نتنياهو قضى على الآمال بالتوصل إلى صفقة تبادُل للمخطوفين، بخطاب بليغ وصدر منفوخ
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • بدأت 3 نشرات إخبارية، أمس، بتقارير مفجعة من جنازة هيرش غولدبرغ بولين في القدس [المخطوف الإسرائيلي الذي يحمل الجنسية الأميركية، والذي انتُشلت جثته من القطاع]. بعدها فوراً، عقد رئيس الحكومة مؤتمراً صحافياً غير عادي. يجب الاعتراف بأن ظهوره كان أفضل من المتوقع، وفعالاً بالنسبة إلى جمهور معين، لكن أقلّ فخامة من السابق. وهو أيضاً طلب المغفرة من عائلات المخطوفين الذين قُتلوا، وهو أمر لم يفعله قط.
  • لكن في الخلاصة، كان ظهوره مخيفاً وفاجعاً بالقدر نفسه لأنه قضى على الآمال التي تعتمل في قلوب أغلبية الإسرائيليين بالتوصل إلى صفقة، الصفقة الوحيدة المطروحة على الطاولة. لقد شرح، ببلاغة ولباقة، لعائلات المخطوفين، وللمخطوفين أنفسهم (إذا كانوا يسمعونه)، أنه لن يتخلى عن محور فيلادلفيا، وتعهّد أنه سيعاقب "حماس" على مقتل المخطوفين الستة. وبدلاً من التفكير في كيفية الحؤول دون مقتل آخرين، رأيناه يغضب، وينفخ صدره، ويصرخ: انتظروا ما سيحدث لاحقاً.
  • لقد عاد إلى أسلوبه، تقديم عرض مع رسوم توضيحية وعصا. وعرض مشكلة فيلادلفيا كمعلّق أمني من مستوى وسط في جامعة، وليس كرئيس للحكومة خلال الـ15 سنة الأخيرة. فتجاوزت الأكاذيب والتضليل والتلاعب بالحقائق كل الحدود الممكنة. لقد دعا إلى الوحدة، بعد أن اتهم، في الساعات الماضية، رئيس "الهستدروت" بمساعدة "حماس" والسنوار. وألغى موقف كل المسؤولين الرفيعي المستوى في المؤسسة الأمنية من البقاء في محور فيلادلفيا، بعد أن تجاهل التحذير الواضح من الحرب، قبل أسابيع من "المجزرة"، مثلما تجاهل تحذير الاستخبارات العسكرية من نيات "حماس". قبل عام. 
  • غابت عن عرض نتنياهو تفاصيل هامشية: تأييده لحركة "حماس" في مقابل إضعافه السلطة الفلسطينية وتفكيكها؛ تحويل مليارات الشيكلات إلى غزة، والتي استُخدمت في حفر الأنفاق والسلاح؛ رفضه الصارم لاغتيال يحيى السنوار، ورفضه احتلال محور فيلادلفيا خلال عملية "الجرف الصامد" [2014]، بعكس مطالبة نفتالي بينت.
  • نتنياهو، لا يرمش له جفن، مثل الكذابين المرضيين الذين يصدقون كذبتهم، في تكرار لكذبة معارضته خطة الانفصال عن غزة [العائدة إلى سنة 2005]، التي عاد إلى تأييدها قبل أسبوع من تنفيذها. وأخرج مذكرة قال إن مسؤولين كبار في "حماس" كتبوها، وتضمنت تفاصيل خطة لاستخدام الضغط على وزير الدفاع، وعلى استديوهات الأخبار. وهذه المذكرة المشكوك فيها، سبق أن عرضها عميت سيغل [معلّق صحافي] في كانون الثاني/يناير، وحتى اليوم، لا يعرف أحد في المنظومة الأمنية مَن وراءها ومدى صدقيتها. ما الذي يستفيده رئيس الحكومة من عرض هذه المذكرة؟ هل معنى ذلك أن وزير الدفاع واستديوهات الأخبار يساعدان "حماس"، وهما من عملائها؟
  • وأخطأ في سياق كلامه ما بين 7 أكتوبر و9 أكتوبر. ويمكننا أن نتخيل ماذا كان سيفعل مؤيدو نتنياهو لو فعل هذا نفتالي بينت، أو يائير لبيد، أو بني غانتس، كانوا سينصبون المشانق خارج منازلهم. وكيف يمكن الخطأ في مثل هذا التاريخ؟ ومَن يمكن أن ينساه، بعد 50 عاماً، أو 100 عام؟ من المبكر أن ننساه، أليس كذلك؟ تكلم نتنياهو في عرضه بالتفصيل عن كل سنتيمتر في الخريطة من أجل إقناعنا أن محور فيلادلفيا هو حجر الأساس في الأمن الإقليمي. طوال 8 أشهر، لم يتحدث عن هذا المكان. وطوال أشهر، تردد فيما إذا كان يجب الوصول إلى جنوب القطاع. في تموز/يوليو، وبعد انتكاسات مقصودة منه في الاتصالات مع "حماس"، اكتشف الكأس المقدسة: فيلادلفيا.
  • بعد مقدمة طويلة وهادئة، عادت مظاهر جنون العظمة والنرجسية لدى نتنياهو إلى الغليان. وردّاً على سؤال، لماذا خفّض القوات في فيلادلفيا؟ ردّ بعجرفة على الصحافي "أنت كنت في الجيش"، مبدياً اهتمامه بماضيه العسكري. وبشأن الاتهامات التي وجّهتها إليه عائلة دنينو التي قُتل ابنها مع المخطوفين الستة، ردّ نتنياهو قائلاً "أنا فرد من هذه العائلة"، ولم يخجل من القول "إنني أتفهم ألمهم، وهو أمر لا يفهمه الآخرون، لكنني أفهمه." مرة أُخرى، أنا وأنا وأنا.
  • كان هناك "أنا" أُخرى، وهي الأكثر إثارةً للغضب. "أنا الرقم واحد في إطلاق سراح المخطوفين،" ويضيف "حتى إنني أُصبت بجروح." (مذكّراً بحادثة إصابته بجروح طفيفة عندما اخترقت رصاصة جسد "مخرب" وجرحت ذراعه).  وتابع "أسلوبي في العمل هو الشدة والضغط، وهذا هو السبيل الصحيح". كيف يمكن أن يكون صحيحاً؟ 27 مخطوفاً لقوا حتفهم في قطاع غزة، جرّاء عمليات الجيش الإسرائيلي. كيف يمكن لنتنياهو الادعاء أن أسلوب عمله يصبّ في مصلحة المخطوفين؟ كم شخصاً يجب أن يموت، قبل أن يضرب شيئاً رأسه الواهم ولغة الأكاذيب؟ 50؟ 70؟ أو كلهم؟