يستمر الجيش الإسرائيلي في عملياته في جباليا، شمال قطاع غزة، للأسبوع الثالث على التوالي، وأمس (الاثنين)، استمر النزوح الجماعي للسكان لليوم الثالث على التوالي. وذكر الجيش الإسرائيلي أنه خلال الأيام الأخيرة، دمرت قوات الفرقة 162 في جباليا بنى تحتية "إرهابية" وفتحات أنفاق. وخلال هذه العمليات، تمكن مقاتلو اللواء 401، بقيادة إحسان دقسة، الذي قُتل في جباليا أمس، من قتل عدد من "المخربين" الذين شكلوا خطراً على القوات، باستخدام نيران المدفعية والمواجهات والهجمات من سلاح الجو.
وذكر سكان في غزة أن الجيش عمّق عملياته في جباليا، وحاصر مدارس كانت تُستخدم كمراكز إيواء للنازحين. وقال هؤلاء إن قوات الجيش الإسرائيلي حاصرت مجموعة من النازحين الذين طُلب منهم مغادرة جباليا، وذكرت الطواقم الطبية في مستشفيات المنطقة أنها تواجه صعوبة في القيام بعملها في ظل التوغل الإسرائيلي.
وفي الأمس، دخل توغّل قوات الفرقة 162 أسبوعه الثالث في شمال قطاع غزة، وسبقت ذلك المناورات التي قام بها الجيش هناك في تشرين الثاني/نوفمبر، وفي كانون الأول/ديسمبر، وفي أيار/مايو، حين اقتحمت الفرقة 98 مخيم اللاجئين في جباليا. وبعكس الاقتحامات السابقة ضمن إطار المرحلة "ج" لمحاربة "حماس"، والتي ستستمر في الأعوام المقبلة، واجه الجيش هذه المرة صعوبة في إجلاء السكان عن المدينة، الذين عاد، تحت غطائهم، مئات الناشطين من "حماس" إلى العمل العسكري.
بناءً على ذلك، فإن التقديرات في الجيش أن اقتحام جباليا سيستمر أسابيع طويلة، وربما شهوراً. ويدّعي الجيش القضاء على مئات المسلحين منذ بداية الاقتحام، وعلى مخازن للأسلحة وأنفاق حفرتها "حماس" من جديد.
قال أحد سكان مخيم جباليا لوكالة رويترز "إننا على وشك الموت بسبب القصف، أو الجوع والعطش. إنهم يمحون جباليا، نحن أمام جريمة، والعالم يغمض عينيه". في المقابل، صرّحت مصادر إسرائيلية لوكالة رويترز بأن الهدف من إجلاء السكان هو التفريق بينهم وبين "مخربي حماس"، ودحضت هذه المصادر الادعاءات أن ما يجري خطة منهجية لطرد السكان من جباليا، ومن شمال القطاع عموماً، بحسب "خطة الجنرالات" التي تقترح فرض حصار على شمال القطاع من أجل إجلاء السكان.
وذكر مراسل "هآرتس" للشؤون العربية (22/10/2024)، أنه في ظل الضغط العسكري الشديد على جباليا وشمال القطاع وعدم دخول مساعدات إنسانية إلى المنطقة، غادر آلاف الفلسطينيين المدينة، لكنهم لم يتجاوزوا محور نتساريم، ولم ينتقلوا إلى جنوب القطاع، بل انتقلوا إلى غربي المدينة في منطقة الشمال، باحثين فيها عن مأوى. ويقول السكان إنهم يرفضون اجتياز ممر نتساريم، خوفاً من ألّا يسمح لهم الجيش بالعودة مجدداً إلى شمال القطاع. وذكر فلسطينيون غادروا جباليا أن الجيش الإسرائيلي قسّمهم إلى مجموعتين: النساء والأطفال والشيوخ الذين سمح لهم بالعبور، والرجال والشباب فوق الـ16 عاماً الذين سيقوا إلى التحقيق.
ويعتقد عدد كبير من الفلسطينيين في شمال غزة أن الجيش يشدد الضغط عليهم لإجبارهم على النزوح. على سبيل المثال، يجبر الجيش النازحين الموجودين في مقرات الإيواء التابعة للأونروا، أو في المدارس في شمال القطاع، على المغادرة. ومَن "لا ينفّذ الأوامر، يطلقون النار عليه".
وقال سكان من غزة تحدثت معهم "هآرتس"، إن الجيش الإسرائيلي دمّر كل المباني في شمال القطاع تقريباً، بحيث لم يبقَ للناس بيوت للسكن فيها، وبالتالي اضطروا إلى المغادرة. يضاف إلى ذلك النقص الكبير في المياه والمواد الغذائية. وتحدثت أمٌّ من شمال القطاع أنها كانت تُطعم أولادها الماء والسكر. وبحسب كلامها، الجيش يجبر السكان على المغادرة كي يحصلوا على الطعام والمياه.
وتجدر الإشارة إلى أنه في الأيام الأخيرة، قُتل 70 شخصاً كانوا في جباليا وبيت لاهيا جرّاء القصف من الدبابات، ومن الطائرات، وفقاً لمصادر طبية في شمال القطاع، كذلك، قُتل في الأيام الـ17 الأخيرة أكثر من 640 شخصاً.