ترامب يحلم بجائزة نوبل للسلام ويأتي مع "هراوة طويلة" في مواجهة نتنياهو
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

  • هناك أمر واحد لا جدال فيه. عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض جيدة جداً بالنسبة إلى إسرائيل، وقُرب ترامب من إسرائيل يساعدها. رأينا ذلك في صفقة الرهائن التي وصلت إلى خط النهاية، بعد أكثر من سنة من المفاوضات، ومن دون أن ندخل في نقاش بشأن صاحب الفضل في ذلك، بايدن، أم ترامب، يمكن القول إن هذا لم يكن ليحدث لولا ترامب. إن تهديده بـ"فتح أبواب جهنم" فعل فعله في غزة، ونجح في تخويف "حماس"، بينما لم ينجح بايدن في ذلك منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر.
  • توجد مؤشرات وراء الكواليس، تدل على أن هذا التقارب بين ترامب وإسرائيل ستكون له تداعيات إيجابية عليها: ستفهم المنطقة، وخصوصاً السعودية وإيران، أن إسرائيل لها ظهر قوي، هو ترامب.  وهذا الخبر جيد جداً لخلق الردع، وغرس الوعي لدى أعداء إسرائيل بأن عليهم عدم العبث معها، لأن مَن يمسّها، يمكن أن يتورط مع ترامب. حتى في أوروبا، هناك تقارير أولية تتحدث عن دولة، مثل إيرلندا، بدأت تتلمس طريقها من أجل التصالح مع إسرائيل.
  • وهذا الخبر جيد طبعاً، من زاوية التطبيع مع السعودية، لأن توسيع اتفاقات أبراهام هو بمثابة "الطفل المدلل" لترامب، والهدف المركزي هو التطبيع بين السعودية وإسرائيل، الذي سيؤدي إلى التطبيع مع دول أُخرى ستقف في الصف تنتظر دورها. لقد شدد ترامب على هذا في خطاب التنصيب في الأمس، عندما قال إنه يريد أن يذكره التاريخ "كصانع للسلام"، وبعدها فوراً، هنّأ بعودة المخطوفين بفضل الصفقة. وهذا قد يجبر إسرائيل على دفع ثمنه بـ"العملة الفلسطينية"، الأمر الذي يمكن أن يعرّض ائتلاف نتنياهو للخطر.

قطار التطبيع غادر المحطة

  • لقد كان التطبيع هدفاً مركزياً، بالنسبة إلى بايدن، لكنه لم ينجح في تحقيقه، كما لم ينجح في التوصل إلى صفقة تبادُل المخطوفين. قبل 7 أكتوبر، كانت إدارة بايدن قريبة جداً من اتفاق تطبيع، وليس سراً أن أحد العوامل التي أقنعت السنوار بإعطاء الأوامر بالهجوم كان نسف الاتفاق الذي يجري العمل عليه، حينها. لا شك في أن السنوار نجح في عرقلة التطبيع مع السعودية، لكن بحسب كلام مسؤول أميركي رفيع المستوى في الإدارة المنتهية ولايتها، فإن "القطار غادر المحطة".
  • في الأشهر الأخيرة، جرت عدة محاولات من أجل إحياء الاتصالات مع السعودية، قادها السيناتور الجمهوري المقرب من ترامب ليندسي غراهام، الذي اعتقد أنه من الجيد الدفع بالتطبيع في فترة تبدُّل الإدارات، وذلك للحصول على دعم الجمهوريين والديمقراطيين. لكن خطوة غراهام لم تؤت ثمارها.
  • في تلك الفترة، أُجريت اتصالات شارك فيه طاقما بايدن وترامب. وطُرحت خلالها عدة نقاط غير واضحة تتعلق بالدولة الفلسطينية. وتحدث حاييم ليفنسون في"هآرتس"، مثلاً، عن حدوث انعطافة في الاتصالات والتوصل إلى صيغة جديدة تتعهد إسرائيل، في إطارها، إعطاء الفلسطينيين "طريقاً نحو الدولة الفلسطينية"، بدلاً من الاعتراف الرسمي. لقد كذّب مكتب رئيس الحكومة هذه الأخبار بشدة.

