كل مَن له علاقة بـ"الإرهاب" (كالناشطين والمساعدين والمموّلين والمحرضين وغيرهم).
- تشريع قوانين بشأن طرد عائلات من لهم علاقة، ويشجعون ويحرضون، فعدد "المخربين" الذين يخرجون لتنفيذ عمليات، بعد أن يعلموا أن عائلاتهم ستُطرد إلى غزة، قليل جداً.
- وضع حد عقوبة عالية، استناداً إلى القانون الدولي، وبناء مراكز اعتقال إضافية.
- وقف تمويل "الإرهاب"، واعتقال الصرافين، وممولي "الإرهاب".
- على السلطة الفلسطينية، أو عائلات المعتقَلين، تمويل وجود "المخربين" في السجن الإسرائيلي.
التربية والتحريض
- يجب تغيير مناهج التعليم في العالم العربي التي تنادي بكراهية اليهود. هذا ما جرى في الدول العربية المعتدلة التي أجرت تغييرات في مناهج التعليم، ولا سيما تلك التي تحرّض ضد اليهود ودولة إسرائيل. كما يجب العمل بنشاط ضد القيادات العربية المحرّضة وفرض غرامات عليها، وعقوبات سجن كبيرة.
التعاون الدولي
- على دولة إسرائيل العمل بنشاط من أجل تقوية التعاون الأمني والسياسي مع الدول العربية المعتدلة، ودول غربية، وأساساً مع الولايات المتحدة، فالتعاون الاستراتيجي ضروري على الصعيد العملياتي، وأيضاً على الصعيد الدبلوماسي، من أجل ضمان نضال فعّال وغير مهادِن ضد "الإرهاب" الإقليمي والعالمي.