شاركت مئات من الطائرات الحربية الإسرائيلية خلال اليومين الماضيين، وعلى مدار الساعة، في تدمير الطائرات العسكرية للجيش السوري ودفاعاته الجوية، في محاولة للقضاء على ما تبقى من قدرات عسكرية للنظام السوري السابق.
وبحسب تقدير مصادر استخباراتية أجنبية مختلفة، فقد جرت مهاجمة أكثر من 300 هدف عسكري، وبشكل خاص تابع لسلاح الجو السوري وقواعده الجوية، بينها طائرات سوخوي وطائرات ميغ، كذلك، جرى تدمير مخازن للسلاح. والمرة الأخيرة التي دمرت فيها إسرائيل سلاحاً جوياً كاملاً للعدو، كان السلاح الجوي المصري في حرب الأيام الستة، حرب حزيران/يونيو 1967.
ولا تستبعد التقديرات أن يقضي سلاح الجو الإسرائيلي على كل القدرات الجوية للجيش السوري، بحيث لا يبقى للمتمردين قدرات يمكنهم استخدامها في منصاتهم الجوية. أيضاً، يقوم سلاح الجو الإسرائيلي بتدمير العشرات من بطاريات الصواريخ المضادة للطائرات، الضخمة والمتطورة، في شتى أنحاء سورية، ويُخرجها من الخدمة. وتُعتبر منظومات الدفاع الجوي السورية من الأكثر كثافةً في العالم، وتشمل صواريخ أرض - جو، وهي التي حدّت من التفوق الجوي الإسرائيلي في الأجواء السورية، وتسببت بصوة خاصة في العقد الأخير في إسقاط طائرة أف -16 إسرائيلية في الجليل.
وخلال اليومين الأخيرين، جرى إجلاء عشرات الدبلوماسيين الروس من دمشق، كما أُنزل العلم الروسي من فوق مبنى السفارة الروسية في العاصمة السورية. ويمكن التقدير أن القوات الروسية موجودة في قاعدة حميميم بالقرب من اللاذقية، شمال غرب سورية. وذلك تخوفاً من ردة فعل المتمردين الذين يتذكرون جيداً الدور الذي قام به الروس طوال الحرب الأهلية في سورية، دفاعاً عن النظام السوري، فضلاً عن أن روسيا هي التي منحت الأسد وعائلته حق اللجوء في موسكو.
وفي ليل الأول من أمس، سُمع دويّ انفجارات في اللواء 12 والكتيبة 175 التابعَين للجيش السوري، نتيجة تفجير مخازن للسلاح جرّاء غارة إسرائيلية استهدفت الموقعين. كذلك، جرى الحديث عن وقوع هجوم بالقرب من تل الحارة في ريف درعا الشمالي. وتقريباً، في الساعة الثالثة فجراً، جرى الحديث عن غارات إضافية على مواقع عسكرية في درعا والمنطقة.
في غضون ذلك، قالت مصادر إسرائيلية أمس لصحيفة "الوول ستريت جورنال" إن الهدف من الغارات الجوية على سورية هو الدفاع عن أمن إسرائيل، في مواجهة سيناريو متطرف، مثل أن تكون الحكومة الجديدة في سورية معادية جداً لإسرائيل، ويمكن أن تشنّ هجوماً عليها. ثمة سيناريو محتمل آخر، هو أن تنزلق سورية إلى حرب أهلية تستمر أعواماً، تستولي خلالها مجموعات من المتمردين على الأسلحة التي تركها الجيش السوري وراءه. وأعربت هذه المصادر عن خشيتها من وقوع السلاح الكيميائي في أيدٍ غير صحيحة.
وقال جيرمي يسسخروف، الذي كان يعمل مديراً لوزارة الخارجية الإسرائيلية، للصحيفة: إن لدى إسرائيل صورة عن السلاح الكيميائي السوري منذ سنة 2010. وقال إن سورية طورت مواد كيميائية ومنظومات إمداد. وفي تقدير إسرائيل، تحتفظ سورية بنحو 1300 طن من المواد الكيميائية، من بينها غاز السارين وVX وغاز الخردل".
من جهة أُخرى، رصد الجيش الإسرائيلي، غداة سقوط النظام السوري، أن إيران تفكك وسائلها القتالية، وتُبعد ناشطيها عن سورية. في الوقت عينه، شنّ سلاح الجو الإسرائيلي هجمات لمنع تهريب السلاح من سورية إلى لبنان. وبعد احتلال الجيش الإسرائيلي أعلى قمة في جبل الشيخ في الأمس، عزز قواته بسلاح المدفعية والدبابات التي انتشرت على طول الحدود في المنطقة الفاصلة، وفي مناطق أُخرى سورية مشرفة، بالقرب من الحدود.
وفي الأمس، أقرّ وزير الخارجية جدعون ساعر بمهاجمة إسرائيل أهدافاً مختلفة في سورية "كي لا تقع في يد جهات متطرفة"، بحسب قوله. وخلال إحاطة له مع المراسلين الأجانب، قال ساعر: "إن ما يوجّهنا هو أمن دولة إسرائيل والمواطنون الإسرائيليون، لذلك، هاجمنا منظومات سلاح استراتيجي، وقدرات إنتاج للسلاح الكيميائي، وصواريخ وقذائف بعيدة المدى، كي لا تقع بين أيدي جهات متطرفة"، وأضاف: "لدينا علاقات مع الأكراد والدروز في سورية".
كذلك، قام الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي في الأمس بتبليغ الطواقم القتالية في فرقة المظليين وقوات عملانية أُخرى بآخر المستجدات من أجل منع أيّ تهديد، وانتشرت هذه القوات في المنطقة الفاصلة، وفي النقاط المُشرفة، وبعد يوم على بدء قوات الفرقة 210 بعملياتها الاستباقية، دفاعاً عن مستوطنات الجولان، بعد سقوط النظام السوري. بالإضافة إلى ذلك، تعمل قوات من الهندسة والمشاة والمدرعات بإمرة قيادة الألوية الإقليمية، لواء الجولان (474) ولواء الجبل (810)، وهي تنتشر على طول الحدود الإسرائيلية - السورية في عملية دفاعية واسعة النطاق.