هل يفهم الأسد التحذيرات الإسرائيلية؟
المصدر
مركز القدس للشؤون العامة والسياسة

تأسس المعهد في سنة 1976، وهو متخصص في الدراسات السياسية والدبلوماسية والاستراتيجية. يترأس المعهد، حالياً، السفير الإسرائيلي السابق في الأمم المتحدة دوري غولد. ينشر المركز مقالات يومية يمكن الاطلاع عليها باللغتين العبرية والإنكليزية على موقعه الإلكتروني. كما تصدر عنه سلسلة من الكتب، ويمتاز بمواقفه التي تتماهى مع اليمين في إسرائيل.

  • سمح النظام السوري هذا الأسبوع لإيران بإنشاء 13 شركة إيرانية في سورية جميع المستثمرين فيها هم من الإيرانيين. وجاءت هذه الخطوة التي تدعم الاستثمار الاقتصادي الإيراني في سورية بعد زيارة الرئيس السوري بشار الأسد لطهران، حيث جدد إطار الائتمان لاستيراد المواد والسلع إلى سورية.
  • وتوسع إيران نطاق تأثيرها في الاقتصاد السوري بالتدريج، وما يحدث ليس توسيع نطاق التمركز العسكري داخل سورية فحسب، بل أيضاَ تشجيع استثمارات إيرانية كبيرة في سورية في مجال العقارات والكهرباء والزراعة، إذ تحتاج سورية إلى عملية إعادة إعمار عاجلة نتيجة الأضرار التي تسببت بها الحرب الأهلية الأخيرة.
  • فالرئيس بشار الأسد مدين ببقائه في الحكم لإيران وروسيا اللتين أنقذتاه خلال الحرب الأهلية من خلال إرسال قوات وميليشيات لمساعدة الجيش السوري في حربه ضد المتمردين، والأسد يعترف لهما بهذا الفضل.
  • تعرف إسرائيل أنها غير قادرة على قطع علاقة الرئيس بشار الأسد بإيران، لكنها تحاول المحافظة على قواعد اللعبة المعتمدة حتى الآن. فقد نفذت إسرائيل 15 عملية قصف غير مسبوقة في دمشق في الفترة الأخيرة كانت حصيلتها وقف العمل في مطار دمشق حتى 20 حزيران/يونيو، والهدف منها كان نقل رسالة إلى الرئيس بشار الأسد بعدم تخطي الحدود، وألاّ يحاول وضع قواعد لعبة جديدة.
  • واستناداً إلى مصادر رفيعة في إسرائيل، فإن الهدف هو التوضيح للأسد أن سورية ستدفع غالياً ثمن استمرار التمركز العسكري الإيراني فيها. فإسرائيل لا تنوي الإطاحة بنظام الأسد، لكن النظام ورموزه سيدفعان الثمن المطلوب.
  • لقد نجح سلاح الجو الإسرائيلي في ضرب مدرجات الهبوط والإقلاع في مطار دمشق الدولي وتعطيل هبوط الطائرات، وذلك بسبب استخدام الإيرانيين الطائرات المدنية لتهريب السلاح إلى سورية. فبعد أن ضربت إسرائيل بنجاعة كبيرة قوافل السلاح التي تصل براً من إيران إلى سورية، وشحنات السلاح التي تصل عبر البحر في سفن إيرانية إلى ميناء اللاذقية، غيّر الإيرانيون أسلوب التهريب من إيران إلى سورية، فبات يتم بواسطة الطيران المدني، ويشمل مكونات لها علاقة بمشروع الصواريخ الدقيقة لحزب الله، ومكونات متطورة أُخرى يتم إخفاؤها في الحقائب التي تحمَّل على الطائرة.
  • ورصدت الاستخبارات الإسرائيلية عمليات التهريب هذه، وأرسلت تحذيرات إلى سورية بواسطة تقارير أرسلها الجيش إلى عدد من وسائل الإعلام الإسرائيلية، لكن السوريين استمروا في تجاهل التحذير، الأمر الذي قاد إسرائيل إلى القيام بعملية عسكرية.
  • بلّغ الجيش الإسرائيلي وسائل الإعلام الإسرائيلية أن المسؤول عن التهريب هو رضا صفي الدين، المسؤول الرفيع في حزب الله والمتزوج من ابنة الجنرال الإيراني قاسم سليماني، القائد السابق لفيلق القدس الذي اغتاله الجيش الأميركي في العراق.
  • ولا تستطيع إسرائيل اعتراض طائرات مدنية آتية من إيران إلى سورية، لكنها تستطيع تعطيل مدرجات الإقلاع والهبوط في مطار دمشق الدولي لمنع وصول العتاد العسكري إلى سورية، ومن هناك إلى حزب الله، وأيضاً ضرب المخازن في منطقة دمشق التي يخزَّن فيها هذا العتاد.
  • من جهتها، أصدرت روسيا بياناً شديد اللهجة أدان الهجوم الإسرائيلي على مطار دمشق الدولي، وطالبت بوقف ضرب البنى التحتية المدنية. ومع أن الروس يعلمون جيداً بعمليات تهريب السلاح المتطور من إيران إلى سورية عبر مطار مدني، إلاّ إنهم مضطرون إلى إكمال اللعبة إزاء الرئيس بشار الأسد الذي سمح لهم بإقامة قواعد عسكرية وميناء بحري ومطار عسكري في سورية.
  • والتقدير في إسرائيل هو أنه ما دامت هذه الأخيرة لا تعمل على إسقاط نظام بشار الأسد، المقرب جداً من الرئيس بوتين، وتتقيد بالتفاهمات مع روسيا، فإن الروس سيغضون النظر عن الهجمات الإسرائيلية، وسيكتفون ببيانات إدانة. لكن هذا يجب أن يجري بصورة مدروسة، كما يجب عدم شد الحبل مع موسكو أكثر من اللازم.
  • وتحاول إسرائيل من خلال تشديد الهجمات على سورية دفع الرئيس الأسد إلى الطلب من إيران وقف تهريب العتاد العسكري عبر المطار المدني، وهناك شكوك كبيرة في أن هذا سيفيد، لكن يمكن المحاولة.
  • في المقابل، الإيرانيون مصرون على مواصلة خطتهم في محاصرة إسرائيل من كل الجبهات بعشرات آلاف القذائف والصواريخ الدقيقة استعداداً لتنفيذ هجومهم في التوقيت الملائم في نظرهم. فهم لن يتراجعوا في مواجهة إسرائيل، وخصوصاً في ضوء العمليات الناجحة التي قام بها الموساد الإسرائيلي في قلب طهران.

 

 

المزيد ضمن العدد 3811