هل سيركع نظام الملالي من دون هجوم؟

  • بالنسبة إلى إسرائيل، الموضوع المركزي المطروح هو إيران، وإيران، وإيران. وبعكس التقارير في إسرائيل التي تحدثت عن احتمال مهاجمة إسرائيل المنشآت النووية في الجمهورية الإسلامية، فإن التفاهم على المستوى السياسي الرفيع أن مثل هذا الأمر لن يجري من دون التنسيق مع ترامب، الذي كما هو معروف، لم يستبعد إمكان تأييده هجوماً كهذا. والتنسيق بشأن هذا الموضوع الحساس، يجب أن يجري وجهاً لوجه، ولهذا، يُجري مكتب رئيس الحكومة مع البيت الأبيض مفاوضات بشأن زيارة نتنياهو إلى واشنطن في وقت قريب، والاجتماع بترامب في البيت الأبيض...
  • التقديرات في إسرائيل أن ترامب سيكون في بداية ولايته مشغولاً بالمسائل الداخلية والهجرة. وهذا لا يعني انه لن يهتم بالشؤون الخارجية، فهو ملتزم بشأن القضايا المتعلقة بإيران والصين، ويرى كثيرون في الإدارة الأميركية أن إيران "ذراع" صينية، أي وكيلة أكبر عدوّ للولايات المتحدة في الشرق.
  • عندما نتحدث عن إسرائيل، من المهم أن نفهم أنه يوجد معسكران كبيران حول ترامب: هناك المعسكر الموالي لإسرائيل، والمعسكر الانفصالي الذي يتهم إسرائيل بمحاولة جرّ الولايات المتحدة إلى مواجهة عسكرية مع إيران. بالنسبة إلى إسرائيل، ليس من السهل السير بين النقاط. لكن الاتجاه القلبي لترامب هو أن "إسرائيل هي إلى جانب الطيبين". إلّا إن هذا لا يعني استبعاد إمكان الدخول في مواجهات مع ترامب. تحدث مسؤولون أميركيون كبار عن الموضوع، فقالوا إن ترامب يعرف كيف يتكلم مع نتنياهو "وهو سيحمل في يده هراوة طويلة". وفي المقابل، أكد مسؤولون كبار مقربون من ترامب أنه "لن يكون لكم رئيس أفضل منه".

الاختبار الأول للعلاقات

  • يريد ترامب الدخول في التاريخ بصفته مَن حمل السلام إلى الشرق الأوسط، وهو يحلم بالحصول على جائزة نوبل للسلام. ويعتقد مَن حوله أن حلّ النزاع الإسرائيلي الفلسطيني أسهل من حلّ الحرب في أوكرانيا، لقد قال ترامب هذا شخصياً. وبحسب التقديرات، فهو سيحاول، قبل ذلك، الانتهاء من صفقة التطبيع مع السعودية، وسيكون الثمن تقديم أفق سياسي للفلسطينيين، وربما أكثر، وهذا يعني أن حكومة نتنياهو الحالية ليست قادرة على مواجهة هذا، حتى مع مظلة أمان من المعارضة، وهي ستنهار من الداخل.
  • فيما يتعلق بإعادة إعمار غزة، قد يكون في انتظار إسرائيل مفاجأة ليست صغيرة، لأن ترامب سيكون مع نقل الصلاحيات إلى السلطة الفلسطينية، الأمر الذي لا يمكن أن تستوعبه الحكومة الحالية.
  • في الخلاصة، إذا كان هناك خطر على سلامة الائتلاف، ورأينا استقالة بن غفير بعد الصفقة الحالية، فإن التهديد ناجم بالتحديد عن ترامب نفسه.
  • الاختبار الأول لترامب حيال إسرائيل سيكون في المرحلة الثانية من صفقة الرهائن. ادّعى نتنياهو في جلسة الحكومة الدراماتيكية في نهاية الأسبوع الماضي، والتي أقرّت الصفقة، أن لديه ضمانات من ترامب، إذا لم تنجح المفاوضات في المرحلة الثانية من الصفقة بشأن إنهاء الحرب وإطلاق المخطوفين الأحياء، فإن ترامب سيؤيد عودة إسرائيل إلى القتال. لكنه ليس متأكداً البتة من أن هذا ما سيجري. مصادر مطّلعة على التفاصيل مقتنعة بأن تعهدات نتنياهو لليمين بشأن العودة إلى القتال هي جزء من لعبة سياسية للحصول على التأييد من أجل تمرير الصفقة، وأن ترامب سيضع أمام نتنياهو "رزمة إغراءات" تقنعه بعدم العودة إلى القتال، وبتمديد الاتفاق.
  • ماذا ستتضمن هذه الرزمة؟ قبل كل شيء، إطلاق مزيد من المخطوفين؛ ثانياً، الاهتمام بإيران والتطبيع مع السعودية. لقد أعلن ترامب في خطاب الفوز أنه جاء لينهي الحروب، لا ليبدأ حروباً جديدة، لكن من ناحية أُخرى، ومن وجهة النظر الإسرائيلية، من المؤكد أنه يريد أن تنتهي الحروب لمصلحة إسرائيل، لا ضدها. وفي أيّ حال، المصادر الإسرائيلية واثقة بأن ترامب لن يسمح لنتنياهو بالعودة إلى القتال بسرعة، وسيستخدم ضغوطاً كبيرة من أجل استمرار المفاوضات. وينطبق هذا على موضوع لبنان أيضاً: لا يريد ترامب عودة القتال إلى الشمال، بينما مسألة انسحاب الجيش الإسرائيلي من الجنوب اللبناني مطروحة للنقاش.
  • في عهد ترامب، تنتظر إسرائيل تحديات كثيرة. ليس فقط في مسائل غزة ولبنان والسعودية، بل أيضاً بشأن كل ما له علاقة بالنظام الجديد للمتمردين الجهاديين في سورية، والعلاقات مع تركيا في ظل تهديدات أردوغان، الذي يغدق عليه ترامب المديح. ستضطر الحكومة الحالية، أو المقبلة، إلى إجراء اتصالات أمنية جديدة تتعلق بحجم المساعدة السنوية التي تحصل عليها إسرائيل من الولايات المتحدة، بينما الاتفاق الحالي الموقّع في نهاية ولاية أوباما، سينتهي في سنة 2028.

