كالعادة، مرة أُخرى، يبدو أن الإسرائيليين لا يفهمون إلّا بلغة القوة
تاريخ المقال
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- يُعتبر ما يحدث في الضفة، وإمكان عودة العمليات الانتحارية إلى مراكز المدن، التطور الأكثر إثارةً للقلق خلال الأيام الماضية. فبحسب إحاطات الجيش، منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر، تقف عملياته مع "الشاباك" سداً أمام "الإرهاب" الذي سيندلع. مئات الحملات العسكرية، وآلاف المعتقلين، ومئات "المخربين" القتلى، والمخاطرة بحياة الجنود كل ليلة. في أفضل الأحوال، هذا مجرد وصف سطحي للوضع.
- من الواضح أنه يتم اعتقال "مخربين"، لكن يجب التشكيك أيضاً في الاعتقالات الجماعية. من المعروف أنه يجري عدد كبير من الاعتقالات بسبب أمور صغيرة جداً، مثل منشور في "فايسبوك"، أو كلام قالوه. هذه الاعتقالات أدت فقط إلى ضرر ومراكز كراهية. لكن المهم أن الجيش في غزة يسمح لنفسه بالذهاب بعيداً في الضغط من أجل التوصل إلى صفقة تبادُل، وهناك رسالة علنية وغير مسبوقة من رئيس هيئة الأركان وهيئة الأركان والرتب الأدنى، بشأن الحاجة إلى صفقة تبادُل أسرى والاستعداد للتنازل والانسحاب من محور فيلادلفيا - أمّا في الضفة، فإن الرسالة الرئيسية تتمثل في مزيد ومزيد من القوة العسكرية.
- ومن المهم التذكير بأن إحدى الخلاصات الواضحة من "انتفاضة السكاكين في سنتَي2015-2016، هي أن الأجهزة الأمنية برئاسة رئيس هيئة الأركان، حينها، غادي أيزنكوت، أقنعت الحكومة بتخفيف العقوبات الجماعية، واستمر دخول العمال إلى إسرائيل، ولم يبدأ الجيش بحملات اعتقال جماعية، وحاول السماح للفلسطينيين بالاستمرار في حياتهم الطبيعية. وذلك على الرغم من أنه لا يوجد مقارنة طبعاً، لكن حينها، كان هناك أيضاً حافز كبير، وحينها، أيضاً بدأت موجة عمليات، بوجود حكومة يمين برئاسة بنيامين نتنياهو. النتيجة: لم تتدحرج عمليات الطعن بالسكاكين إلى عبوات انتحارية في مراكز المدن، وتراجعت الانتفاضة إلى أن تم كبحها.
- تقدّر الأجهزة الأمنية منذ أشهر أنه يجب السماح بإدخال العمال من الضفة إلى إسرائيل، من دون نتيجة. لا يزال نتنياهو، وبتأثير من المتطرفين في حكومته، يتمسك بأكاذيب تتعلق بالعمال من قطاع غزة، قبل السابع من تشرين الأول/أكتوبر، ولا يتجرأ على الاقتراب من هذا الموضوع. منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر، يُعاد تكرار رواية تشهد إجماعاً عليها في كل مكان: استغل بعض العمال الغزيين "طيبة" إسرائيل، بعد أن سمحت لهم بالدخول للعمل داخل حدود الخط الأخضر، وجمعوا معلومات استخباراتية ساهمت في تنفيذ "المذبحة" التي ارتكبتها "حماس". وتطرّق قائد الوحدة 504 إلى الموضوع بإحاطة للمراسلين، وأيضاً "الشاباك" في "الكابينيت". وفي الحالتين، ذكرت الوحدات، التي حققت مع آلاف "المخربين" والعمال والمساعدين، أنه لا يوجد أيّ شهادة تدعم هذا الادعاء. لكن هذا لم يساعدعلى وقف استمرار الكذب.
- لم يكن الأمر محصوراً بدخول العمال فقط. أيّ حكومة طبيعية كانت ستُجري محادثات مع السلطة الفلسطينية. صحيح أن محمود عباس كتب دراسة تنكر المحرقة قبل 40 عاماً، ولديه بعض الأقوال المستفزة ضدنا، لكنه قائد فلسطيني- ومن الممكن أيضاً أن يتحمل مسؤولية معينة في غزة، ولا تزال أجهزته الأمنية تساعد على إحباط "الإرهاب". أمّا نحن، فغير مستعدين للسماح له بزيارة لغزة، ونقاطعه وندّعي أنه "حماس" بلباس دبلوماسي أكثر.
- لا يمكن توقُّع شيء من حكومة سموتريتش وبن غفير، لكن المتوقع من الجيش والإعلام الاقتناع بأن الضغط العسكري وحده لا يمكنه إحباط "الإرهاب"، بل يمكن إنجاز المهمة بواسطة ترتيبات سياسية وتشجيع اقتصادي. الأشهر الـ11 الماضية يمكن أن تقول للشعب في صهيون أنه يوجد حدود لقوتنا. لقد قصفنا، وقتلنا، ودمرنا، ومسحنا، واعتقلنا، واستعملنا كل قوتنا، فضلاً عن القطار الجوي الأميركي. وعلى الرغم من ذلك، فإن وضعنا الأمني أصعب من أيّ وقت مضى.
- يحب نتنياهو القول إن كل منطقة انسحبنا منها تحولت إلى منطقة "إرهاب". لكن يجب أن نكون أكثر دقةً بالقول إن كل منطقة انسحبنا منها بشكل أحادي تحولت إلى "إرهاب"، وأن كل اتفاق سياسي صمد؛ مع مصر والأردن، وحتى الاتفاقيات الجزئية مع سورية. في يوم 5 تشرين الأول/أكتوبر 1973، برزت معارضة كبيرة جداً من الجمهور الإسرائيلي للانسحاب من سيناء. وفي أيلول/سبتمبر 1978، كان الوضع مختلفاً كلياً مع كامب ديفيد. يبدو أننا أيضاً نفهم بلغة القوة فقط.