التنصت، النسخ، الاختراق والتسجيل والتصوير: قانون التجسس يفتح الباب أمام دولة الشرطة
تاريخ المقال
المواضيع
فصول من كتاب دليل اسرائيل
مهند مصطفى
أسامة حلبي, موسى أبو رمضان
أنطوان شلحت
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- "قانون الشرطة" الذي تم تمريره في الكنيست بالقراءة التمهيدية قبل شهر، وأُطلق عليه اسم "قانون التجسس"، ينص باختصار على أنه في الجرائم التي يتعدى الحكم فيها بالسجن العشرة أعوام، يُسمح للشرطة بأن تطلب من قاضٍ منفرد استخدام برامج تجسُّس واختراق كومبيوتيرات وهواتف ذكية من أجل أخذ معلومات من داخلها. وبحسب اقتراح القانون، فإن تفعيل هذه البرامج التجسسية مسموح لتحقيق هدفين: ملاحقة المجرمين بعد تنفيذ الجريمة؛ والسماح للشرطة بجمع المعلومات الاستخباراتية قبل تنفيذ الجريمة، بهدف منعها.
- هناك كثير من النواقص المهمة في مقترح القانون، يمكن أن يشرّع بعضها الطريق إلى مأسسة دولة شرطة، بعد أن تتم إزالة الكوابح الموجودة الآن. ومن أهم هذه النواقص، هو أنه بحسب القانون القائم اليوم، يمكن للشرطة أن تخترق حاسوباً، فقط خلال مرحلة التحقيق العلني، وهو ما يسمح للمتهم بطرح ادعاءاته أمام القاضي والرد على ادعاءات الشرطي. تقوم الطريقة المتبعة في إسرائيل على المنافسة "العادلة" بين ادعاءات الطرفين أمام القاضي، أمّا مقترح القانون الجديد فيحوّل القضاة إلى مستشارين قضائيين للشرطة.
- كابح آخر ستتم إزالته في مقترح القانون، هو إلغاء الشروط التي تسمح باختراق الحاسوب: أولاً، وجود مالك الحاسوب والشهود. هذه الكوابح تصعّب العمل على المحققين بالتفتيش في مضامين غير مهمة للتحقيق. إمكان اختراق حاسوب من دون وجود شهود، أو مالك الجهاز، يخلق فجوة كبيرة جداً. وبعد التعديل، يمكن أن تفحص الشرطة كافة المضامين: شخصية، وحساسة، وأسرار تجارية أيضاً، وغيرها. أمّا الفجوة الثالثة، فتكمن في توسيع صلاحيات الشرطة إلى مرحلة منع تنفيذ الجريمة أصلاً. يسمح القانون اليوم باختراق حاسوب، فقط بعد تنفيذ الجريمة، أمّا هذا التعديل، فيخلق لدى المواطن الطبيعي شعوراً بأن خصوصيته مُخترقة، على الأقل من طرف قوة النظام. معنى توسيع هذه الصلاحيات هو أنه لن يكون هناك أيّ مواطن محمي في إسرائيل على صعيد خصوصيته. ويكفي أن تشرح الشرطة لقاضٍ، من دون وجود طرف آخر، أن اختراق الحاسوب سيمنع جريمة، من أجل زرع برنامج تجسّس.
- والفجوة الرابعة: اليوم، يتم السماح باختراق حاسوب، فقط بعد الموازنة الدقيقة بين خصوصية المشتبه فيه وبين درجة خطورته. يسمح اقتراح القانون للشرطة بطلب تصريح اختراق للحاسوب من دون تفريق بين أنواع التكنولوجيا التي تُستعمل لتنفيذ الاختراق، إذ من الواضح أن هذه البرامج الموجودة اليوم يمكن أن تحول الكومبيوتر والهاتف الذكي إلى أداة تسجيل وتصوير للمحيط. بما معناه، الحديث لا يدور عن توازن بين الخصوصية وخطورة فرد معين، بل أيضاً بين خصوصية الفرد نفسه وبين خصوصية كل مَن يمكن أن يكون حوله في الشارع، أو في صالة الرياضة، أو أيّ مكان آخر.
- أمّا الفجوة الخامسة، فتتطرق إلى احتمال الضرر الكبير الذي يمكن أن يلحق بجودة الأدلة. يسمح بعض البرامج التكنولوجية باختراق الحاسوب، وأبعد من ذلك، عندما تسمح بالقيام بنشاطات داخل الجهاز. والأخطر من ذلك، أن بعض أنواع التكنولوجيا يسمح بالتلاعب بالمواد الموجودة في الجهاز.
- الفجوة السادسة تنبع من حقيقة أنه لا يتم اتباع طريقة رفض الأدلة التي لم يتم التوصل إليها بشكل قانوني. بما معناه - يمكن للشرطة أن تخترق الجهاز من دون تصريح، ثم تشريع ذلك عبر الحصول على تصريح، بعد القيام بذلك. والحقيقة أن القانون لا يجيب عن هذا أيضاً لأن هناك البرامج التجسسية التي لا تسمح بمعرفة زمن حدوث الاختراق.
- الفجوة السابعة تكمن في حقيقة أنه لا يوجد في اقتراح القانون حماية للمحامين، أو الأطباء، أو غيرهم، حين تكون السرية أساس العمل. والفجوة الثامنة: اختيار التهم التي يمكن الاختراق، بعد الاشتباه بنيّة تنفيذها، والتي تبدو غريبة، مثل "البند 157 من قانون الجنايات" الذي يتطرق إلى الإخلال بالأمن العام، وهي تهمة يمكن توجيهها إلى معارضي النظام. هذا في الوقت الذي لم يتم تضمين تهم، مثل الفساد ونزاهة الحكم، في القانون. من الممكن أن يكون الهدف من القانون هو حماية ممثلي الجمهور من ملاحقة الشرطة من أجل الدفاع عن الديمقراطية، لكن يبدو أنه لا يطمح إلى الدفاع عن معارضي النظام في الوقت نفسه.
- صحيح أن قوانين التنصت الموجودة حالياً قديمة وتحتاج إلى تحديث يتضمن البرامج التجسسية واختراق الحواسيب، لكنها تحتاج أيضاً إلى كوابح. يمكن مثلاً وضع ممثل لسلطة الخصوصية في وزارة العدل، يدافع عن حقوق مالك الجهاز في مرحلة التحقيق السري. إمكان آخر هو ذِكر قائمة البرامج التجسسية التي يُطلب من القضاة المصادقة على استعمالها. وستعطي هذه الإضافة التفضيل للتكنولوجيا التي توثق كل خطوة قام بها الشرطي خلال اختراق الجهاز، وأيضاً تكنولوجيا لا تسمح بالقيام بتغييرات في مضمون المواد الموجودة في الجهاز، بل النظر إليها فقط.