لم نوقّع اتفاق الخدمة الدائمة، متى سيجري تسريحنا؟
تاريخ المقال
المواضيع
فصول من كتاب دليل اسرائيل
مهند مصطفى
أسامة حلبي, موسى أبو رمضان
أنطوان شلحت
المصدر
- عندما كنت في العشرين من العمر، اقترحوا عليّ الالتحاق بدورة ضباط. قررت أنني غير مناسب للخدمة النظامية، وأكملت خدمة 3 سنوات كمقاتل وقائد في سلاح المظليين، ثم جرى تسريحي. خلال هذا الوقت، تزوجت وكوّنت عائلة، وتطورت مهنياً خارج الجيش.
- اليوم، أشعر بأن الحكومة قررت إبقائي، مع عشرات الآلاف من المقاتلين الآخرين، في الخدمة الإجبارية الدائمة، من خلال الأمر رقم 8، وبالتالي انتهكت العقد الاجتماعي معنا. ليس من النادر أن نلتقي أشخاصاً خدموا 200، وحتى 300 يوم في الاحتياط. نخاف من التخطيط للمستقبل، ومن التعهد بالتزامات في الحياة المدنية إزاء العائلة والعمل والأصدقاء.
- وفي الواقع، تتعامل الحكومة ووزارة الدفاع مع جنود الاحتياط على أنهم استمرار مباشر للجيش النظامي. حرب البقاء التي فُرضت علينا في 7 أكتوبر، خلقت واقعاً جديداً، لكن المنظومة لم تقُم بالتعديلات المطلوبة. لقد جرت زيادة عديد الجيش النظامي بواسطة الاحتياطيين من خلال انتهاك الاتفاق بين الدولة وبين مواطنيها من عناصر الاحتياط، ومن طرف واحد.
- قبل عام، كان المجتمع الإسرائيلي يعلم بأن الاحتياطيين سيلبّون النداء عندما يجري استدعاؤهم، في مقابل أن تحرص الدولة على أن تكون الحرب قصيرة بقدر الإمكان. التزم مئات الآلاف من الاحتياطيين الجزء الخاص بهم من الاتفاق، ولبّوا النداء. لكن الدولة ورئيس الحكومة لم يتقيدا بالجزء الخاص بهما من الاتفاق، وقررا إطالة أمد الحرب، بدلاً من الإسراع بها بقدر الإمكان.
- هناك عدة أسباب جعلت خرق الاتفاق ممكناً: إن تخفيض قوة الاحتياطيين التي تقوم بالمناورة على مدى سنوات، أدى إلى تضاؤل الضرر الذي لحِق بالاقتصاد، حتى خلال عملية التجنيد العامة؛ رغبة الجنديات والجنود في إعادة المخطوفين من غزة وإعادة سكان الشمال إلى منازلهم، وطبعاً، هناك شعور بأن لا خيار سوى أن يتجند كل جندي من أجل رفاقه في الوحدة. هذه الأسباب كلها، يجب ألّا تخفي الحقيقة البسيطة: في الأسابيع الأخيرة، قُتل وأصيب مقاتلون تجنّدوا في هذه الحرب.
- لقد كان الجيش بحاجة إلى عام كامل من أجل إعداد سلاح المشاة والمدفعية. لكن الحكومة ووزارة الدفاع لم يعملا على تبديل الاحتياطيين. لقد كان على الحكومة أن تطالب مسبقاً بتجنيد عشرات آلاف الأشخاص الذين سُرحوا من الخدمة خلال الفترة 2018-2023، وكل مَن هم دون الـ23 من العمر من كل القطاعات. ومن المؤكد أنه كان عليها عدم الدفع قدماً بقانون "التوراة للتهرب من الخدمة"، كي لا يكون إخوتنا من الحريديم جزءاً من القاعدة، ولا يخوضون حرباً هي بمثابة فريضة. ولو تجنّد 10%- 15%، لكان من الممكن تقليل تجنيد وحدات من عناصر الاحتياط.
- عندما استلمت (مجدداً) الأمر 8 في "يوم الغفران"، علمت وزوجتي أنني سألبّي النداء، على الرغم من الخطط التي كنا وضعناها لعيد "يوم العُرش". وهذا ما فعله رفاق آخرون جرى استدعاؤهم قبل الموعد المحدد. لكن نسبة الحضور تتراجع، يوماً بعد يوم. الأسئلة كبيرة ومثيرة للقلق، تعيش العائلات حالة من عدم الاستقرار، جزء منها يتفكك. هناك أشخاص يُفصلون من عملهم، وطلاب لا ينهون دراستهم. وعدد كبير بات بحاجة إلى المعالجة النفسية والزوجية.
- "ما دامت الشمعة مضاءة، يمكن إصلاح الأمر". لم يفُت الأوان لإنقاذ الميثاق الموجود بيننا وبين الدولة. يتعين على الحكومة أن تعطي وزارة الدفاع الوسائل من أجل توسيع الجيش النظامي. ويجب على شعبة القوة البشرية أن تعيد آلاف المسرّحين من الخدمة الدائمة إلى الخدمة مدة سنة في وحداتهم وإعادتهم إلى الخدمة الاحتياطية التي جرى إغلاقها لأسباب مختلفة (كثيرون منهم يبحثون عن فرصة للمساهمة). ويتعين على الكنيست أن يقر في أساس الميزانية إعطاء الاحتياطيين تقديمات اقتصادية طويلة الأمد، مثل الإعفاءات من ضريبة الدخل، ومخصصات للأولاد والجنود في الخدمة، ومنح دراسية للطلاب، ومنحهم الأولوية في المناقصات العقارية، ودفع رواتب لشهور دائمة، حتى عندما لا يكونون في الخدمة. يجب الحؤول دون تدهور الوضع. يقف المجتمع الإسرائيلي أمام منعطف تاريخي. والتاريخ سيحكم ما إذا كانت الحكومة ووزارة الدفاع ساهمتا في تعزيز الجيش النظامي ومنظومة الاحتياطيين والمجتمع الإسرائيلي، أم لا سمح الله، ستتخليان عن الميثاق الاجتماعي الذي قامت عليه دولة إسرائيل.