شعار بن غفير البائس؛ حينما ترعب الجمهور من أجل أجندة سياسية
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

المؤلف
  • تترافق الحملة الحالية التي يقودها وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ضد صفقة استرجاع المختطَفين مع شعار يكرره مراراً: "لن أسمح بإطلاق سراح ألف سنوار." وأحياناً يضيف: "هناك ألف سنوار سينفذون هجوماً يماثل 7 تشرين الأول/أكتوبر بجرعات مكثفة"، أو "سيُقتل عشرات الآلاف من شعبنا."
  • ظاهرياً، يحاول بن غفير تصوير نفسه على أنه شخص يضع أمن مواطني دولة إسرائيل في مقدمة اهتماماته، لكن تحذيره، سواء أكان يؤمن به فعلاً، أم كان يطلقه لأغراض سياسية، فهو يثير الاستياء والغضب؛ إذ بعد الكارثة الأكبر في تاريخ الدولة، يجب أن تكون الأولوية الأهم للمؤسسات الحكومية، سواء أكانت سياسية أم أمنية، وهي نفسها تلك المؤسسات التي أخفقت بصورة مخزية، وهذا ضمان لعدم تكرار "مذبحة" مماثلة، بغض النظر عن عدد من يشبهون السنوار حولنا. من حق بن غفير أن يعارض الصفقة المطروحة ويَعْتَبِرَ ثمنها باهظاً للغاية، لكن واجبه، إلى جانب باقي وزراء المجلس الوزاري، هو الالتزام أمام الجمهور بأن دولة إسرائيل ستفعل كل ما في وسعها لمنْع أعدائنا من تحقيق طموحاتهم القاتلة. وبدلاً من ذلك، فهو يهدد الجمهور بوقاحة، مشيراً إلى أنه إذا تم تنفيذ الصفقة، فإن القيادة (السياسية والأمنية، وهو جزء منها) ستخفق مرة أُخرى في أداء واجبها الأساسي المتمثل في حماية المواطنين من "مذبحة" أُخرى.
  • إن هذا التهديد، بالإضافة إلى كونه تلاعُباً، هو تهديد غير أخلاقي أيضاً. فإذا كان هذا هو الحال من وجهة نظره، فما الهدف من هذه الحرب القاسية وتكاليفها الباهظة؟ إذا كانت إسرائيل، بعد كل عمليات الاغتيال والهجمات التي نفذتها في الشرق الأوسط، لا تزال في وضع أمني هش للغاية، إلى درجة أن إطلاق سراح ألف أسير يشكّل عقبة لا تستطيع الدولة التغلب عليها، فما الدرس الذي يمكننا استخلاصه من هذا كله؟
  • هذا في الحقيقة استباق إلى الاعتراف بالإخفاق، واعتراف بأن دولة إسرائيل القوية، التي لطالما احتفلت بانتصاراتها المطلقة، عاجزة عن حماية حدودها ومواطنيها. هل يؤمن بن غفير بهذا حقاً؟ الإجابة ليست واضحة ولا مؤكدة، لكن إذا كانت هذه هي الحقيقة؛ فلماذا لا يستغل هذا الكابوس الأكبر لكل مواطن في دولة تعاني جرّاء صدمة ما بعد الكارثة منذ أكثر من عام؟
  • بالمناسبة، يُفترض ببن غفير، كونه عضواً في المجلس الوزاري الأمني المصغر، أن يعرف أن المنظمات "الإرهابية" المحيطة بنا من الشمال والجنوب والشرق تضم فعلاً الآلاف ممن يشبهون السنوار، حتى من دون تنفيذ صفقة. وهو بتصريحاته هذه يعلن لتلك المنظمات المعادية لإسرائيل، بصورة واضحة، أن دولة إسرائيل غير قادرة على الدفاع عن نفسها ضدهم وضد أصدقائهم، ولعلنا يجب أن نشكره جميعاً على هذه "المساهمة الكبيرة" في استعادة الردع الإسرائيلي.
  • ربما يدرك بن غفير جيداً أن دولة إسرائيل، التي تمكنت في السنة الأخيرة من هزيمة أعدائها الأشداء، قادرة تماماً على التعامل مع ألف سنوار إذا ما انتهجت سياسة صارمة تجاه أي خرق لشروط الاتفاق المستقبلي، وإذا لم تعد إلى الوهم الذي كان معششاً في عقولنا حتى تاريخ 6/10/2023. فإذا ما كان وزير الأمن القومي يعلم هذا، ومع ذلك يواصل تكرار شعاره هذا أمام عائلات المختطَفين لتبرير معارضته القاسية والمفتقرة إلى الرحمة تجاه الصفقة التي يمكن أن تنقذ مَن يمكن إنقاذه من الأسرى، فما هو دافعه الحقيقي؟
  • هل يُعقل أن يكون السبب في الحقيقة ليس الخوف على أمن مواطني إسرائيل، إنما الخشية من أن تنتهي الحرب. فإذا انتهت الآن، فما الذي سيحدث لأحلامه وأحلام أصدقائه بشأن إقامة مستوطنات في غزة؟

 

 

المزيد ضمن العدد