الهجمات العنيفة رسالة لإيران فحواها أن اختيارها للحرب سيؤدي إلى ضربات خطِرة لها ولوكلائها
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • إن سلسلة الهجمات الإسرائيلية المتصاعدة ضد حزب الله في لبنان، والحوثيين في اليمن يوم أمس، والتهديدات الموجهة إلى إيران بأنها ستتعرض للهجمات بالشدة نفسها إذا دخلت الصراع، تتبع منطقاً استراتيجياً واضحاً؛ شق وحدة الجبهات التي فرضتها إيران وحلفاؤها الإقليميون على إسرائيل منذ هجوم "حماس" في 7 تشرين الأول/أكتوبر.
  • وبعكس جولات القتال السابقة التي كان فيها الفلسطينيون يواجهون إسرائيل بمفردهم، فإن "حماس" تتمتع هذه المرة بدعم نشيط من "محور المقاومة" الذي تقوده إيران. وقد فرض هذا الصراع المتعدد الجبهات على إسرائيل توزيع قواتها بين الجنوب والشمال، وهو ما أدى إلى إخلاء مستوطنات الجليل الأعلى، إلى جانب حصار بحري لا يزال مستمراً على إيلات، بالإضافة إلى الهجمات الصاروخية والطائرات المسيّرة من لبنان واليمن والعراق، والتي استمرت حتى بعد أن فقدت "حماس" ذراعها الصاروخية. وبينما ركز الجيش الإسرائيلي على جبهة غزة، استمرت إسرائيل في تلقّي الضربات من الجبهات الأُخرى، وفي الوقت نفسه، استجمعت قوتها لشن حملة قصف استراتيجية واسعة، وخصوصاً عبر تزويد أسراب الطائرات الحربية بأسلحة هجومية واعتراضات لمنظومات الدفاع الجوي.
  • وقبل نحو أسبوعين، اكتملت عملية تجميع القوى، وانقلب التركيز الرئيسي، فأصبحت غزة، مع الرهائن الإسرائيليين المحتجَزين فيها، جبهة ثانوية.
    وقد تجاوزت العملية العسكرية الأخيرة كل ما قام به سلاح الجو الإسرائيلي حتى الآن، سواء من حيث عدد الأهداف التي تم قصفها، أو كمية الذخائر التي تم تحييدها في وقت قصير، أو من حيث نطاق العمليات وطبيعة الأهداف. وقال لي أحد قادة سلاح الجو الإسرائيلي ذات مرة عن قصف محطة طاقة، كما فعل الجيش الإسرائيلي في الحديدة غربي اليمن: "إن إعادة بناء محطات كهذه يستغرق أعواماً، ولا يمكن أن تعود كالسابق، حتى في دول أكثر تنظيماً وتطوراً من اليمن، وتتمكن من معاودة نشاطها بسرعة."
  • لقد بدا واضحاً في الهجوم الجوي الإسرائيلي المضاد أيضاً الدعم المطلق الذي تتلقاه إسرائيل من الإدارة الأميركية، سواء في تزويد الأسلحة، أو في الحماية الدبلوماسية، أو حتى في إرسال قوات إلى المنطقة. والرسالة الواضحة للإيرانيين هي: "من الأفضل لكم طلب وقف إطلاق النار بسرعة وفرضه على حزب الله والحوثيين والمليشيات في العراق." وبذلك، ستظل "حماس" وحدها، منهكة ومهزومة، في مواجهة الجيش الإسرائيلي، وستحاول إسرائيل التوصل إلى صفقة رهائن بتكلفة أقل كثيراً مما يطلبه يحيى السنوار حتى الآن. فإذا ما أصر المرشد الأعلى لإيران، علي خامنئي، على مواصلة القتال، فإن إسرائيل ستوجه ضربة مباشرة إلى إيران، وستشن في الوقت نفسه عملية برّية محفوفة بالمخاطر في لبنان، وهو ما سيؤدي إلى تدمير القرى الشيعية القريبة من الحدود التي ينشط فيها حزب الله. حتى إن زعيم اليسار الإسرائيلي، يائير غولان، دعا أمس إلى احتلال قرية العديسة اللبنانية المطلة على كيبوتس مسغاف عام، وهذا هو الموقف المعتدل الذي يتطلبه موقعه الحزبي. فما بالكم بائتلاف اليمين بقيادة بنيامين نتنياهو الذي لن يكتفي بقرية واحدة، وسيسعى لاحتلال واسع لـ "حزام أمني" يتم تفريغه من سكانه الشيعة؟
  • في الأيام المقبلة، بعد انتهاء أيام الحداد على حسن نصر الله، يجب متابعة التطورات في طهران، فإذا رأينا مسؤولين إيرانيين يسارعون إلى موسكو، فسندرك أن الخامنئي يسعى للحصول على مساعدة بوتين للتوصل إلى وقف إطلاق النار، وإنقاذ ما تبقّى من أرصدة "محور المقاومة".
  • ويقترح بيني ميدان، وهو مسؤول سابق في جهاز الموساد، إشراك روسيا في التسوية، واستغلال الأزمة الحالية للتوصل إلى صفقة دولية واسعة تربط تهدئة الحروب في أوكرانيا بحدود إسرائيل، وتعيد إلى بوتين دوره العالمي، وتستعيد الاستقرار الذي تزعزع في أوروبا والشرق الأوسط. وفي المقابل، ستتوقف روسيا عن تزويد إيران بالأسلحة المتطورة.
  • لكن من غير الواضح ما إذا كانت إدارة بايدن قادرة على الدفع بتحركات معقدة كهذه في أواخر ولايتها.
  • فإذا ما تخلت إيران عن الجهود الدبلوماسية، واختارت الاستمرار في الحرب، فستوفر لإسرائيل والولايات المتحدة ذريعة لضرب الأرصدة التي تهم النظام الإيراني، وتهديده بالانهيار من الخارج وثورة من الداخل. القرار الآن في يد الخامنئي.