لماذا يفضل رئيس الحكومة "الحرب على اليهود" على التقدم إلى الأمام في صفقة تبادُل الأسرى؟
المصدر
والا

أُطلق في سنة 1995، وهو بالأساس شركة إنترنت إسرائيلية تملكها شركة بيزك للاتصالات الإسرائيلية، ويُعتبر من أشهر المواقع في إسرائيل، ويُصنَّف بين أول 9 مواقع. يوفر الموقع الأخبار على مدار الساعة، والتي يأخذها من صحيفة هآرتس، ومن وكالات الأنباء. وبدءاً من سنة 2006 أصبح لدى الموقع فريق إخباري وتحريري متخصص ينتج مواد وأخباراً، ولديه شبكة للتسوق عبر الإنترنت.

المؤلف
  • انضم نداف أرغمان ورونين بار إلى دان مريدور، وبني بيغن، وأفيغدور ليبرمان، ونفتالي بينت، وأفيخاي مندلبليت، وروبي ريفلين، وروني ألشيخ، أولئك الذين فضّلوا الدولة على الملك في لحظة الحقيقة. بالنسبة إلى دولة إسرائيل، إنها كارثة حقيقية، وبالنسبة إلى الأسرى، قد يكون الأمر كارثياً.
  • من الصعب وصف ما تمرّ به عائلات الأسرى: في لحظة واحدة، تسمع أخباراً عن إطلاق سراح وشيك لبعض أبنائها، وفي اللحظة التالية، يتلاشى كل شيء. العناق الذي لم يتمكن أفراد هذه العائلات من منع أنفسهم من تخيُّله يتحول إلى خوف من الأسوأ. مَن الذي يعبث بمشاعرهم بهذه القسوة، "حماس"، أم الحكومة الإسرائيلية؟
  • أحياناً، تصبح الحدود غير واضحة. لا يحتاج المرء إلى أن يكون قومياً متطرفاً لا يعرف الحدود، ومستعداً للتضحية بكل أسير في مقابل إعادة احتلال غزة، لكي يشعر بعدم الارتياح لدى مشاهدة الفيديو الذي نشره تجمّع العائلات يوم السبت، والذي يظهر فيه عومر شِمطوف وهو يروي كيف كان على وشك أن يُعدم كلّ مرة اقترب فيها جنود الجيش الإسرائيلي من مكان أسره.
  • أضيفوا تحريراً ومونتاجاً أكثر اندفاعاً، وستحصلون على مقاطع الفيديو التي نشرتها "حماس"، لكن الاستنتاج سيبقى ذاته: لا تخدعوا أنفسكم بأن الضغط العسكري سيفيد، بل سيؤدي فقط (مثلما أدى فعلاً) إلى مقتل آخر الأسرى، لا سمح الله.
  • لا يوجد هنا أيّ انتقاد للعائلات التي ينهشها القلق، وبالتأكيد ليس لعومر شِمطوف، الذي نجا بشجاعة من نحو عام ونصف عام من الأسر الذي لا يمكن أن يكون أشدّ قسوة، والذي يجد نفسه الآن مضطراً إلى التنقل بين وصف المصير الذي ينتظر إخوته الذين بقوا خلفه، وبين الإشادة بشجاعة جنود الجيش الإسرائيلي، وبين كلمات الحب للشعب الإسرائيلي، وبين رسالة ضمنية، مفادها أننا لم نفعل بعد ما يكفي لإخراج البقية.
  • هنا يكمن الانتقاد للواقع القاسي، ولمن تسببوا به: هل تقف إسرائيل عاجزة أمام منظمة "إرهابية" مهزومة، لكن لم يتم القضاء عليها، والتي لا تزال تريد إنهاء جولة القتال بعمل يُنظر إليه على أنه انتصار؟
  • نعم، يجب على كل شخص في إسرائيل وضع يده على قلبه، ومهما كان الأمر صعباً، عليه أن يعترف بأن الإجابة هي نعم.
  • لنوضح الأمر: إذا كان البديل من اتفاق سيئ القضاء التام على "حماس" حتى آخر مقاتل (وهو أمر مشكوك في إمكان تحقيقه)، بينما يكون الثمن مقتل جميع الأسرى الأحياء، فهل هذا ما نريده حقاً؟ مَن أجاب بـ"نعم"، فهو معفى من مواصلة القراءة، أمّا مَن يكبح غضبه، ويتعهد أن يتذكر ولا ينسى ما فعله بنا "العماليق"، لكنه يدرك أيضاً أن كسراً لا يمكن تجبيره سيصيبنا كمجتمع، إذا لم نُرجِع الأسرى، فهو مدعو إلى التفكير في كيفية تحقيق هذا الهدف.

