يتعين على لبيد الانتباه: الموقف الأخلاقي شرعي، أما الاشتباك المباشر مع بوتين فهو خطأ
تاريخ المقال
المصدر
- يبدو أن حكومة إسرائيل قررت الدخول في صدام مباشر مع روسيا: لا يوجد طريقة أُخرى لوصف تداعيات تصريحات لبيد ضد الرئيس فلاديمير بوتين والحرب في أوكرانيا. الآن، لم يتبقّ إلا ربط الأحزمة وانتظار النتائج التي يمكن تشبيهها بحادث اصطدام بين سيارة صغيرة ودبابة. ماذا سيحدث، في رأيك، للسيارة وركابها؟
- لا أُعَدّ مع مؤيدي بوتين. الحرب في أوكرانيا هي صراع متوحش. لكن الحديث هنا يدور عن حرب بين دول، إذ إن هدف روسيا واضح: زعزعة التوازن القائم في العلاقات الدولية بعد أعوام طويلة من جهود الغرب والناتو المستمرة لضمّ دول إضافية وزعزعة مكانة روسيا. بالنسبة إلى بوتين، هذا غير مقبول.
- الحرب في أوكرانيا ليست على منطقة دونباس، ولا على محافظات المتمردين؛ إنها حرب على مكانة روسيا كقوة عالمية عظمى. الحرب دائماً ستكون تراجيدية ووحشية. ودولة إسرائيل لا تستطيع السماح لنفسها بالتدخل بين روسيا والولايات المتحدة. فالواقع الذي يجب علينا العمل فيه، وفق قيَمنا الديمقراطية، يتطلب التصرف بحكمة وعدم الاستفزاز.
- روسيا ليست قوة عظمى فقط، بل أيضاً تلعب دوراً مركزياً جداً في الشرق الأوسط. حتى الآن، استطاعت دولة إسرائيل العمل بحكمة في هذه المعادلة المركبة، وامتنعت من التسبب بأضرار ذاتية في أعقاب الحرب السورية وصعود "داعش"، وفي الوقت ذاته، كانت تنسّق مع الروس نشاطاتها ضد إيران على الساحة السورية.
- هذا الفهم ساعد على الاستقرار الإقليمي، وخفف من حدة التصعيد، وخلق هامش عمل مقبولاً. الآن، نحن نعلن للروس أننا لا نقبل نشاطهم، وأنهم يرتكبون "جرائم حرب"، وحتى أن الأمور وصلت إلى تهديدهم. أيّ نقاط قوة تملكها إسرائيل للضغط على روسيا؟ ما الذي يمنحنا الإمكانية للتهديد بهذه الطريقة، ونحن دولة من أصغر الدول في العالم، ومرتبطة كلياً بالتوازن ما بين القوى العظمى؟
- تخيلوا دولة، تأثيرها الدولي هامشي جداً، تنتمي قيَمياً إلى العالم الغربي، وتقرر التحريض واستفزاز الرئيس الروسي. هذا ما قامت به أوكرانيا التي اشتبك رئيسها زيلينسكي مباشرة مع الدب الروسي، في الوقت الذي حصل على تأييد في شبكات التواصل الاجتماعي وتم التعامل معه على أنه بطل قومي. وفي النتيجة، تضررت أوكرانيا بشكل كبير من روسيا، وتحول ثلث مواطنيها (أكثر من 15 مليون نسمة) إلى لاجئين.
- يبدو أن رئيس الحكومة لبيد يستغل نشاط الروس بهدف تقوية مكانته. لكن النتائج المحتملة لمواجهة مباشرة مع روسيا هي تراجُع في الحدود الشمالية، ضوء أخضر لإيران وأذرعها، وفي الوقت ذاته، نشاطات "لا سامية"، وعقوبات بحق يهود روسيا. استراتيجية رئيس حكومتنا خطِرة جداً، وتضع إسرائيل في قلب العاصفة. لا يوجد أي شيء جيد يمكن أن تحصل عليه إسرائيل من هذا. ومن الممكن أن تكون النتيجة ضربة كبيرة لنا، من دون أي ربح في مكانتنا الدولية.
- الموقف الأخلاقي شرعي، المساعدات الإنسانية صحيحة، تعزيز النشاط من أجل يهود روسيا وأوكرانيا مطلوب، لكن المواجهة المباشرة مع زعماء القوى العظمى هي خطأ من الأساس، وتضيّق هامش العمل الدولي الخاص بإسرائيل، غير الواسع أصلاً، كما تضعها في خطر على المستوى الإقليمي عامة، والأمني خاصة، بالإضافة إلى أنها تصعّد الوضع إلى نقطة اللا - عودة.