الاجتماع الذي سيحدد منظومة العلاقات والنيات المؤيدة لإسرائيل

  • يعلّق الإسرائيليون أهمية كبيرة على الاجتماع الأول بين ترامب ونتنياهو، إذ سيحاول الزعيمان التوصل إلى التنسيق بشأن كل الموضوعات المهمة. وهذا الاجتماع سيرسّم فعلياً منظومة العلاقات التي سترافقنا طوال ولاية ترامب في السنوات المقبلة. وعلى حد تعبير مسؤول إسرائيلي كبير: "لن يفعل ترامب شيئاً يمكن أن يؤذي إسرائيل. وما سيفعله هو لمصلحتها، وهذا هو الموضوع الذي سيكون في قلب الاجتماع المنتظر بينهما. وهذا يعتمد كثيراً على ما نريد منه أن يفعله، الأمر الذي لم يتبلور بعد".
  • مؤخراً، جرت أحاديث جيدة جداً بين نتنياهو وترامب، اللذين تدهورت علاقتهما في نهاية الولاية الأولى للرئيس، لكن رئيس الحكومة عمل منذ ذلك الحين على ترميمها، ومنها حديث جرى، وجهاً لوجه، في فلوريدا في السنة الماضية، فضلاً عن اتصالات هاتفية في عدد من المرات. لكن على الرغم من الحوارات الجيدة، فإن عدداً غير قليل من الأشخاص يهمس في أذن ترامب بأن نتنياهو هو المشكلة، وليس الحل.
  • لقد تحدّث ترامب بحدة عن نتنياهو في الماضي، ولم يخفِ غضبه منه، وخصوصاً لأنه لم يعترف له بالفضل في إرسال لقاحات الكورونا إلى إسرائيل، ولأنه، بحسب فهم ترامب (الخاطىء)، كان من القادة الأوائل الذين اتصلوا بالرئيس بايدن، بعد فوزه في انتخابات 2020 (الفوز الذي لا يزال ترامب ينكره)...
  • من المهم الإشارة إلى أن ترامب عيّن أشخاصاً لديهم علاقة خاصة بإسرائيل، مثل وزير الخارجية ماركو روبيو، وسفير الولايات المتحدة الجديد في إسرائيل مايك هكابي، ومستشار الأمن القومي مايك والتز، والموفد الخاص إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، الذي قام بدور مهم في الاتصالات في صفقة المخطوفين، وضغط على نتنياهو لإنهاء الصفقة.
  • ويتكوف محامٍ قدير جداً ورجل ملتزم بإسرائيل بالمعنى الأخلاقي العميق للكلمة، ويملك نظرة استراتيجية واسعة النطاق. لكن أيضاً لديه توجّه هجومي جداً، كرجل أعمال يعرف كيف يطرق على الطاولة في القدس، وفي الدوحة، من أجل التوصل إلى صفقة مخطوفين، تقريباً ضد كل التوقعات. وهذه النيات هي بشرى جيدة لإسرائيل، على الأقل من ناحية الثقة بين الطرفين، بعد أجواء التشكيك التي كانت سائدة بين نتنياهو وإدارة بايدن.