نتنياهو وحكومته يجهزّون للمرحلة المقبلة من الحرب: التحضير للاستيطان وضم شمال القطاع
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • دخلت إسرائيل في المرحلة الثانية من الحرب في غزة، وستسعى لاستكمال سيطرتها على شمال القطاع من الحدود التي كانت موجودة سابقاً حتى محور "نتساريم". يمكن التقدير أنه سيتم تحضير المنطقة، بالتدريج، للاستيطان اليهودي والضم إلى إسرائيل، وهذا يتعلق بحجم المعارضة الدولية التي ستنشأ في أعقاب هذه الخطوات. إذا طُبّقت الخطة، فسيجري إبعاد السكان الذين ما زالوا في شمال قطاع غزة، بحسب اقتراح الجنرال في جيش الاحتياط غيورا أيلاند، بتهديدهم بالمجاعة، وتحت غطاء "حماية حياتهم"، في الوقت الذي سيقوم الجيش باصطياد مسلحي "حماس" في المنطقة.
  • طبعاً، يحلم رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بما سيراه المعجبون به إنجاز حياته: توسيع مساحة إسرائيل لأول مرة، بعد 50 عاماً من الانسحابات التي بدأت باتفاقيات فصل القوات، في أعقاب حرب "يوم الغفران". لقد تنازلت أغلبية الذين سبقوه، وهو أيضاً، عن أراضٍ؛ الآن، حان وقت الانقلاب والتوسيع. هكذا سيكون "النصر المطلق" الخاص به والرد الصهيوني على "مذبحة" السابع من تشرين الأول/أكتوبر، هذا الرد على الخطف والإذلال الكبير الذي ألحقه الفلسطينيون واللبنانيون بإسرائيل وجيشها.
  • بحسب رؤية حكومة اليمين التي لا تخفي نياتها، من المتوقع أن يكون مصير الفلسطينيين في شمال غزة مثل مصير سكان ناغورنو كاراباخ الأرمن، الذين جرى تهجيرهم من المنطقة قبل عام، في خطوة خاطفة من رئيس أذربيجان إلهام علييف، حليف إسرائيل المقرب. شاهد "العالم" وتابع طريقه؛ ولا يزال المئة ألف لاجئ عالقين في أرمينيا، التي تبدو غير مستعجلة على دمجهم. وبطريقة مشابهة، سينضم النازحون من شمال غزة إلى النازحين في الموجة الأولى، وستشهد "المنطقة الإنسانية" في الجنوب كثافة عالية.
  • لم يبدأ الدخول إلى هذه المرحلة الجديدة بمناورة متعددة الكتائب، أو باقتحام شجاع داخل جبهة العدو، إنما بإعلان بيروقراطي يوم 28 آب/ أغسطس بشأن تعيين الجنرال إلعاد غورين في منصب رئيس الجهود الإنسانية - المدنية في قطاع غزة داخل وحدة منسّق أعمال الحكومة في المناطق. هذه التسمية الطويلة للمنصب الذي سيحمله غورين معه، إلى أن يجدوا اختصاراً لها بلغة الجيش، توازي منصب رئيس الإدارة المدنية في الضفة الغربية - وعملياً، يجب تسميته باسم "حاكم غزة". إنه المنصب نفسه الذي شغله الجنرال موشيه غورن خلال حرب "الأيام الستة".
  • الخطوة الثانية كانت توجيهات نتنياهو إلى الجيش، الأسبوع الماضي، إذ قال إنه يجب عليه أن يتجهز لتوزيع المساعدات الإنسانية في غزة، بدلاً من المنظمات الدولية. رئيس هيئة الأركان هرتسي هليفي تحفّظ، وحذّر من الخطر الذي سيحيق بالجنود والتكلفة العالية، لكن كالعادة، لم يقتنع نتنياهو، وتمسّك بتوجيهاته. إن الدافع واضح: مَن يوزع الغذاء والدواء يتحكم بكل شيء. وفي الوقت نفسه، سيكون لدى إسرائيل فرصة لطرد "الأونروا" - وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى، التي يعتبرها اليمين جهة معادية للصهيونية، مرة واحدة وإلى الأبد.
  • حالياً، ستبقى "حماس" في الحكم في المنطقة الواقعة بين محور "نتساريم" ومحور "فيلادلفيا"، تحت حصار إسرائيل التي ستسيطر على المساعدات ودخولها. هذا هو المعنى الفعلي لتصريح نتنياهو بشأن المحور: ستبقى الحدود بين غزة ومصر تحت سيطرة إسرائيل. في هذه الحال، يأمل نتنياهو وشركاؤه في الحكومة بأن حلول فصل شتاء آخر في الخيام من دون خدمات أساسية، سيدفع مليونَي فلسطيني يعيشون بكثافة عالية في رفح والمواصي وخانيونس إلى الإدراك أنهم لن يستطيعوا العودة إلى بيوتهم المدمرة. ومن المتوقع أن يدفع بهم اليأس إلى الخروج ضد سلطة يحيى السنوار، وتشجيع كثيرين منهم على الهجرة إلى خارج القطاع.
  • إن تخلّي نتنياهو عن إعادة المخطوفين الإسرائيليين وقرارُه تجاهُل موقف الجمهور، في أغلبيته، وتركهم للعذاب الصعب والموت في أنفاق "حماس"، أمور كلها تهدف إلى قلب الصورة ضد السنوار: بدلاً من أن يكون المخطوفون أداة ضغط، للحصول على تنازلات كبيرة وقيّمة من إسرائيل، سيحولهم إلى عبء على الفلسطينيين وذريعة لاستمرار الحرب الإسرائيلية والحصار والاحتلال. وبذلك، تكون إسرائيل دخلت في المرحلة الثانية من حربها ضد "حماس".