اغتيال نصر الله يشكّل فرصة لضربة إغلاق الحرب
المصدر
قناة N12

موقع إخباري يومي يضم، إلى جانب الأخبار، تعليقات يكتبها عدد من المحللين من الشخصيات الأمنية السابقة، ومن المعلّقين المعروفين.

المؤلف
  • إن اغتيال قيادة حزب الله، وعلى رأسها الأمين العام للحزب حسن نصر الله، في الضربة التي حدثت يوم الجمعة في الضاحية هي تحوّل في المعركة. وهناك أربعة أبعاد لتحليل الإسقاطات والمعاني لتقدير ما سيحدث:
  1. من زاوية حزب الله: الحزب في وضع سيئ؛ فقدراته النارية دُمر أكثر من نصفها (وهذا ما يجعل لديه بضعة آلاف من القذائف الثقيلة، وبضعة مئات من الصواريخ الدقيقة)، وتم اغتيال قادته الكبار، لذلك، فإن هيكلية منظومة القيادة والسيطرة مشوشة كثيراً، وهناك الكثير من نشطاء الحزب في المستشفيات، ولا يستطيعون الاعتماد على منظومات الاتصالات الخاصة به. وفي وسط هذا الوضع المتراجع، تلقّى الحزب الضربة الأكبر حتى الآن؛ فنصر الله أكثر بكثير من مجرد قائد عسكري، فهو قائد طائفة في لبنان، وعضو كبير في محور المقاومة الإيراني (بعد اغتيال قاسم سليماني، بات المسؤول الأكبر والأكثر خبرة)، كما أنه أيضاً رجل دين محبوب، وخروجه من الصورة يدفع إلى رد عاطفي عميق، والتزام استراتيجي برد صعب.
  • ويمكن للحزب أن يدخل المعركة بكل القدرات التي تبقت لديه، لكنها ستكون ضربة صعبة وسريعة، ويستطيع توسيع إطلاق النار ليشمل تل أبيب وبقية مناطق إسرائيل، وأن ينشئ روتين صافرات إنذار، ويمكن له أيضاً أن يحاول تنفيذ اختراق للمناطق الإسرائيلية، لكن قبل كل شيء، هناك حاجة إلى تعيين بديل، وإنقاذ العالقين، وإقامة جنازة فخمة وترتيبات منظمة. ومن المتوقع أن نرى رداً فورياً من طرف حزب الله، لكن الرد الكامل سيحدث فقط بعد بضعة أيام.
  1. من زاوية إسرائيل: لا يزال يتوجب على إسرائيل أن تقرر الصورة النهائية في لبنان، فاغتيال نصر الله يسمح بضربة إغلاق؛ فحزب الله ضعيف، والذراع العسكرية لـ "حماس" تم إخضاعها. وإذا ذهبنا إلى صفقة الآن ومنعنا المحور من تنفيذ الرد، فسيكون هذا انتصاراً مطلقاً، وإذلالاً للمحور، وتحقيقاً لكل أهداف الحرب. لقد تم إخضاع "حماس"، وستتم إعادة الرهائن في هذا السيناريو، وسيتوجب على حزب الله أن يلملم جروحه بعد الضربات الصعبة التي تلقّاها.
  2. من زاوية إيران: حزب الله، الذي يُعد فخر صناعة المحور، مضروب ومصاب، وعلى شفير الانهيار، وهذا يحتاج إلى نقاش عميق في إيران؛ فمن جهة، يتوجب عليهم الرد كي يردعوا إسرائيل من توسيع المعركة، ومن جهة أُخرى، فإن إسرائيل في هذه الأيام هي عنصر خطِر وغير متوقع، وأكثر ردعاً. وتُعتبر القيادة الإيرانية قريبة من نصر الله، ولذلك، يوجد بُعد عاطفي شخصي. هذا بالإضافة إلى أن إيران ما زالت تنتظر الرد على اغتيال رئيس المكتب السياسي لـ "حماس" إسماعيل هنية في طهران، ومن الصعب التقدير كيف سيبدو الرد الإيراني، وما هي التوجيهات التي سيتم إعطاؤها لحزب الله.
  • ويجب التذكير بأنه في حال كان مع نصر الله في المخبأ عباس نيلفورشيان، قائد "فيلق القدس" في لبنان (بديل الجنرال محمد رضا زاهدي الذي اغتيل قبل بضعة أشهر في دمشق)، وقُتل هو أيضاً، فهذا يستوجب رداً شبيهاً بما رأيناه على اغتيال زاهدي. إن الحدثَين سوياً يضافان إلى وضع ستكون فيه إيران هي من سيضع التقديرات، وهي من سيقرر سياسة رد المحور.
  1. من الزاوية الأميركية: الولايات المتحدة لا تريد حرباً إقليمية، إنما تريد هدوءاً قبل الانتخابات. والتطورات الأخيرة ليست مريحة للإدارة، إلاّ إن الرئيس بايدن لا يستطيع أن يقوم بأي شيء يبدو عدائياً لإسرائيل، وذلك كي لا يُستغل من جانب المرشح الجمهوري دونالد ترامب. ولا توجد لدى الولايات المتحدة خيارات أُخرى، وهي مرغَمة على دعم إسرائيل بالكامل.
  • هذا ما يمكن أن ندفع ثمنه مباشرة بعد الانتخابات في فترة "البجعة العرجاء" لبايدن، أي المرحلة بين الانتخابات وموعد تبديله في البيت الأبيض. حينها، سيكون بلا قيود، وسيعمل فقط من أجل إرثه التاريخي، ويبدو أن هذا سيكون موعد الدفع بالنسبة إلى الأميركيين.
  1. من الزاوية الفلسطينية: السنوار دفع إلى اغتيال قيادة حزب الله، وإضعاف الحزب، وأيضاً إلى تدخّل إيران في مغامرة لم تكن تريدها. والأسئلة الصعبة ستصل بعد الحرب، وسيكون هناك أساساً سؤال بشأن التحالف بين الشيعة والمقاومة الفلسطينية السنية، وإن كانت ذات جدوى.
  • في الوقت الحالي، وعلى المدى القصير، فإن تحوّل تركيز الجيش على الشمال يخفف الضغط عن غزة، لكن انعدام الرغبة في الوصول إلى صفقة ليس جيداً للسنوار؛ فقد كان يريد من الحرب في غزة والضغط الأميركي على نتنياهو أن يتم التوصل إلى صفقة للمحافظة على بقائه.