هل نحن في طريقنا إلى عقد من الحرب؟ أسئلة الأميركيين ونصائحهم
المصدر
قناة N12

موقع إخباري يومي يضم، إلى جانب الأخبار، تعليقات يكتبها عدد من المحللين من الشخصيات الأمنية السابقة، ومن المعلّقين المعروفين.

– الموقع الإلكتروني

1

  • "إلى أين تتجهون؟" هذا هو السؤال الذي يتكرر في كل اجتماع. لا تفهم الولايات المتحدة الأهداف الاستراتيجية لإسرائيل من هذه الحرب، ومن وجهة نظر واشنطن، تبدو إسرائيل كأنها تخوض حرباً لا نهاية لها، تستنزف فيها مكانتها الاقتصادية والسياسية من ناحية، ولا تحقق أهدافها من ناحية أُخرى، فلا دُمّرت "حماس"، ولا عاد المخطوفون، ولا توقّف حزب الله عن إنهاك الشمال، في حين تواصل إيران تقدّمها نحو السلاح النووي.

2

  • هناك التزام أميركي بشأن حماية إسرائيل؛ لكن هذا الالتزام ليس "شيكاً مفتوحاً". لقد أثبتت أميركا التزامها على الأرض في بداية الحرب، وفي مواجهة هجمات الصواريخ الإيرانية في نيسان / أبريل، ومرة أُخرى في آب/أغسطس، أمام تهديدات إيران وحزب الله . إن نصف القوات البحرية الأميركية المتاحة موجودة اليوم في الشرق الأوسط. من ناحية أُخرى، لن يكون هناك دعم لأيّ خطوات هجومية من إسرائيل قد تؤدي إلى تصعيد إقليمي، وخصوصاً قبل الانتخابات الأميركية، ومن دون تقديم رؤية سياسية إسرائيلية لإنهاء الحرب.

3

  • "طاولة نظيفة" من غزة في الفترة القادمة. يتحدث الجميع في العاصمة الأميركية عن أن واحدة من أولى المكالمات الهاتفية التي ستجريها الرئيسة، أو الرئيس المنتخب، ستكون مع رئيس وزراء إسرائيل، وتحمل مطالب واضحة بإنهاء الحرب، قبل استلام الرئيس منصبه في كانون الثاني/يناير. إذا ما استمرت إسرائيل في القتال من دون تخطيط، ومن دون أهداف واضحة، فقد تواجه رئيسة، أو رئيساً يضع هدف إنهاء الحرب كأولوية قصوى، ويفرض ذلك على إسرائيل، من دون عودة المخطوفين، أو الحفاظ على وسائل الضغط لإتمام الصفقة، ومن دون تغيير في الوضع الأمني في الشمال.

4

  • صفقة المخطوفين - إخفاق إسرائيلي. يُلقي الأميركيون باللوم على السنوار بشأن عرقلة الصفقة، بناءً على معلومات استخباراتية دقيقة. ومع ذلك، فإنهم يشيرون إلى أن "حماس" استجابت، في تموز/ يوليو، بشكل إيجابي (على الرغم من بعض التحفظات التكتيكية) لمقترح نتنياهو الذي تبنّاه بايدن - وإسرائيل هي التي ترددت، وأضاعت الفرصة لاستعادة مواطنيها المخطوفين. وفقاً للأميركيين، كان خطأً فادحاً. بعد اغتيال هنية في طهران والحاج شُكر في بيروت، تجدد الأمل في نفس السنوار بتحقيق حلمه بتوحيد الجبهات واندلاع الحرب الإقليمية، وفي الوقت نفسه، تآكلت وسائل الضغط عليه، وصار أكثر صلابةً في مواقفه. لا توجد إجابة جيدة في واشنطن عن كيفية تعزيز الضغط الآن، وإسرائيل مطالَبة بإعادة إنتاج وسائل الضغط التي أهدرتها وبددتها طوال 11 شهراً من الحرب.