مصلحة مشتركة مع الشيطان

  • يقولون إنه في الشرق الأوسط، يجب التحلي بكثير من الصبر، وإن إدارة المساومات كما في البازار، وامتلاك إرادة قوية مثل تلك التي كان يتمتع بها الأسد الأب. لكن في بعض الأحيان، من الأفضل الإسراع في نزع الضمادة، بدلاً من نتف الشعر، الواحدة تلو الأُخرى.
  • نعم، إن إنهاء القتال بأسرع وقت ممكن، حتى لو كان ذلك لفترة طويلة مدعومة بضمانات، هو مصلحة إسرائيلية واضحة، إذ سيعود الجنود إلى منازلهم، وسينتعش الاقتصاد، وسيعود الجنرالات (هم جدد، في معظمهم) إلى طاولة التخطيط لرسم هجوم مستقبلي يكون مختلفاً، ويؤدي إلى تحطيم حقيقي لـ"حماس"، والأهم من ذلك، أن الأسرى سيعودون إلى بيوتهم.
  • في العالم العربي، سيُعجبون بغزة، وسيحتفلون علناً بيوم 7 أكتوبر. فماذا في ذلك؟ في مصر، لا يزال يوم 6 أكتوبر (بداية حرب "يوم الغفران") عيداً وطنياً كبيراً، لكن بعد خمسة وخمسين عاماً على نهاية تلك الحرب، تغيّر ميزان القوى بشكل كبير لمصلحة إسرائيل في مقابل مصر التي كانت أعظم أعدائها.
  • هل يحبوننا؟ ليس حقاً؛ فالتطبيع الذي سمح للعديد من الإسرائيليين بالاستمتاع بـ"الطعام" في شوارع القاهرة، أو بمشاهدة روائع معابد الفراعنة وقبورهم الفاخرة، تلاشى بسرعة، لكن مصر لم تعد تشكل تهديداً لأمن إسرائيل.
  • من المؤكد أن مصر ليست "حماس"، وعليه، لن يكون هناك سلام مع هذه المنظمة "الإرهابية"، حتى لو ساد الهدوء في قطاع غزة، لكنها مثال لمسألةِ كيف يمكن لوقف تكتيكي أن يخدم مصلحة أمنية، ما دمنا لا ندمنه (مثلما حدث خلال تسعة أعوام ونصف العام، التي فصلت بين "الجرف الصامد" و"السيوف الحديدية". توقعوا مَن كان رئيس الحكومة خلال معظمها؟).
  • إن فترة التوقف عن القتال ليست ضرورية فقط لقادة هيئة الأركان العامة للتخطيط لهجوم "اليوم التالي" (حتى لو استمر هذا "اليوم" سنة، أو سنتين)، بل إنها ضرورية أيضاً للقادة السياسيين الإسرائيليين من أجل وضع أساس سياسي، ويُفضّل أن يكون مدعوماً ببعض التأييد الدولي، لشنّ الهجوم الجديد الذي سيبدأ في ظل وقف إطلاق نار طويل الأمد.
  • إن قيادة مسؤولة كانت ستبادر فعلاً إلى تحريك خطوة كهذه، مستغلةً تقاطُع المصالح الذي نشأ في لحظة مرعبة بين الخاطفين والمخطوفين، لكن بدلاً من ذلك، تختار حكومة إسرائيل ارتكاب الخطأ تلو الآخر؛ "حماس" تستفيد فعلياً من وقف إطلاق النار، وهو ما يسمح لها بإعادة بناء بنيتها التحتية الحاكمة، بينما يبقى أسرانا جائعين ومضروبين في أنفاقها. حقاً، إنه أمر غير محتمَل وغير مقبول.
  • ماذا قدم لنا بدلاً من القيادة؟ إنه عرض آخر مرعب وهستيري من جانب الذي كان من المفترض أن يقود دولة إسرائيل في هذه الساعة العصيبة. هذه المرة، أصبح جهاز الأمن العام هو الهدف.
  • لنفترض لِلحظة أننا نريد تصديق رئيس الحكومة وأبواقه أن الشاباك، عبر رئيسه السابق، انحرف تماماً نحو شارع كابلان، ويحاول ترهيبه. عندها، تستحضر ذاكرتنا صوراً لشخصيات يمينية تحولت بين ليلة وضحاها من حلفاء إلى يساريين منبوذين ومرفوضين: عندما كان صراع نتنياهو داخل الليكود، كان هؤلاء: دان مريدور، وبني بيغن، أو ليمور ليفنات. وعندما بدأت المعارضة ضده تضم أيضاً شخصيات يمينية بارزة، أصبح شركاؤه السابقون مستهدفين كذلك، مثل أفيغدور ليبرمان ونفتالي بينت، الذين ليسوا بالضبط من دعاة السلام الآن. وعندما كانت التحقيقات ضده في يد الشرطة، كان كبار ضباطها، وعلى رأسهم المفتش العام الذي عيّنه بنفسه (وهو متدين ومستوطِن)، روني ألشيخ، هم الذين تصدّروا قائمة "الخونة"، حين قال رئيس الحكومة، حينها، إن "توصياتهم ستُرمى في القمامة"! واثقاً بأن المستشار القانوني الذي عيّنه (وهو من أصول بيتارية وعاد إلى التدين) سيغلق الملفات.
  • ولما لم يكن الأمر كذلك، تحول مندلبليت إلى "مندلبلوف"، وعندها انتقل الصراع إلى الجهاز القضائي، الذي أصبح مصيره في يد مَن تحول إلى متهم. فجأة، أصبحت هذه المنظومة بحاجة إلى "إصلاح"، وجوهره (إذا أزلنا الغلاف الذي يضم بعض الخطوات المطلوبة) هو ضمان أن يتم تعيين القضاة من طرف ديوان رئيس الحكومة.
  • وعلى الرغم من الدعاية المكثفة من أبواقه، فإن قضايا الآلاف في المحكمة المركزية لم تنهَر. لست خبيراً قانونياً، فكيف أعلم ذلك؟ لأنها لو كانت تنهار، لما كان تركيز الاستهداف سينتقل إلى المحكمة العليا.
  • فجأة، وعلى الرغم من أنها تضم أكبر عدد من القضاة الذين عيّنتهم حكومات نتنياهو على الإطلاق، أصبحت المحكمة العليا أيضاً "يسارية"، ورئيسها متهم بمخالفات بناء (تماماً مثلما حدث سابقاً مع المدعية في محاكمته).

