من أجل إخضاع حزب الله، يجب مهاجمة لبنان
تاريخ المقال
المواضيع
المصدر
- مثلما تختفي خيوط العنكبوت مع أول هبة ريح، اختفى حسن نصر الله من حياتنا، واختفى معه ظلّ حزب الله الذي كان يهددنا منذ أعوام عديدة. ومع ذلك، وبينما يعلن وزير الدفاع يوآف غالانت "تفكُّك" حزب الله، يواصل الحزب إطلاق مئات الصواريخ على شمال البلد يومياً، وأصبحنا ندرك أن حرباً طويلة أمامنا.
- وفي الحقيقة، أصبح حزب الله، بعد الضربات القاسية التي وجّهناها إليه، ظلاً باهتاً لِما كنا نعتبره التهديد المركزي الذي تواجهه إسرائيل، والأكثر مباشرةً وخطراً من إيران، ويمكنه التسبب بسقوط آلاف القتلى، وبدمار فظيع. وفي الواقع، لا يزال الحزب يحظى بتأييد الطائفة الشيعية في لبنان، التي نما من داخلها، ومنها يأتي "المخربون"، ولديه عُمق استراتيجي لا تملكه "حماس"، في سهل البقاع وشمال لبنان، وهي مناطق لا يناور الجيش الإسرائيلي فيها براً حتى الآن. وطبعاً، هناك سورية المجاورة، التي يصل عبرها السلاح من إيران.
- يأملون في إسرائيل بأن الضربات التي تكبّدها حزب الله ستدفعه إلى رفع الراية البيضاء وقبول المطالب الإسرائيلية ووقف إطلاق النار، وسحب قواته من قُرب الحدود، وربما تسليم سلاحه. هذه الآمال لا طائل منها، والأكثر معقوليةً هو أن حزب الله سيواصل خوض حرب استنزاف ضدنا، وإطلاق الصواريخ ومواجهة قواتنا التي تناور في لبنان، على أمل أن تتراجع إسرائيل أولاً.
- هناك حلم واهٍ آخر، هو أن الدولة اللبنانية، أو ما تبقى منها ومن مؤسساتها وجيشها وشعبها، ستحدد مصيرها بيدها وتقف ضد حزب الله. هذا ما قصده نتنياهو في توجُّهه إلى اللبنانيين في الأسبوع الماضي، عندما شرح لهم أن حرب إسرائيل ليست موجهة ضدهم، بل ضد حزب الله. ونأمل أن يدرك نتنياهو أن كلامه هذا، الذي جاء في سياق العلاقات العامة، ليس حقيقياً، وأنه ليس مثل الفرنسيين والأميركيين الذين يصدقون وهْم وجود "لبنان آخر" قادر على الوقوف في وجه حزب الله.
- الحقيقة هي أنه لا يوجد " لبنان آخر"، إذ تعاون سكان هذا البلد وزعماؤه ومؤسساته الحكومية مع حزب الله أعواماً طويلة، سواء بحماسة، أم بصمت. وتعتمد الحكومة اللبنانية على تأييد الحزب، وهناك أعضاء من الحزب فيها، وهذه حال البرلمان اللبناني الذي يسيطر عليه الحزب سيطرة كاملة.
- في الماضي، هددت إسرائيل بأنها ستدفّع الدولة اللبنانية الثمن، وإعادتها إلى العصر الحجري، في أيّ حرب يبدأها حزب الله ضدها، وذلك بسبب الحماية التي تقدمها للحزب "الإرهابي". لكن التصريحات شيء والوقائع شيء آخر، عملياً، امتنعت إسرائيل من مهاجمة لبنان بسبب الضغط الأميركي، وربما أيضاً بسبب وجهة نظر ضيقة وعدم فهم صحيح للواقع اللبناني.
- هذا ما جرى في حرب لبنان الثانية [حرب تموز/يوليو 2006]، عندما امتنعت إسرائيل من مهاجمة أهداف حكومية وبنى تحتية لبنانية، وأعطت حزب الله صورة انتصار.
- بناءً على ذلك، يتعين على إسرائيل خلع قفازاتها، وضرب لبنان، جيشاً ومؤسسات حكومية وبنى تحتية يستخدمها حزب الله. ليس بدافع الانتقام، ولا من أجل الردع، بل كجزء من إدارة ذكية ومنتظمة للمعركة ضد الحزب. يتعاون لبنان مع حزب الله، ويسمح له باستخدام موارد الدولة وبناها التحتية في حربه ضد إسرائيل، لذا، يجب الضغط على لبنان كي يضغط على حزب الله ويُضعفه. علاوةً على ذلك، ادّعى حزب الله، طوال سنوات، أنه "درع لبنان"، وجعل اللبنانيين يعتادون عدم دفع ثمن هجماته على إسرائيل. ويجب أن نشرح لهؤلاء جميعاً أن الواقع تغيّر.
- لقد أخطأت إسرائيل حين لم تهاجم أهدافاً لبنانية عندما بدأ حزب الله هجومه ضدها. وهي تخطىء اليوم عندما تستمر في عدم ضرب لبنان الذي يساعد حزب الله. هذه السياسة يجب أن تتغير، إذا كانت إسرائيل ترغب في بلورة واقع أمني مريح على الحدود الشمالية.