هل سندخل في مواجهة مع أميركا؟
المصدر
يسرائيل هيوم

صحيفة يومية توزَّع مجاناً وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية. صدرت للمرة الأولى في سنة 2007، مالكها شيلدون أدلسون، وهو من الأصدقاء المقرّبين من بنيامين نتنياهو، وتنتهج خطاً مؤيداً له. ونظراً إلى توزيعها المجاني، فقد تحولت إلى الصحيفة الأكثر توزيعاً في إسرائيل.

المؤلف
  • برزت خلافات بين إسرائيل والولايات المتحدة، طوال مدة حرب "السيوف الحديدية" [طوفان الأقصى]، على الرغم من تحالُفهما، ومن المتوقع أن تزداد الخلافات حدة. وهذه من سمات التحالفات التي تجتمع فيها المصالح والقيم، لكنها لا تكون متطابقة.
  • تنجم الخلافات عن نظرة الحزب الديمقراطي الأميركي إلى مصالح الولايات المتحدة في المنطقة. فالحزب يسعى لإشراك إيران، الدولة الإقليمية الكبرى، في إعادة الاستقرار إلى الشرق الأوسط، وفي مقابل ذلك، التعويض عليها، وقبولها كدولة على عتبة النووي. وهذا لا يعدو كونه أملاً كاذباً وخطِراً، ولا علاقة له بالطابع الإمبراطوري الديني "العدواني" للتوسع الإيراني. والرغبة في المحافظة على هذا الأمر، تدفع إدارة بايدن إلى لجم هجوم إسرائيل على حزب الله، وعلى وكلاء آخرين لإيران في لبنان وسورية.
  • إذا كانت استراتيجية الولايات المتحدة الجمع بين إسرائيل والسعودية ودول حليفة أُخرى من أجل إنشاء ائتلاف مضاد لإيران، فلمَ تكبح هجوماً إسرائيلياً، في ظل الهجمات المستمرة لحزب الله، بحماية إيران؟ فمثل هذا الهجوم يمكن أن يُضعف إيران بصورة دراماتيكية، وأن يثبت قوة الائتلاف المعادي لإيران فعلياً، وليس شفهياً. وإذا كنا نعرف تاريخنا في السنوات الأخيرة، فيجب ألّا تفاجئنا تطورات من هذا النوع.
  • على الرغم من الفوارق الجوهرية في الزمن خلال المئة عام الدراماتيكية، فإنه من المفيد تتبُّع الأنماط التي تكررت في النزاعات التي نشأت بين القادة الصهيونيين في الييشوف اليهودي [التجمُّع الاستيطاني اليهودي في فلسطين الانتدابية قبل سنة 1948] وبين دولة عالمية عظمى. لقد اضطر حاييم وايزمان، ولاحقاً ديفيد بن غوريون، في نهاية الأحداث الدامية مع العرب في سنة 1929، إلى مواجهة الانسحاب البريطاني التدريجي من التحالف مع الحركة الصهيونية، والذي نشأ في سنة 1917. وخلال عشرة أعوام، وإلى حين صدور الكتاب الأبيض في سنة 1939، خاضا معركة احتواء، سمحت بموجة الهجرة الخامسة، والتي أدت إلى نمو الييشوف، بحيث أضحى كياناً قادراً على الدفاع عن نفسه في سنة 1948. وبعد مرور 4 سنوات من المناورات المعقدة، وفي نهاية الحرب العالمية الثانية، جرى التوصل إلى تحالُف موقت مع الاتحاد السوفياتي، وبدأ التعاون مع الولايات المتحدة، وكانت نتائج هذا التحالف الانتصار في سنة 1948.
  • النموذج السياسي الذي ظهر في سلوك القيادة الصهيونية في ذلك الوقت كان نموذج لعبة "القط والفـأر" في العلاقة بدولة كبرى معينة تنسحب من تحالفها معنا، شيئاً فشيئاً، وهو يقضي بالامتناع من قطع الحبل معها، الأمر الذي سمح بتحقيق إنجازات مهمة. ومع ذلك، الامتناع من الانصياع لأوامرها، وحتى الاصطدام بها، والالتفاف عليها بواسطة دولة كبرى أُخرى.
  • لقد واجه بن غوريون تطورات مشابهة لتلك التي تحدث حالياً، مع كل الفوارق الجوهرية، خلال سنتَي 1950 و1954، حين يكون لدى إسرائيل دولة كبرى حليفة. نجح بن غوريون في إقامة حلف موقت مع بريطانيا، لخوض حرب سنة 1956 وكسر الخناق الذي فرضته مصر، وحلقة "الإرهاب" والتهديد العسكري الذي يشبه تهديد اليوم. صحيح أن الولايات المتحدة أجبرت إسرائيل على الانسحاب من سيناء في سنة 1956، لكن الانتصار في تلك السنة هو الذي سمح بالانتصار في سنة 1967. في ربيع 1967، وقف رئيس الحكومة أشكول ضد تجاهُل الولايات المتحدة الخطر الوجودي الذي يهدد إسرائيل، لكنه لم يدخل في الحرب، إلّا بعد تأكُّده من أن الولايات المتحدة لن تكرر خطأ سنة 1957، عندما فرضت على إسرائيل الانسحاب من سيناء.
  • اليوم، نشهد نوعاً مماثلاً من الخلاف بين رئيس الحكومة وبين الإدارة الأميركية في الولايات المتحدة: هل من الممكن التصالح مع دولة ذات مطامع إمبراطورية، وتهدد الشرق الأوسط، حسبما تدّعي الإدارة الأميركية، أم يجب إزالة هذا الخطر من خلال حرب استباقية؟ نتنياهو، شأنه شأن رؤساء الحكومات الذين سبقوه، يلعب لعبة "القط والفأر" مع الأميركيين. وهو هنا يلعب دور الفأر الذي يلائم حجم قوته، لكنه يرفض أن يجري افتراسه، وبحسب الصراعات التي خاضها أسلافه مع دول كبرى، لا يمكن الحصول على وصفات عمل منها، لكن يمكن التوصل إلى المبادىء.
  • يجب ألّا ندخل في مواجهة مباشرة مع قوة عظمى مثل الولايات المتحدة. في المقابل، يجب ألّا نكون عبيداً لقوة عظمى حليفة، ونتنياهو يناور، انطلاقاً من هذه القاعدة الواقعية. فهو لا يخاف من المواجهة، وأحياناً، لا يتردد عن إحباط مدروس لخطط أميركية. لكنه يحرص على المحافظة على حلفه معها، فهل ينجح في مناوراته ضد مصالحة مدمرة مع إيران؟