يجب الكشف عن المزيد من المحاضر السرية من أجل الشفاء
تاريخ المقال
المواضيع
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- في يوم الجمعة وقع حادث أمني كان من الممكن أن يشكل خطراً أمنياً على الدولة: فقد كشفت وزارة الدفاع عن مئات الصفحات من المحاضر السرية المتعلقة بمحاكمات مجزرة كفر قاسم العائدة إلى سنة 1956. طوال خمسة أعوام، حاولت النيابة العامة - أي الدولة - من خلال ممثليها في المحكمة العسكرية للاستئناف، محاربة نشر الوثائق. وكانت حجتها أن نشر المحاضر يمسّ بأمن الدولة وبعلاقاتها الخارجية "بدرجة يقين شبه مؤكدة"، وهناك "احتمالات معقولة"، في حالات معينة، أن يمسّ بسلامة الأفراد.
- وها قد حدثت المعجزة، المحاضر نُشرت، وباستثناء بعض التغريدات على تويتر من ممثلي المجتمع العربي، لم تحدث هزة أرضية. الكشف عن المحاضر كان أمراً مهماً ويجب الثناء عليه، لكنه يطرح بعض الأسئلة الأساسية. في دولة عادية لا تخاف من النظر إلى نفسها في المرآة ومواجهة أخطاء الماضي، كان الكشف عن هذه الوثائق سيجري في وقته، وليس بعد مرور 66 عاماً. في دولة عادية، الكشف عن الوثائق كان سيجري بمبادرة من الدولة، وليس بسبب طلبات استئناف من المؤرخ آدم راز ومعهد الأبحاث "عكفيوت" اللذين يناضلان بصورة فردية، ومن وقتهم ومالهم، من أجل إجبار أرشيف الجيش الإسرائيلي على نشر الوثائق، على الرغم من أهميتها العامة.
- كي نفهم مدى أهمية نشر الوثائق، يكفي أن نطّلع على بعض ما جاء فيها. يروي جنود وضباط من الجيش ومن حرس الحدود أن الاعتقالات وإطلاق النار الذي أدى إلى مقتل 50 مواطناً في كفر قاسم في اليوم الأول من حرب سيناء، كان الهدف منه ترهيبهم وتحويلهم إلى "نعاج بريئة" تجلس بهدوء ولا "تثير المشكلات". علاوة على ذلك، في رأي الضابط الأعلى رتبة يشكا شدمي، كان من المفترض أن يدفع إطلاق النار الناس إلى مغادرة منازلهم والهرب إلى الأردن. وهو ما يعني أن الوثائق تدل على أن قتل مواطنين، بينهم نساء وأطفال وشيوخ، كان الهدف منه الدفع قدماً بالترحيل، الترانسفير. هل هناك مَن يختلف على أهمية هذا الكلام؟
- يوجد في أرشيف الجيش مئات الصفحات السرية التي تتضمن أجزاء من البازل التاريخي المعقد لدولة إسرائيل، وتشكل أدلة على أحداث سوداء. وعلى سبيل المثال، رفضت محكمة العدل العليا الالتماس الذي قُدم (بينهم "هآرتس") لنشر الوثائق السرية المتعلقة بمجزرة دير ياسين في سنة 1948. يتعين على الدولة إنشاء لجنة مستقلة وموضوعية لفحص سياسة نشر الوثائق التاريخية، وتقدم للجمهور معلومات عن تاريخها. وهذا من شأنه أن يساعد في مداواة العلاقات بين العرب واليهود في إسرائيل، وكما كتب في الأمس عيساوي فريج "ما دام الإخفاء مستمراً، فإن المواجهة الحقيقية لم تبدأ، اليوم، هذه المرحلة بدأت".