يهوشواع الرجل الذي رفض أن يفقد الأمل
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

  • يهوشواع هو أحد كبار الكتّاب الإسرائيليين، فهو الذي كتب "السيد ماني" و"مولخو" و"أمام الغابات" و"العاشق". لقد كان مثقفاً ومفكراً اجتماعياً وممثلاً للجيل المؤسس للدولة. ففي كتابته الفكرية مثل "Thanks to Normality"، و"الجدار والجبل"، و"وضع اليد على الوطن"، عبّر عن تفكير مثير للجدل ثاقب وغير مهادن.
  • عمل يهوشواع على تعميق تعريفات الهويات كي يصل في النهاية إلى جوهر الموضوع، وصاغ خلاصات كانت تبدو أحياناً مؤلمة ومهينة (كما يعرف اليهود في الولايات المتحدة الذين قال عنهم إنهم "نصف يهود")، ومن الصعب استيعابها (مثل مطالبته بوضع حدود مادية ومعنوية واضحة لوقف ما يسميه الحالة العصابية التي يعاينها يهود الشتات جراء الاستيعاب، أو الحث على عدم الاستسلام للماضي والحنين إليه لأن "الجذور يجب أن تُقطع")، كما كانت خلاصاته أحياناً صادمة (مثل رأيه أن المحرقة كانت هزيمة يهودية وليست كارثة).
  • والقاسم المشترك الذي يجمع بين هذا كله هو موقفه بأن الالتزام الأول للفرد هو ذاتيته واستقلاليته حيال نفسه، وهذا يجب أن يكون ثمرة قراراته وإحساسه بالمسؤولية. ففي رأيه ليس علينا أن نتهم سوى أنفسنا، وخياراتنا الشخصية. هذا هو إرث الجيل الأول للدولة والذي كان يهوشواع أفضل من استطاع التعبير عنه: على الفرد ألاّ يتخلى عن نفسه.
  • لم يفصل يهوشواع، مثل العديد من أبناء جيله، بوضوح بين الشخصي والعام، لكنه لم يدمج وجوده الشخصي والأيديولوجي بالصهيونية والدولة كما فعلت مجموعات الأدباء التي سبقته. ومع ذلك كانت الصهيونية ودولة إسرائيل مشروعي حياته، وكانت طريقته للمشاركة في ذلك هو أن "يكون في الداخل": أن يقرأ، ويتحدث، ويقنع، ويعمل. الفرداني يبقى فردانياً، لكن إحدى طرق يهوشواع في التعبير عن نفسه وربما الطريقة الوحيدة هي دوره الحر في المشروع الإسرائيلي. ونحو هذا المكان وجّه الجزء الأكبر من قوته الفكرية وموهبته وطاقته واهتمامه الأخلاقي، وظلت إسرائيل هي العمل العظيم - عمل جماعي بناه أفراد محلفون.
  • كل مَنْ كان يطرح أمامه أفكاراً يائسة بشأن مستقبل إسرائيل، كان يواجهه برفضه أن يفقد الأمل، فبالنسبة إليه الدولة هي إنجاز تاريخي كبير للغاية، بحيث أن أمراضها وعدم الرضا الذي تثيره هي أمور هامشيه للغاية. فالدولة ستصمد على الرغم من اليمين، ومن التعصب الديني، وهي ستصمد حتى لو جرى أن استوعبت الفلسطينيين من سكان المناطق - إذا فشلنا في تقسيم البلد كما كان يُعتقد في السنوات الأخيرة - لأنها هي أكبر من هذا كله. لهذا لم يتوقف يهوشواع عن النضال من أجل السلام مع الفلسطينيين، ولم يتوقف عن مد يد التعاون مع مواطني إسرائيل من العرب، ومن المهم أن نتذكر إرثه.
 

المزيد ضمن العدد 3811