حتى دخول ترامب، أو هاريس، إلى البيت الأبيض، تستطيع إسرائيل أن تأخذ وتستولي على ما تشاء
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • الرئيسة، أو الرئيس الذي سيدخل إلى البيت الأبيض لن يغيّر شيئاً. ففي دولة إسرائيل، سيستمر حُكم العصابة عينها. لكن من المسموح أن نحلم. إنها الأحلام الدائمة لليمين واليسار من الإسرائيليين الواثقين بأن الواقع لا بد من أن يتغيّر لمصالحهم بصورة جذرية. وفي الطريق إلى تحقيق هذه الأحلام، هناك فترة شهرين، يبقى خلالها الرئيس بايدن في منصبه، وإيران يمكن أن تبدأ حرباً، وغزة تتضور جوعاً، ويُقتل جنودنا يومياً، والمخطوفون يموتون في الأنفاق، بينما ينظر سكان الشمال، بقلب مفطور، إلى ألبومات الصور لمنازلهم  المهجورة والمدمرة، والانقلاب الدستوري سيخطو خطوة كبيرة نحو النصر المطلق.
  • هذان الشهران خطِران للغاية، لأن حكومة إسرائيل يمكن أن تستغلهما من أجل الاستيلاء على أكبر قدر ممكن من الأراضي واستيعابها، ومن أجل تسجيل وقائع على الأرض، وتغيير خريطة الاحتلال في غزة ولبنان، واستغلال كل لحظة يكون فيها رئيس البيت الأبيض بطة عرجاء. في إمكان ترامب، أو هاريس، تحديد حجم الحرب في غزة ولبنان، واستمرارها، فقط بعد شهرين. حتى ذلك الحين، ستشعر الحكومة بأن عليها أن توضح لهما الطفرة الإسرائيلية التي تحولت في العام الماضي إلى وحش انتقامي يستمتع بالدمار والقصف والتجويع والقتل، ولا يمكن إخضاعه.
  • بالنسبة إلى اليمين، ممنوع الانتظار، فحتى لو فاز ترامب، يجب عدم السماح بسيطرة النشوة. وفي الواقع، قبل أربعة أعوام، أعطى ترامب مسبقاً مباركته لسيطرة إسرائيل على المناطق عندما نشر خطته "سلام من أجل الازدهار ورؤية لتحسين حياة المواطنين الإسرائيليين وأبناء الشعب الفلسطيني"، أو وفق اسمها المتداول "صفقة القرن"؛ التي تتضمن الاعتراف بالمستوطنات وضم القدس وأجزاء من المنطقة "ج"، ولا تستبعد نقل بلدات عربية إسرائيلية إلى سيادة الدولة الفلسطينية ضمن إطار تبادُل المناطق. لكن هذه الرؤية تنطوي على عبوة ناسفة كبيرة تهدد رؤية المسيانيين في إسرائيل. فهي تتضمن الاعتراف بالدولة الفلسطينية. صحيح أنها ستكون دولة صغيرة ضعيفة ومنزوعة السلاح، لكنها دولة ذات سيادة. وحتى لو كان هناك شك في إعادة إحياء هذه الخطة من جديد، إذا فاز ترامب، لكن بالنسبة إلى اليمين، لا ينبغي أن نخاطر وننتظر إعادة إحيائها، وخصوصاً إذا تبين أن هاريس هي الفائزة. في نظر اليمين بأكمله، المسياني والعقلاني والمعتدل، لا فارق بين هاريس وترامب بشأن كل ما له علاقة بحلّ الدولتين.
  • صواريخ من إيران؟ مسيّرات من لبنان؟ نهضة "حماس"؟ لا شيء من هذا كله يوازي الخطر الوجودي الذي يحوم منذ الآن كالسيف فوق رأس أرض إسرائيل، مثل حل الدولتين، سواء وفق صيغة ترامب، أو هاريس. ومن حسن الحظ، هناك جواب جاهز عن هذا السيناريو المرعب. وهو يكمن في التطبيق الفوري "لخطة الحسم" لبتسلئيل سموتريتش التي تقوم على وجهة النظر أن "حسم الصراع، معناه قرار واعٍ عملي وسياسي بشأن وجود كيان وطني واحد فقط ما وراء نهر الأردن، هو الوطن اليهودي".
  • هذه الجبهة مُلزمة تشريع البؤر الاستيطانية ومنحها عشرات الملايين من الشيكلات، وتسريع السيطرة على أراضٍ أُخرى، وتفريغ القرى الفلسطينية من سكانها. في المقابل، يجب تأهيل شمال القطاع، ولاحقاً جنوبه، واستيعاب اليهود فيهما، وإبعاد مليونين وربع مليون فلسطيني بصورة دائمة. وفي الواقع، لم يعد المقصود رؤية، بل استراتيجيا تتطلب تنفيذاً سريعاً، لأن العدو الأميركي البرتقالي الشعر [ترامب]، أو ذات الابتسامة الدافئة [هاريس]، على الباب. وعندما تكون هذه هي الاستراتيجيا، لا مجال للحديث عن "استنفاد العملية العسكرية"، أو ضرورة وقف الحرب من أجل تحرير المخطوفين. الآن، انتقلت أرض إسرائيل الكاملة إلى مرحلة "النهضة"، ولا يجرؤ أحد على الوقوف في وجهها.

 

 

المزيد ضمن العدد