"الإرهاب" الإيراني في الساحة الدولية؛ والانتقام المحتمل من إسرائيل
تاريخ المقال
المواضيع
المصدر
معهد دراسات الأمن القومي
معهد أبحاث إسرائيلي تابع لجامعة تل أبيب. متخصص في الشؤون الاستراتيجية، والنزاع الإسرائيلي -الفلسطيني، والصراعات في منطقة الشرق الأوسط، وكذلك لديه فرع خاص يهتم بالحرب السيبرانية. تأسس كردة فعل على حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973، بقرار من جامعة تل أبيب؛ وبمرور الأعوام، تحول إلى مركز أبحاث مستقل استقطب مجموعة كبيرة من الباحثين من كبار المسؤولين الأمنيين، ومن الذين تولوا مناصب عالية في الدولة الإسرائيلية، بالإضافة إلى مجموعة من الأكاديميين الإسرائيليين، وهو ما جعله يتبوأ مكانة مرموقة بين المؤسسات البحثية. يُصدر المعهد عدداً من المنشورات، أهمها "مباط عال" و"عدكان استراتيجي"، بالإضافة إلى الكتب والندوات المتخصصة التي تُنشر باللغتين العبرية والإنكليزية.
- بسبب التوتر الحالي بين إسرائيل وإيران وشركائها من "محور الشر" في أعقاب اغتيال فؤاد شُكر في بيروت، وإسماعيل هنية في طهران، من المهم أن نتذكر أنه بالإضافة إلى شبكة الأذرع التي تملكها إيران في لبنان وسورية والعراق واليمن، فهي تملك أيضاً قناة عمل إضافية - عمليات "إرهابية" في الساحة الدولية. هذه القناة يمكن أن تبدو بديلاً متوفراً وفعالاً لتفعيل القوة الواسعة والمتعددة الجبهات من أجل الانتقام من إسرائيل.
- إيران تفعّل "إرهاباً" دولياً، كسياسة تتّبعها منذ الثورة الإسلامية وحتى اليوم. وبادرت خلال هذه السنوات إلى عمليات "إرهابية" نفّذها عملاؤها، وأيضاً تنظيمات وأذرع في مناطق متعددة من العالم، الأمر الذي تحوّل إلى إحدى طرق العمل الإيرانية، التي تهدف أساساً إلى الدفع قدماً بمصالح النظام في مواجهة الأعداء من الداخل والخارج. وهذا، من دون القيود التي تأخذ بعين الاعتبار إلحاق الضرر بسيادة الدول الأجنبية، أو الانزياح عمّا هو مقبول في منظومات العلاقات الدولية.
- سابقاً، كانت إيران تُعتبر إحدى الدول الداعمة لـ"الإرهاب". أمّا اليوم، فهي الدولة الوحيدة البارزة التي تستمر في العمل بكثافة في مجال "الإرهاب الدولي"، وفي الوقت نفسه، تدعم جيوشاً "إرهابية" في الشرق الأوسط بقوة.
- خلال الأعوام الخمسة الماضية، عززت إيران عمليات "الإرهاب" الدولي، وكانت مسؤولة عن عشرات محاولات تنفيذ عمليات في أوروبا وشمال وجنوب أميركا وأفريقيا وأستراليا وآسيا. هذه العمليات تم توجيهها مباشرة من "فيلق القدس" التابع لاستخبارات الحرس الثوري والاستخبارات الإيرانية. هذه الجهات مسؤولة عن المبادرة إلى عمليات "إرهابية" ضد المنفيين من معارضي النظام، وأيضاً ضد مسؤولين كبار في دول غربية، وأهداف في دول عربية تعتبرها معادية للنظام، وأيضاً ضد أهداف يهودية وإسرائيلية.
- وفعلاً، توجد في مركز هذه العمليات "الإرهابية"، عشرات المحاولات في دول وقارات مختلفة ضد أهداف إسرائيلية ويهودية. وبين تلك الأهداف: سفارات وممثليات رسمية لإسرائيل، ورجال أعمال إسرائيليون، وسياح إسرائيليون، ومواقع سياحية شعبية. هذا إلى جانب الكنس ومراكز عديدة للجاليات اليهودية ورجال أعمال يهود لهم علاقة بإسرائيل.
- في سنة 2021، كان هناك، على الأقل، 10 محاولات تنفيذ عمليات مرتبطة ببنى من هذا النوع في كينيا وتنزانيا وقبرص وكولومبيا وتايلاند والسويد وأوغندا وأثيوبيا والهند، بالإضافة إلى دبي وأبو ظبي. في سنة 2022، كان هناك على الأقل 9 محاولات كهذه في الكونغو وألمانيا وأذربيجان وجورجيا وتنزانيا وتركيا وبريطانيا. وفي سنة 2023 أيضاً، 9 محاولات كهذه في الهند وقبرص والبرازيل وإسرائيل وأذربيجان واليونان. وفي سنة 2024، كان هناك محاولات في بلجيكا والسويد والبيرو، ومؤخراً، أشارت الأنباء إلى محاولة تنفيذ عملية في كازاخستان وأوزبكستان من طرف الميليشيات العراقية، كتائب حزب الله، وبدعم من "فيلق القدس". وفي بعض الدول، مثل تركيا وقبرص، كان هناك محاولة لتنفيذ أكثر من عملية، وأحياناً في السنة نفسها.
