يجب عدم التسرع في الشمال
تاريخ المقال
المواضيع
المصدر
- إن جبهة لبنان وجبهة غزة في حرب إيران - إسرائيل غير خاضعتين لقراريهما المستقلَين، ومصيرهما مرتبط بالجبهة المباشرة بين إسرائيل وإيران، بعد تبدّل السلطة في واشنطن. وهذا ينطبق على غزة، وعلى لبنان أيضاً.
- لن تنجح إسرائيل في تدمير حزب الله بالقدر الذي تحتاجه، ومن دون القضاء على المشروع النووي الإيراني الذي سيقضي على تطلعات إيران التوسعية في المنطقة.
- الآن، ينتج من هذا التقدير أن على إسرائيل عدم التسرع من أجل التوصل إلى وقف إطلاق للنار بشروط غير كافية من أجل عودة السكان إلى الجليل الأعلى. حتى الآن، من الأفضل لإسرائيل مواصلة دفع حزب الله شمالاً، وقصف المعابر الحدودية في لبنان، والقصف الكثيف في داخل لبنان، من أجل القضاء على زعامة حزب الله وقيادته. فالقصف الكثيف للحدود بين لبنان وسورية، والرقابة على المطار، وعلى البحر، أمور لا يمكنها فصل حزب الله عن إيران بصورة كافية تؤدي إلى انهياره. بينما يمكن أن يحقق هذه النتيجة ضرب إيران بصورة مباشرة في وقت ليس ببعيد.
- إسرائيل غير مؤهلة لاحتلال لبنان كله والقيام بمهمة اللبنانيين وتجريد حزب الله من قدراته العسكرية وسلطته. لذلك، حصرت الحكومة الإسرائيلية أهداف عملية "سهام الشمال" والمفاوضات السياسية بعودة سكان الحدود إلى منازلهم من خلال إبعاد حزب الله شمالاً، وتعهُّد اميركي بألّا يعارض الأميركيون هجماتنا، مستقبلاً، لمنع حزب الله من العودة إلى الجنوب. لكن هذا الهدف المتواضع لن يتحقق، حتى لو وافقت الحكومة اللبنانية على المطالب الإسرائيلية التي حظيت بدعم اميركي، على الأقل حتى الآن. وفي الواقع، إذا وافق الجيش الإسرائيلي على الانسحاب من الجنوب نحو الحدود الدولية الآن، بحسب المقترح، وعاد "مخرّبو" حزب الله إلى منازلهم، مع سلاح، أو من دونه، فإن سكان المطلة لن يعودوا.
- حتى لو جرى تطبيق شروط وقف إطلاق النار، من غير المعقول أن يعود الإسرائيليون إلى حياتهم على الحدود. في المقابل، إذا كانت المنطقة الواقعة شمالهم خالية من الناس، وتحت سيطرة الجيش الإسرائيلي، حينها فقط، يمكن أن نطلب منهم العودة.
- فقط في وضع كهذا، يمكن عودة السكان، حتى لو لم يُنزع سلاح حزب الله في سائر أنحاء الدولة اللبنانية. أمّا عودة اللبنانيين إلى قراهم بالقرب من الحدود، فإنها ستجري في وقت لاحق، عندما يستعيد لبنان كله الحد الأدنى من السيادة، وينزع سلاح حزب الله بصورة كاملة.
- ينتهج نتنياهو موقفاً أقل تطلباً. ومن المحتمل أنه يقدّر أن حزب الله لن يوافق على مطلب أن تتمتع إسرائيل بالحرية العسكرية للتصدي لعودته إلى الجنوب. وهذا الرهان يشبه رهاناته في مناوراته السابقة في المفاوضات بشأن "صفقة المخطوفين"، فاستبق طلب "حماس"، غير المنطقي، بالحصول على ضمانات عربية ودولية لمنع إسرائيل من الهجوم، بعد إعادة المخطوفين، وترك مخطوفين آخرين في الأنفاق. لكن مناورة كهذه يمكن أن تفشل في لبنان، لأن إيران تتخوف كثيراً مما ينتظرها لدى عودة ترامب إلى واشنطن، بعد الضربات القاسية التي تعرّضت لها دفاعاتها الجوية، وتلك التي تعرّض لها حزب الله.
- في الوضع الحالي، من المحتمل أن تسمح إيران لحزب الله بالموافقة على مطالب إسرائيل. والنتيجة أن "مخرّبي" الحزب الذين هم أيضاً من سكان القرى الحدودية، سيعودون إلى الجنوب، بينما لن يعود الإسرائيليون للعيش إلى "جانبهم" على الطرف الآخر من الحدود. يجري هذا كله بينما حزب الله مهزوم، لكنه لا يزال موجوداً كتنظيم عسكري في لبنان كله. والحال هذه، ماذا تفعل إسرائيل؟ هل ستطلق النار على سكان القرى اللبنانية "المسالمين"؟ يبدو الأمر تكراراً للتسوية الماضية.
- في إمكان إسرائيل عدم الموافقة على وقف إطلاق النار الآن، بينما لم تُحسم المعركة ضد إيران بعد، وبينما تحتل قواتها مساحة خالية من السكان، وتقع ضمن إطلاق مباشر للنار من شمال الحدود. ومن الممكن التوصل إلى وقف إطلاق نار أكثر استقراراً، فقط بعد استعادة لبنان سيادته من خلال نزع سلاح حزب الله، حينها فقط، يمكن أن ينسحب الجيش الإسرائيلي إلى الحدود الدولية.