الشرعية للقيام بعملية ضد حزب الله تزداد، والوقت للتوصل إلى حل سياسي ينفد
تاريخ المقال
المواضيع
المصدر
- كان لاغتيال حسن نصر الله ردات فعل متضاربة في العالم كما في العالم العربي، والكلام المهم والحقيقي، حتى من الناحية السياسية، كان الذي قاله الرئيس بايدن: "تحققت العدالة لضحاياه" (حتى كامالا هاريس تحدثت عن أيدي نصر الله الملطخة بالدم، بينما دونالد ترامب ظل صامتاً).
- وإن وقف إطلاق النار لم ولن يحدث في وقت قريب، لكن الهدف الأساسي للولايات المتحدة وفرنسا، باقتراحهما وقفاً لإطلاق النار لمدة 21 يوماً، لم يكن إعادة الاستقرار إلى الحدود بين إسرائيل ولبنان، إنما منع اشتعال حرب شاملة في الشرق الأوسط. ولا تريد الولايات المتحدة تركيز قوات لها في المنطقة والتورط في حرب خلال فترة انتخابات حساسة، بالإضافة إلى أن مركز ثقلها السياسي - العسكري موجه نحو الصين، ناهيك برغبة إدارة بايدن في العودة إلى الاتفاق النووي مع إيران قبيل انتهاء ولايتها.
- أيضاً، بالنسبة إلى إيران، فإن التورط المتزايد والمباشر ليس ملائماً لها حالياً، سواء بسبب سعيها لاستئناف الاتفاق النووي، أو المزايا الاقتصادية التي ستحصل عليها جرّاء ذلك، أو لأنها تدرك ضعفها الداخلي والخارجي. ومع ذلك، فمن الصعب على نظام الملالي تجاهل العلاقات الأيديولوجية والاستراتيجية مع حزب الله، الذي تستخدمه إيران كخط دفاع أول في حال مهاجمتها من إسرائيل أو الولايات المتحدة. ومعنى ذلك أن على إيران أن تقرر إذا كانت هيبة حزب الله تستحق تدمير لبنان، كما كتبت إحدى الصحف، أم إن اضمحلاله يعرض أمنها للخطر.
- وقد حلل الصحافي ستيفان أرلينغر، المخضرم ومسؤول الشؤون الخارجية في "النيويوك تايمز"، الوضع كالتالي: "إيران في مواجهة معضلات واضحة؛ فهي تريد ترميم ردعها في مواجهة إسرائيل، لكنها في الوقت عينه تريد تجنب نشوب حرب واسعة النطاق تجر الولايات المتحدة إلى المعركة، ويمكن أن تعرض جوهر وجود الجمهورية الإسلامية للخطر."
- وقد أنشأ العمل السياسي والعسكري والجوي والاستخباراتي والإلكتروني الإسرائيلي واقعاً جديداً في الشرق الأوسط كله. والسؤال المباشر هو: هل "حماس" التي خسرت شريكها الكبير في المعركة ضد إسرئيل ستستخلص الخلاصات، سواء فيما يتعلق بصفقة المخطوفين التي أفشلتها حتى الآن، أو بالنسبة إلى وضعها ومستقبلها عموماً؟
- ومن ناحية أُخرى، يساهم اغتيال نصر الله والمعركة ضد حزب الله في الدفع قُدُماً بتطلع إدارة بايدن إلى تعاون سياسي إقليمي. والسؤال هنا: هل نتيجة اغتيال نصر الله والضرر الذي لحق بحزب الله وراعيته إيران سينشئ واقعاً جديداً في الشرق الأوسط يرجح كفة الدول الساعية للسلام؟ هذا ممكن، لكن يجب ألاّ ننسى أن هذا شرق أوسط، ويمكن أن تظهر فيه عناصر جديدة لديها أهداف مختلفة، ويجب الاستعداد لذلك.
- من الصعب التنبؤ مسبقاً بالكيفية التي سيتصرف بها خليفة نصر الله الآن، وإن كان سيأمر بمواصلة إطلاق الصواريخ والمسيّرات ويعرّض حياته للخطر، أم إنه سيركز على ترميم الحزب للمحافظة على مكانته كعنصر مركزي في السياسة اللبنانية. في جميع الأحوال، يتعين على إسرائيل أن تكون مستعدة للأمرَين، فالخطر الحقيقي هو من إيران، وليس من وكلائها، وهذا لم يكن واضحاً دائماً للزعامة الإسرائيلية في الماضي.
- عاجلاً أم آجلاً، وبغض النظر عن هوية الإدارة الأميركية الجديدة، فإنها ستضطر إلى اتخاذ قرار عملي، ليس فقط إزاء التهديدات المباشرة من إيران، بل أيضاً بشأن كونها جزءاً لا يتجزأ من محور الصين وروسيا وكوريا الشمالية الساعي لإخراج الولايات المتحدة والغرب من موقعهما الكبير في النظام العالمي.
- إن الحرب أو العملية العسكرية تنتهيان دائماً بتسوية سياسية، وليس بالضرورة باتفاق سلام، لكن مخططاً عملياً، وأحياناً موقتاً، ملائم للطرفين والأطراف الدولية التي بادرت إليه. وهذا ما يجب أن يجري في المعركة بين إسرائيل وحزب الله، ففي هذه الأثناء، من الواضح أن الحد الأدنى من التسوية التي تقبل بها إسرائيل هو إقامة حزام أمني فاصل إلى ما وراء الحدود الشمالية، بمراقبة الولايات المتحدة أو الناتو، أو واقع تحت سيطرة إسرائيل.
- من الأفضل أن يجري التوصل إلى ذلك بالوسائل الدبلوماسية، لكن هذه المحاولات لم تثمر، ويجب التفكير في وسائل أُخرى. في هذه المرحلة، إن الشرعية الدولية، وخصوصاً الأميركية، المعطاة إلى عملية عسكرية إسرائيلية ضد حزب الله هي أكبر من الانتقادات السائدة في أجزاء عديدة من العالم. لكن هذا يمكن أن يتغير، كما حدث في غزة. ومن هنا، فإن التسوية السياسية لضمان العودة الآمنة لسكان الشمال إلى منازلهم هو هدف يجب تحقيقه خلال جدول زمني في أقرب وقت ممكن.