بايدن لن يترك لنا شيكاً مفتوحاً بعد ذهابه، لكن ترامب سيكون "في المنتصف"
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

المؤلف
  • ودّعته إسرائيل بابتسامة مُرّة وحلوة، وأرسل رئيس الحكومة تهنئته إلى الرئيس المنتخَب، والمنتهية ولايته، وللمرة الأولى، أرسل شكره الكبير، بعد أن كان بالكاد يقول شكراً. وهذا أمر مؤسف ومخيب للأمل، إذ يستحق بايدن شكراً كبيراً منا جميعاً، إسرائيليين ويهوداً في شتى أنحاء العالم، فقد كان أكبر صديق لإسرائيل، ووقف إلى جانبها في كل الأزمات والأوقات طوال 50 عاماً، ومنذ التقى للمرة الأولى غولدا مائير، وكان كما قال "صهيونياً"، ودافع عن إسرائيل طوال الوقت.
  • كان وقوفه إلى جانب إسرائيل مثيراً للإعجاب وشديد الأهمية في أبعاده التاريخية؛ فمنذ اللحظة الأولى من 7 تشرين الأول/أكتوبر، تحرك للدفاع عن إسرائيل، وأرسل شحنات السلاح، وحرّك حاملات الطائرات إلى منطقتنا، وحذّر أعداء إسرائيل من استغلال ضعفها الراهن قائلاً "Don’t"، وعمل على موضوع أن دولاً أُخرى في العالم لا تقف إلى جانب إسرائيل بالحماسة نفسها كي تنضم إليه [الائتلاف]. وإن الائتلاف الذي أنشأه حال دون نشوب حرب إقليمية، وساهم في بناء محور جديد معادٍ للمحور الشيعي نراه يتحقق أمام أعيننا.
  • لقد كان بايدن مدفوعاً بمزيج نادر من القيم والمصالح وأيضاً من المشاعر القوية ونفس حساسة... ومن الصعب وصْف مسار هذه الحرب من دون مساعدته، ومن الصعب وصف واشنطن من دونه؛ إنه الرجل الذي كان موجوداً دائماً من أجل إسرائيل، وربما لهذا السبب خسر الديمقراطيون الانتخابات. لقد برزت مؤشرات تحذير مبكرة، وأعربت وسائل الإعلام عن تحفُظها عن إدارة إسرائيل للمعركة أكثر من مرة، وعن ارتفاع عدد الضحايا المدنيين يوماً بعد يوم. ونشأت معارضة قوية بين أطراف في الإدارة الأميركية، ومؤخراً جرى الحديث عن استقالة 11 مسؤولاً رفيع المستوى في الإدارة بسبب تأييد بايدن لإسرائيل، وازدادت في حزبه الأجواء المعادية لإسرائيل.
  • لكن هذا كله لم يجعله يغير نهجه، فقد كان يثق في إسرائيل، وأقل ثقة في نتنياهو، ورأى حيله ومراوغته والخداع والعرقلة، لكنه ظل ثابتاً على رأيه. وفي مرحلة معينة، أصابه اليأس التام من "صديقه" كما كان يسمي نتنياهو، لكنه وجد طريقة للتفريق بينه وبين إسرائيل الدولة والشعب اليهودي، ولم يتخلَ عنهما أو ينسهما.
  • لماذا تمنت إسرائيل فوز ترامب (إسرائيل تمنت ذلك فقط، بينما الجالية اليهودية في الولايات المتحدة ظلت موالية للديمقراطيين)؟ لقد جرى تدليلنا، واعتبرنا بايدن أمراً مفروغاً منه.
  • ما الذي كان يمكن أن يجري لو أن أوباما كان رئيساً في حرب كهذه؟ لا نعرف. إسرائيل تريد كل شيء. وفي اللحظة التي حاول بايدن فيها وإدارته لجْم إسرائيل وتحذيرها بأن عليها أن تحترم القانون الدولي والقانون الأميركي، غضبنا كثيراً.
  • لقد شعروا في إسرائيل بالإهانة عندما اشترط بايدن من أجل شحنات السلاح بأن تتعهد إسرائيل بالتحرك بحذر ولا تُلحق الضرر بالمدنيين من دون حاجة إلى ذلك، أو ترتكب مخالفات أُخرى، وهذا ما شجع عليه أيضاً قادة في إسرائيل.
  • لقد حافظ بايدن على إسرائيل، والولايات المتحدة هي الوحيدة التي وقفت إلى جانبها في المحافل الدولية، باستثناء المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي التي ليست عضواً فيها. وحتى بلينكن وزير الخارجية، صديق إسرائيل، دُهش من تصاعُد المعارضة لإسرائيل في العالم. ويجب أن نتساءل: ما الذي كان يمكن أن يحدث لولا التأييد السياسي للولايات المتحدة لإسرائيل؟
  • لكن بالنسبة إلينا، فإن كل شرط أو قيد تفرضه علينا الولايات المتحدة يُعتبر إهانة. كيف يجرؤون على ذلك؟ لماذا لا يفهمون؟ بالعكس، هم يفهمون جيداً، ولذلك قاموا بحمايتنا من أنفسنا، ومن المتطرفين المسيانيين الذين سيطروا على الحكومة، وعلى مراكز القوى السياسية، وهم يدفعون بإسرائيل نحو مواجهة شاملة مع الولايات المتحدة ومع العالم كله.
  • إسرائيل هي دولة متطرفة، إمّا أن تكون معنا وإمّا ضدنا. ألا يوجد حل وسط؟ بالتأكيد يوجد، وإذا أردتم دليلاً، فإنه دونالد ترامب، العائد إلى واشنطن، والرئيس الـ45 والـ47.
  • منذ وقت، وضعوا في إسرائيل التاج على رأسه؛ عالم كامل من التوقعات والآمال، وإيران، والضم، و"حماس" وحزب الله، وقالوا إنه هو الذي سيكبح أعداءنا ويسمح لنا بأن نفعل ما نشاء. لكن هذا لن يحدث، فقد أدلى، وهو في طريقه إلى البيت الأبيض، بتصريحات، وقام بخطوات أخرجت الهواء الساخن من هذا البالون، وهذا جيد ويجب أن نعتاد الأمر.
  • لا يوجد هنا شيك مفتوح يسمح لنا بأن نفعل ما نرغب فيه، فترامب يريد استعادة عظمة الولايات المتحدة قبل كل شيء. صحيح أنه طرح أفكاراً بشأن قناة بنما وغرينلاند، لكنه أوضح أن الحروب ليست على جدول أعماله، وأنه يسعى للتطبيع مع السعودية، ولنظام جديد في الشرق الأوسط، فهل تسمعون؟
  • سيكون ترامب في "المنتصف"، ليس مع هذا الطرف أو ذاك، وهذا أمر جيد. يتمتع الشعب اليهودي بذاكرة طويلة... وفي المقابل، فإن ذاكرة إسرائيل قصيرة جداً. هل أنت معنا أم ضدنا؟ يجب أن تقول فوراً والآن. ويجب أن يكون الرضى علينا سريعاً وكاملاً.
  • عذراً، نحن نحتاج إلى شيء من الصبر والمسافة. لقد كان بايدن متقدماً جداً في السن، وفي العام الأخير، برزت أخطاؤه السياسية وذاكرته التي خانته ومشيته المترددة. يجب أن نتذكره في لحظاته الكبيرة كأيقونة الديمقراطية والأخلاق والصدق والعدل. لقد كان صديقاً كبيراً لإسرائيل.
  • وداعاً أيها الصديق، سنشتاق إليك، وشكراً.

 

 

المزيد ضمن العدد