نتنياهو هو الرأس، وأيضاً الذنب؛ بحسب الحاجة
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • إليكم فزّورة: من هُم وزير القضاء التركي، ورئيس لجنة الدستور في هنغاريا، والرقيب على الإعلام في الهند؟ لا تستعجلوا التوجّه إلى محرّك البحث "غوغل"، لأنه من الواضح أن هؤلاء الأشخاص ليسوا إلاّ قطعاً صغيرة في آلات تحصين حكم أردوغان وأوربان ومودي؛ أساتذة بنيامين نتنياهو وأسياده في طريقه إلى حكم الرجل الواحد. في هذه الدول، الجميع يعرف من هو المسؤول، لكن في إسرائيل، يتم وصف نتنياهو بأنه ساذج في قاطرة يقودها آخرون؛ ياريف ليفين يغيّر نظام الحكم، ويسرائيل كاتس يقوم بتسييس الجيش، وشلومو كرعي يسجن الصحافيين، وبتسلئيل سموتريتش يقود ضم الضفة، وإيتمار بن غفير مسؤول عن جرائم الحرب. وبحسب التحليلات السائدة، فإن كل ما يقوم به رئيس الحكومة هو دعمهم من أجل الحفاظ على كرسيه.
  • لكن علينا ألاّ نتخبّط، فنتنياهو يحب أن يؤدي دوراً مزدوجاً؛ أن يكون الرأس، وأيضاً الذنب، وأن يكون قائداً لمجموعة تقدّسه شخصياً، ويحطّم منافسيه السياسيين ويصدر بيانات من نوع "وجّهت أوامري"، وأن يكون في الوقت ذاته ضحيّة أشخاص أقوياء يستغلونه لحاجاتهم، وعلى رأسهم زوجته وابنه وشركاؤه في الائتلاف والرئيس الأميركي.
  • ففي وظيفة الرأس، ينشغل نتنياهو بمراكمة قوّة غير محدودة، ويُخضع مؤسسات الدولة لحاجاته الخاصة. ويصف كاتب السيرة الذاتية لستالين، الأميركي ستيفن كوتكين، عملية مراكمة القوة التي قام بها حاكم الإمبراطورية السوفياتية بأنها عمليّة متدحرجة، كانت خلالها الرغبة تتزايد مع كل منافس سياسي يتم تحطيمه أو إنجاز سياسي يتحقق. وبحسبه، فإنه يجب عدم الغوص في طفولة ستالين ولا شخصيته، ويجب فقط الكشف عن خطواته العدوانية، وهذا التحليل ينطبق أيضاً على ولاية نتنياهو الحالية، إذ يرفع فأسه فوق المؤسسات التي ما زالت تتمتع باستقلالية نسبية: منظومة القضاء، والجيش، وأجهزة الاستخبارات. وليفين وكاتس ليسا إلاّ مقاولين فرعيين، يشبهان مساعدي ستالين الذين قاموا بمهامهم بحماسة مبالغ فيها. ومن حظنا أنه لا توجد في إسرائيل الآن محاكمات علنية وإذلال، على الرغم من أن الأصوات داخل هذه الحكومة تتصاعد لدعم هذه الأفكار.
  • وفي المقابل، يحب نتنياهو تأدية دور الذنب في القرارات والأحداث الإشكالية؛ فهو ليس مسؤولاً عن كارثة "7 تشرين الأول/أكتوبر"، فالجيش و"الشاباك" "لم يوقظوني من النوم." ويخرج من الغرفة مع التصويت على إقالة المستشارة القضائية للحكومة، التي تُقبَل بالإجماع طبعاً، والمخطوفون يعانون في غزة "بسبب سموتريتش وبن غفير"، أو بسبب "مدير المفاوضات" رون ديرمر، ورئيس الحكومة لا ذنب له طبعاً. يُحاول نتنياهو إرضاء المستمعين إليه بكلمات منمّقة، كما فعل مع المسؤولين في إدارة بايدن قبل الحرب، ودعم حل الدولتين "إن سيطرت إسرائيل على الأمن"، ويصدّقونه أكثر من مرّة بأنه يريد لكنه لا يستطيع، أو يتم ابتزازه من الشركاء.
  • خلال جلسة الحكومة أول أمس، طرح نتنياهو أهداف الحرب في غزة؛ "تطبيق خطّة ترامب للتهجير الطوعي." يا للتواضع. حتّى عندما يرسل نتنياهو الجيش لتنفيذ ترانسفير بحق الفلسطينيين، فإنه يقوم بذلك فقط خدمة لصديق. لكن يجب ألاّ نصدق هذه المسرحيات، لأن نتنياهو حتى عندما يتنكر في صورة الذنب، فهو دائماً الرأس؛ فحكمه المستمر وسعيه للقوة المطلقة يستندان إلى قدرته على التلاعب بشركائه وتحطيم منافسيه. هكذا تواقح أمام جو بايدن وأغرق دونالد ترامب بالإطراءات، وهكذا فاجأ الجميع يوم أمس بسحب المرشّح لرئاسة "الشاباك"، الجنرال إيلي شربيط، الذي كان الأداة الجديدة في مسار نتنياهو للسيطرة على مؤسسات الدولة، بالضبط كما هو وزير القضاء التركي.
 

المزيد ضمن العدد