من أجل إلغاء أوامر الاعتقال في لاهاي، يجب على إسرائيل كبح الإصلاحات القضائية
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

  • القرار الفضيحة ذو اللهجة المعادية للسامية الصادر عن محكمة الجنايات الدولية في لاهاي، يحمل في طياته تهديداً استراتيجياً متعدد الأبعاد لدولة إسرائيل. فالقرار هو، قبل كل شيء، ضربة لمكانة إسرائيل وصورتها في الساحة الدولية. ومحكمة الجنايات الدولية التي تعمل استناداً إلى معاهدة روما، تتمتع بشرعية دولية واسعة النطاق مؤلفة من 124 دولة عضو فيها، بينها أغلبية الدول الديمقراطية (على الرغم من أن الولايات المتحدة وإسرائيل ليستا عضوَين فيها).
  • إسرائيل هي "الدولة الديمقراطية" الوحيدة التي صدرت ضد زعمائها أوامر اعتقال، وفي الواقع، إن هذه الأوامر تضعها في مصاف الدول المشتبه فيها، والدول الديكتاتورية، مثل روسيا والسودان وليبيا. لقد أعلن عدد من الدول الأوروبية المعروفة بمواقفها المعادية لإسرائيل، مثل إسبانيا وبلجيكا، علناً، أنها ستحترم القرار. وهناك دول أُخرى، بينها دول تُعتبر صديقة لإسرائيل، مثل ألمانيا وتشيكيا، امتنعت من التعبير عن موقف واضح بشأن انصياعها للقرار، على الرغم من انتقاداتها له، بينما الدولة الوحيدة في أوروبا التي أعلنت صراحةً أنها لن تتقيد بالقرار هي هنغاريا.
  • على المستوى العملي، هناك تخوّف من أن تؤثر الأوامر سلباً في العلاقات السياسية والأمنية والعسكرية بين إسرائيل وبين دول ديمقراطية كثيرة في أنحاء العالم والعضو في المحكمة. علاوةً على ذلك، ليس من المفترض أن تكون أوامر الاعتقال للمحكمة علنية. في أسوأ السيناريوهات، من المحتمل إصدار أوامر اعتقال سرية ضد أطراف إسرائيلية أُخرى، بصورة خاصة من صنّاع القرار، ومن الجيش. كما يمكن أن تؤثر هذه الأوامر في التحركات الجارية في المحاكم الدولية في لاهاي، بينها الدعوى التي قدمتها أفريقيا الجنوبية ضد إسرائيل لارتكابها جرائم حرب.
  • ومن المعقول أن تُستخدم الأوامر من طرف أولئك الذين يريدون أن يفرضوا على إسرائيل عقوبات، ويدفعون قدماً نحو إصدار حظر ضدها، وأن تشجع الأطراف الذين يطالبون بنزع الشرعية عنها، ويطالبون محاكمهم المحلية وحكوماتهم بتنفيذ أوامر الاعتقال. عملياً، يوجد خط مباشر يربط بين قرارات الاعتقال وبين ازدياد ظاهرة نزع الشرعية عن إسرائيل، وتصاعُد العداء للسامية منذ نشوب الحرب.
  • تقف إسرائيل في مواجهة هذه المجموعة من التهديدات، ويتعين على رئيس الحكومة العمل من أجل إلغاء هذه الأوامر ومنع استمرار الوضع القائم، وذلك من خلال سياسة متكاملة في الداخل والخارج. في الساحة الداخلية، المطلوب من رئيس الحكومة كبح الخطوات الرامية إلى إضعاف المنظومة القضائية فوراً، من دون انتظار دخول ترامب إلى البيت الأبيض، بعد شهرين، وتعيين رئيس دائم للمحكمة العليا وتشكيل لجنة تحقيق رسمية، بصورة تؤكد استقلالية القضاء، وأن إسرائيل تحقق بنفسها في كل الأحداث. ولهذا أهمية كبيرة لأنه، بحسب مبدأ الحوكمة، تمتنع المحكمة الدولية من التدخل في حوادث تقوم الدول بالتحقيق فيها بنفسها، وتتخذ الإجراءات القانونية المناسبة.
  • في المقابل، يتعين على إسرائيل خوض معركة دبلوماسية واسعة النطاق من أجل تجنيد حلفائها، وعلى رأسهم الولايات المتحدة، من أجل رفض القرار والعمل على إلغائه. صحيح أن الرئيس بايدن هاجم القرار بشدة، ووصفه بـ"الفضيحة"، لكن من غير الواضح ما إذا كان مستعداً لاتخاذ إجراءات قاسية ضد أيّ دولة، أو طرف يدعم القرار. بالنسبة إلى ترامب، سيشكل الموضوع اختباراً لزعامته ومنظومة العلاقات التي ينوي إقامتها مع الدول في النظام الدولي. لذلك، من المعقول الافتراض أنه سيكون مستعداً لاتخاذ خطوات عقابية شديدة غير مسبوقة، ليس فقط ضد أعضاء المحكمة، بل أيضاً ضد أيّ دولة تؤيد القرار.

 

 

المزيد ضمن العدد