لا توجد أبقار مقدسة

  • وفي الطريق، تم تحطيم مزيد من رموز الوحدة: تعرّض كبار ضباط الجيش الإسرائيلي لهجمات، وتم منع عائلات الثكلى بالعنف، وانتهكت شرطة إسرائيل، وهي هيئة منحازة سياسياً، حق الاحتجاج أسبوعياً، والآن، يُطلب منها التحقيق مع رئيس الشاباك السابق.
  • من المحرج بعض الشيء طرح هذا في ميزان الدماء، لكن يبدو أنه لا يوجد خيار آخر: نداف أرغمان مسؤول عن تصفية عدد من "الإرهابيين" العرب يفوق ما رآه بن غفير وسموتريتش، بل حتى نتنياهو، مجتمعين، طوال حياتهم. والآن، أصبح مجرد "رجل مافيا" يساري.
  • وليت الأمر توقف عند رئيس "الشاباك" السابق، بل إنه لا يتردد في زعزعة أحد أهم الأجهزة الأمنية في إسرائيل، وكل ذلك لأنه يُجري تحقيقاً في شكوك في أن بعض موظفي مكتبه كانوا في الواقع "عملاء قطريين"، وهي قضية معروفة، لكن تفاصيلها محظورة النشر. أمر مثير للاهتمام، أليس كذلك؟
  • وماذا في ذلك، إذا اجتمع تقريباً جميع رؤساء الأجهزة الأمنية السابقين الذين ما زالوا في قيد الحياة: رؤساء الأركان، والمفتشون العامّون، ورؤساء "الشاباك" والموساد، في محاولة لإنقاذ إسرائيل من قبضته؟ بالنسبة إليه، هم المسؤولون عن العقيدة الأمنية التي أدت إلى 7 أكتوبر، بينما هو لا يتحمل حتى ذرّة من المسؤولية عن الإخفاق الذي وقع، في معظمه، خلال سنوات حكمه الطويلة. لقد أخفوا عنه، وضللوه، وهو المسكين، الشخص الوحيد الذي يعرف بالضبط ما يجب فعله، لكنه لم يشعر بأيّ شيء.
  • ماذا بعد؟ هل سيصبح أيضاً الرئيس الأميركي، حليفه الأكبر، الذي بدأت تظهر علامات في محيطه تشير إلى أن نتنياهو هو المشكلة، هدفاً للهجوم، مثل سلفه، المؤيد الشديد لإسرائيل، الذي تعرّض للهجوم كأنه آخر معادٍ للسامية؟
  • في حرب البقاء التي يخوضها نتنياهو، لا توجد أبقار مقدسة. حتى التضامن الاجتماعي في إسرائيل، الذي ازدهر في بداية الحرب، أصبح يشكل خطراً عليه. والدليل؟ إنه يعرقل "قانون التهرب" (على الرغم من المنشورات البرّاقة من المجند المناوب الذي عيّنه بنفسه، بدلاً من وزير الدفاع). والدليل؟ لقد دفع حتى رئيس الدولة (الذي ليس بالضبط أكثر الأشخاص حزماً ونشاطاً) إلى محاولة صوغ خطة لإنشاء لجنة تحقيق وطنية.
  • إذاً، هل سيصبح منصب الرئاسة هدفاً آخر لسهام السموم قريباً (مثلما حدث فعلاً في عهد روبي ريفلين)؟ يمكننا أن نأمل بألّا يحدث ذلك، لكن لا بد من الافتراض أنه سيحدث. حتى أولئك الذين يرون أن هرتسوغ يستحق كل الانتقادات بسبب ضعفه أمام الانقلاب القضائي وتخلّيه عن الأسرى، لا يمكنهم الإنكار أنه لو كان رئيس الحكومة يدير المعركة من أجل الأسرى وسحق "حماس" بالحماسة نفسها التي يعمل بها من أجل بقائه السياسي، لكان الأسرى عادوا إلى ديارهم منذ زمن، ولكانت "حماس" تحولت إلى مجرد هامش في تاريخ الشرق الأوسط. لكنه ببساطة، غير قادر على ذلك.