في كل مرة يرفع الشرق الأوسط الجديد رأسه، يظهر القديم ويحاول قطعه
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

المؤلف
  • في كل مرة يرفع الشرق الأوسط الجديد رأسه، يظهر القديم ويحاول قطعه. هكذا كان، وهكذا يبدو أنه سيكون أيضاً، وما يجب القيام به هو التوقف عن الكلام والبدء بالعمل، والتوقف عن التخطيط والبدء بالتنفيذ؛ ما يجب القيام به هو الانتصار. لقد مررنا بظروف أصعب بأضعاف، وانتصرنا. ذلك أن شرط الانتصار، هو فهم الوضع القائم، وأنا غير متأكد أن الجميع يفهمون الوضع القائم.
  • تحاول الحكومة الحالية سد فجوات تشكلت على مدى عشرات السنين: السيادة ضعفت، والنقب تحول إلى الغرب المتوحش، والجليل أُهمل، وجيوب مهملة ومخفية توسعت في أوساط الأقلية العربية، البدوية وغير البدوية، في الشمال والجنوب. في المقابل جرى اتخاذ خطوات جيدة، 1100 شرطي وملياردات وخطط وقوائم، لكنها ليست كافية. وكما كُتب في "معاريف" يوم الجمعة، الحكومة لم تفهم بعد، وإن لم تفهم الآن، فستسقط، بهذه البساطة.
  • في المحصلة، إن إعلان تجنيد 1100 شرطي لن يزيد الشعور بالأمان، بل ما سيزيده فعلًا، هو انتشار أفراد الشرطة وظهورهم في الحيز العام، وليس 1100 (منهم 300 للجنوب)، بل 5000. وإن كان هذا العدد كبيراً علينا، فيجب إعداد خطة طوارئ لتجنيد 5000 شاب ممن أنهوا الخدمة العسكرية في وحدات قتالية خلال الأعوام الثلاثة الماضية، وأن يُقدَّم عرض عمل سخي لهم لعامين، ويتم تدريبهم لشهر في مقر وحدة مكافحة الإرهاب في الجيش، ثم نشرهم للبدء، هنا والآن. على أحدهم أن يبدأ بالتصرف كأننا في حالة طوارئ، وذلك لسبب بسيط، لأننا نحن فعلاً في حالة طوارئ.
  • في هذه الأثناء يفحص جهاز الأمن العام من وماذا تسرّب من تحت الرادار، إذ يبدو واضحاً أن خللاً ما حدث، وأن أحدهم أخطأ. إذاً، سيشخّص الجهاز، ويتم إصلاح الخلل، لا يوجد خيار آخر. وفي مثل هذه الليلة علينا أن نتذكر الصراخ والبكاء بسبب استعمال الشرطة "أدوات التجسس".
  • وهنا، وصلنا إلى النموذج الذي لم نرِد الوصول إليه، إذ يبدو لي أن موشيه نوسباوم نشر قبل أيام أن الشرطة تدفع بالمستشارة القضائية للحكومة غالي بهراف - ميآره للمصادقة من جديد على استعمال هذه الأدوات الضرورية، لإبادة الإرهاب سنة 2022، وآمل أن تقتنع الآن، وأن يقتنع كل من عليه ذلك، بأنه ممنوع إلحاق الضرر بهذه القدرات التي طُوِّرت في إسرائيل، وممنوع السماح لقوى داخلية وخارجية، أن تصفّي حساباتها مع شركات كـ"NSO" وكنديرو، التي تصنّع هذه الأدوات. ففي نهاية المطاف، الحديث يدور عن حرب وحياة بشر.
  • مات مصطلح "شرق أوسط جديد" مع شمعون بيرس الذي وضعه، فقد كانت رؤية بيرس جيدة، لكنها كانت سابقة لأوانها، والشرق الأوسط لم يكن جديداً بالشكل الكافي. لكن اليوم نضجت الظروف، وهناك مزيج من الأوضاع الجيو - سياسية الدرامية التي غيرت المنطقة جذرياً، فالحدث الذي يجري في "سديه بوكير" جدي، وهو يختلف كلياً عن الأحداث المزيفة التي جرت في التسعينيات، والحديث هنا يدور حول حدث حقيقي، ولا يجب نسيان ذلك. كما أن الصراع مع إيران ضروري ليس لنا فحسب، بل لجيراننا أيضاً، وبغياب أميركا، تحولت إسرائيل إلى القائم بأعمالها بشكل طبيعي.
  • بدأ هذا مع "اتفاقيات أبراهام" مع ترامب ونتنياهو وكوشنير، ويتم استثماره والاستمرار فيه بمهارة الآن. والإرهاب الذي جرى بالأمس في الخضيرة، وقبلها في بئر السبع، كان وقعه على الدول التي أرسلت وزراء خارجيتها إلى سديه بوكير أقوى مما كان وقعه علينا، والحلف الذي تبنيه إسرائيل الآن ضد هذا الإرهاب، هو حدث استثنائي من حيث الأهمية.
  • وعلى الرغم من الظروف الصعبة الآن، فإنه يجب التذكر أن أغلبية العرب في إسرائيل تريد الحياة هنا بسلام ورفاهية، وكذلك الأمر بالنسبة إلى البدو. فعلى مدار عشرات السنين أهملنا هذه الفئات، وتركناها تجمع كمية لا بأس بها من السلاح، وافترضنا حينها أنه سيقتل أحدها الآخر – لكننا الآن نحن مَنْ يُقتل.
  • يجب تصحيح هذا الخطأ بسرعة لا بعد أشهر، أو بعد أسبوعين. وآمل أن تفهم هذا الحكومة الإسرائيلية بسرعة وبتصميم، فالأمر غير معقد كثيراً، فقد سبق وانتصرنا في ظروف أصعب بكثير.