تحالُف خطر
تاريخ المقال
المواضيع
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- دعمَ بنيامين نتنياهو المرشح الجمهوري دونالد ترامب، وسارع إلى تهنئته بفوزه. طوال سنوات، شهدت العلاقات بين الاثنين صعوداً وهبوطاً، وخصوصاً بعد اعتراف نتنياهو بفوز جو بايدن في سنة 2020، الأمر الذي أثار غضب ترامب. لكن العلاقات الشخصية لا تعدو كونها مكوناً واحداً في السياسة الدولية، بينما الأيديولوجيات والمصالح أكثر أهميةً بكثير، وهنا يقف رئيس الحكومة والرئيس المنتخب في الجانب عينه.
- نتنياهو وترامب يؤمنان بأفكار انعزالية قومية، وكراهية للأجانب، والإعجاب بالأثرياء، واحتقار المؤسسات والقواعد والقوانين. بالنسبة إليهما، الضوابط والتوازنات ليست لهما، بل لغيرهما، ويجب أن تكون سلطتهما من دون كوابح. أيضاً يجب أن يعمل الوزراء والموظفون بحسب مشيئتهم، وإلّا يُصار إلى استبدالهم. لقد نجح ترامب ونتنياهو في تحويل أحزاب سياسية، ذات تقاليد وبرنامج وآلية عمل، إلى مشروع لعبادة الشخص. ويخوض الاثنان حملات إعلامية لا تنتهي، ويحاولان استغلال الإعلام من أجل مصالحهما.
- اليمين الإسرائيلي، حاله كحال اليمين الأوروبي، يتعاطف مع المحافظين الأميركيين ويعتبرهم حلفاء أيديولوجيين له، لكن تأييد ترامب له دافع خاص: التوقعات أن يسمح الرئيس لإسرائيل بضم المناطق [المحتلة] وتدمير الحركة الوطنية الفلسطينية. ففي ولايته السابقة، قطع ترامب شوطاً طويلاً نحو هذا الهدف، من خلال نقل السفارة الأميركية إلى القدس، وإغلاق القنصلية الأميركية في القدس الشرقية، والاعتراف بضمّ الجولان، ودعم قانونية المستوطنات، لكنه أوقف نتنياهو قبل لحظة من الضمّ الرسمي لأجزاء من الضفة الغربية.
- الآن، نتنياهو ورفاقه في الائتلاف يأملون بأن يدعم ترامب "النصر المطلق"، أي طرد الفلسطينيين من شمال القطاع وإقامة مستوطنات هناك، وضم المستوطنات في الضفة، وإقامة منطقة أمنية في لبنان، وربما مهاجمة الولايات المتحدة المنشآت النووية في إيران. فالمساعدة السخية والدعم الدولي اللذان حصلت عليهما إسرائيل من إدارة بايدن، الذي أطلق يدها بحُرية في غزة ولبنان، ووقف إلى جانبها في مواجهة إيران، لا يُشبعان جوع اليمين الإسرائيلي المتعطش إلى مزيد من الأراضي، والتحضير لترانسفير لجزء على الأقل من الفلسطينيين. ومن المتوقع أن يلقي ترامب بحرص بايدن على الفلسطينيين في سلة المهملات، وأن يلغي العقوبات المفروضة على مستوطنين عنيفين، وأن يدعم نتنياهو في محاولاته القضاء على المؤسسات الديمقراطية في إسرائيل وتحويلها إلى نظام ديني استبدادي. أمّا مطالبة ترامب بوقف الحرب التي كررها في خطاب الفوز، فسيتعامل معها نتنياهو بتقديم الشروط "نعم، ولكن".
- إن السبب الذي من أجله يثير انتخاب ترامب الخوف لدى أنصار الديمقراطية الليبرالية في العالم، يجب أن يثير خوفاً خاصاً في إسرائيل. وفي الواقع، إذا تحققت توقعات نتنياهو والمستوطنين من فوز ترامب، ولو جزئياً، فإن التحالف بين الإثنين يشكل خطراً على مستقبل إسرائيل والحرية السياسية فيها، وعلى قدرتها على بناء مستقبل مشترك مع الفلسطينيين.