5

  • الخوف الأميركي من فشل الوساطة. تجد الإدارة الأميركية نفسها أمام معضلة تتمثل فيما إذا كانت ستقدّم عرضاً نهائياً لوساطة بين الطرفين - بصيغة "اقبلها كلّها، أو ارفضها كلها". من الواضح للأميركيين أن هذه الخطوة ستنجح، فقط إذا كانت عواقب رفض الخطة واضحة لدى الطرف الرافض. وتخاف الولايات المتحدة لأنها لا تمتلك وسائل ضغط حقيقية لتهديد "حماس"، وتتوقع أن يقوم كلٌّ من مصر وقطر بهذا الدور، لكن هاتين الدولتين لا تسارعان إلى المساعدة. وفي النهاية، إذا اتُّخذ قرارعدم تقديم عرض الوساطة، خوفاً من الفشل الذي قد يؤدي إلى التصعيد، فإن البديل الأميركي قد يكون في الانسحاب من الوساطة، على الأقل إلى ما بعد الانتخابات.

6

  • الانتخابات أولاً. تنظر أميركا إلى العالم من خلال منظور الخامس من تشرين الثاني/نوفمبر. فكل خطوة عسكرية، أو سياسية يتم تقييمها، بناءً على تأثيرها في فرص كامالا هاريس في الفوز على ترامب. إن التوصل إلى صفقة لتبادل المخطوفين ووقف إطلاق النار، بغض النظر عن شروط مثل هذه الصفقة، يخدم حملة هاريس؛ أمّا الفشل في التوصل إلى صفقة، فسيُعتبر سلاحاً بيد ترامب لمهاجمة الإدارة الحالية. في هذه الأثناء، يتصاعد الخوف من نشوب حرب إقليمية قد تسبب أضراراً استراتيجية، وتوجّه ضربة إلى الحملة الانتخابية، لذا، فإن الإدارة الحالية مصممة على الحؤول دون نشوب هذه الحرب بأيّ ثمن. هذا هو الكابوس الحالي للإدارة.

7

  •  إيران؟ ليست على جدول الأعمال. هناك إنكار وتجاهُل للتحدي الكبير الذي تشكله إيران، والسبب ليس أن إيران غير خطِرة، أو لا تثير القلق، بل لا توجد استراتيجيا متماسكة للتعامل معها، وبصورة خاصة قبل الانتخابات. لا تريد الإدارة التورط مع إيران الآن، لكن من الواضح للجميع أن مَن يدخل إلى البيت الأبيض في كانون الثاني / يناير، سواء أكانت هاريس، أم ترامب، سيكون عليه إيقاف تقدُّم إيران نحو السلاح النووي وإحباط خطواتها التي تهدد الاستقرار في الشرق الأوسط. يجب أن تكون إسرائيل جاهزة بمواقف وقدرات تؤثر في خطوات الإدارة المقبلة تجاه طهران.

8

  •  لا لحرب استنزاف لا نهاية لها. الأصوات التي تشير إلى الانسحاب الأميركي من الانخراط في الأزمة لا تتعلق فقط بصفقة المخطوفين. يقول مسؤولو الإدارة لنا: "إذا كنتم تعتزمون الاستمرار في القتال الدائم حتى العقد القادم، بما يحمله ذلك من معاني الانزلاق المستمر إلى حرب إقليمية - فنحن لن نكون معكم". ولأنني أتفق مع الاعتقاد القائل إن هذه الاستراتيجيا الإسرائيلية تخدم أعداءنا فعلاً، لقد تحديت محاوريّ من الأميركيين بالسؤال عن الاستراتيجيا البديلة التي يقترحونها للعقد القادم، وكانت الإجابة مفاجِئة: "ادخلوا في عقد من 'الحرب الباردة'، من دون حسم عسكري، وعودوا إلى أنفسكم كدولة رائدة، قوية اقتصادياً، وتكنولوجياً، وأخلاقياً".