- جرت هذه المحاولات أيضاً في دول غربية كان يتم التعامل معها على أنها "محصّنة أكثر" بسبب الافتراض أن إيران لن ترغب في الدخول في مواجهة دبلوماسية معها. إلا إن إيران لم تتردد عن العمل بداخلها، وأيضاً ضد أهداف غربية، وضد منفيين من المعارضة الإيرانية، إلى جانب عملياتها ضد أهداف إسرائيلية.
- وبسبب حقيقة أن أغلبية هذه العمليات "الإرهابية" الإيرانية أُحبطت، فإن تصاعُد هذه العمليات لا يزال على هامش اهتمام الإعلام الدولي، وبالتالي على هامش اهتمام الأوساط الواسعة والسياسيين. وعلى الرغم من أنه توجد حالة نهوض في الوعي إزاء هذا الموضوع مؤخراً، فإن التركيز لم يتم على الخطر الذي يمكن أن يلحق بمواطني دول كثيرة في العالم وتغطيته إعلامياً بشكل واسع. لذلك، لم تُتخذ إجراءات عقابية قانونية ودبلوماسية محلية ودولية مطلوبة لكبحها.
- وعلى الرغم من ذلك، فإن الجرأة الإيرانية تزداد، وثمة تخوف من أن توسع إيران جهودها في مجال "الإرهاب" الدولي عموماً، وضد أهداف إسرائيلية ويهودية بشكل خاص، ويمكن أن تختار طريقة العمل هذه كجزء من ردها على اغتيال إسماعيل هنية في إيران.
الدلالات بالنسبة إلى إسرائيل
- في ظل السيطرة على الذات التي فرضتها القيادة الإيرانية على نفسها، موقتاً على الأقل، بشأن تنفيذ الرد القوي الذي وعدت به بعد اغتيال هنية، يمكن أن تفضل اختيار العمل خارج المواجهة المباشرة في الشرق الأوسط. وبذلك تستطيع إيران إلحاق الضرر بمصالح خاصة بإسرائيل، وتكون "وفت بوعدها"، وأرسلت لإسرائيل مرة أُخرى رسالة ردع، وفي الوقت نفسه، امتنعت من التعرض لعقوبات من الدول التي ستعمل فيها، حتى لو تم التشكيك فيها كمسؤولة، وأيضاً تتجنب الانجرار إلى تصعيد في مواجهة إسرائيل، ومن الممكن، إلى حرب إقليمية.
- وللتعامل مع هذا التحدي، نقترح على إسرائيل:
- المبادرة إلى معركة دبلوماسية وإعلامية تكشف ميزات السلوك الإيراني، كدولة "مارقة" تهدد النظام العالمي، وتقوم بعمليات "إرهابية" على مستوى دولي هو الأوسع. وفي هذا الإطار، من المهم إيضاح المصالح المشتركة لمجمل الدول التي لحِق بها الضرر حتى الآن في 5 قارات، والضرر الذي يمكن أن يلحق بدول أُخرى تكون ضحية. يمكن أن يؤدي الكشف الإعلامي إلى تغييرات في سياسات دول كانت ترى الخطر الإيراني، حتى الآن، محصوراً في تطوير السلاح النووي، أو دعم الجيوش "الإرهابية" في الشرق الأوسط، وأن تخصص هذه الدول موارد للمعركة الدبلوماسية والاقتصادية والأمنية، بالتعاون مع إسرائيل، لكبح تصدير "الإرهاب" الدولي إلى أراضيها.
- قيادة جهود دولية لإدخال "فيلق القدس" إلى قائمة المنظمات "الإرهابية" في دول مختلفة، بينها بريطانيا ودول الاتحاد الأوروبي، وبمساعدة الولايات المتحدة وكندا اللتين قامتا بهذا. توجد عقوبات واسعة مفروضة على "فيلق القدس"، وعلى الرغم من ذلك، فإن إدخاله إلى قائمة المنظمات "الإرهابية" سيكون له إسقاطات فعلية: سيتم اعتبار دعمه والعضوية فيه مخالفة جنائية، وبذلك يتم تقليص الدعم لها، على الأقل علناً، وسيكون من الصعب عليه العمل. وثانياً، وضع التنظيم في القائمة سيوسع من الأدوات والصلاحيات التي لدى سلطات إنفاذ القانون والأمن، وهي الجهات التي يجب عليها أن تساعد في إحباط العمليات في مراحل مبكرة وقبل تنفيذها. لذلك، من المفضل مشاركة المعلومات بشأن تدخُّل الحرس الثوري في العمليات من أجل تجنيد الدعم القانوني للمواجهة.
- بسبب التدخل المتصاعد "لجهات إجرامية" في عمليات "الإرهاب" الإيراني، نقترح أن يتم إعلام ودفع جهات شرطية إلى التدخل في إحباط مبادرات إيران "الإرهابية". وذلك طبعاً إلى جانب استمرار التعاون الناجح، حتى الآن، مع جهات استخباراتية وإحباط دولي.