9

  • التسوية السياسية في الشمال هي الخيار الوحيد. هناك تفاؤل يسود واشنطن، مفاده أن الوسيط عاموس هوكشتاين سيتمكن من التوصل إلى تسوية تُبعد حزب الله عن الحدود، لكن هذا لن يحدث إلّا بعد وقف إطلاق النار في غزة. الفكرة القائلة إن إسرائيل ستقوم بإبعاد حزب الله عن مناطق الحدود  بعملية عسكرية محدودة، إذا فشل هوكشتاين، تُواجَه بردٍّ بارد، وذلك بناءً على تقييم، مفاده أن عملية كهذه ستؤدي، باحتمالية عالية، إلى نشوب حرب شاملة. على إسرائيل تقديم خطة حرب تستفيد من الإنجاز العسكري القائم لتحقيق إنجاز سياسي يؤثر في استعداد الإدارة لدعم الخطوة في لبنان، بعد الانتخابات في تشرين الثاني/ نوفمبر.

10

  •  المشكلة الفلسطينية. تنتقد الولايات المتحدة إسرائيل بثلاث نقاط رئيسية: 1. عدم استعدادها لفتح أفق سياسي أمام "ستة ملايين فلسطيني في الضفة وغزة"، و2. عدد الأبرياء الذين قُتلوا في غزة، و3. إرهاب المستوطنين في الضفة الغربية. ومع ذلك، هناك الإدراك أن الأوضاع على الساحة الفلسطينية لن تعود كما كانت عليه في الماضي. هناك تفهُّم، مفاده أنه لا يجب مكافأة الفلسطينيين سياسياً على أحداث 7 تشرين الأول / أكتوبر، في حين تبدأ بالظهور، في هذه الأثناء، ملامح فرصة في خلق رؤية سياسية جديدة، تخدم المصلحة الأمنية الإسرائيلية، وتتضمن المطالب الإسرائيلية الرئيسية الموجهة إلى السلطة الفلسطينية (1.وقف "الإرهاب"، 2.وقف تمويل "الإرهابيين"، و3. وقف التحريض). بالإضافة إلى ذلك، هناك إدراك أن القضية الفلسطينية يجب أن تُعالج ضمن إطار إقليمي أوسع، يشمل مواجهة التهديد الإيراني والجهادي.
  • الخلاصة : من الواضح جداً غياب رؤية إسرائيلية لتشكيل مستقبل الشرق الأوسط في السنوات القادمة، وقد يقوم الآخرون بتشكيل المنطقة بدلاً منا. سيجتمع زعيمان يحملان رؤية إقليمية ذات صلة في الأسبوع القادم في واشنطن، هما الرئيس بايدن ووليّ عهد الإمارات محمد بن زايد. وعلى الرغم من ذلك، فإنه ليس قدراً محتوماً: يتوقع حلفاء إسرائيل أن مشاركتها في تشكيل واقع جديد في المنطقة، ولأول مرة منذ تأسيسها، يمكن لها أن تلعب دوراً رئيسياً في المنطقة.
  • لم تنتهِ مكانة إسرائيل كدولة قوية وحليف مهم : لكن أنظار أصدقائنا تشخص إلينا، من دون أن ينجحوا في إدراك ما نقوم به، وما هي وجهتنا في هذه الحرب، وما بعد هذه الحرب. إن تعزيز الوحدة الشعبية، والشراكات الإقليمية مع الولايات المتحدة وحلفائها المقربين في أوروبا، في موازاة قوة الجيش الإسرائيلي، هو الرد الأكثر فعالية على التهديدات التي تواجهنا، سواء أكانت هذه التهديدات آتية من إيران، أم من الحدود الشمالية، أم من "الإرهاب"، أم من الإضرار باقتصاد إسرائيل وقدرة مجتمعها على الصمود.
 

المزيد ضمن العدد