الهجوم على سياسة الحكومة إزاء الحرب في أوكرانيا يكشف عن جهل تاريخي
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

  • السياسة الحذرة التي تنتهجها الحكومة حيال روسيا، بعد غزوها أوكرانيا، تثير استياء الصحافيين والمثقفين وغيرهم. لكن الدعوات التبسيطية التي سُمعت في البلد، بأن علينا "الوقوف مع الجانب الصحيح من التاريخ"، تكشف عن جهل تاريخي واستنسابية أخلاقية.
  • لا يوجد جانب صحيح في التاريخ، والتاريخ لا يعمل وفق أنظمة أخلاقية، إلّا إذا كنا نشارك الماركسيين في الإيمان بالحتمية التاريخية التي تؤدي إلى حكم طبقة البروليتاريا. لكن هذه كانت الجنّة الماركسية التي يمكن القول، بثقة، إنها فشلت.
  • شئنا أم أبينا، التاريخ يكتبه المنتصرون في المعارك والحروب. والذين يحققون الانتصارات ليسوا، بالضرورة، صالحين. حتى أن المؤمنين بالله بيننا يعرفون أن هناك فترات من التناقضات، وليس هناك تدخّل سماوي، والعالم يسير كعادته.
  • من المؤكد أن العالم كان سيبدو مختلفاً لو أن هتلر استثمر وقته وماله في بناء قنبلة نووية. مثل هذه الإمكانية كانت معقولة، ومن حظنا أنها لم تحدث. كذلك، يصح القول إن انتصار الحلفاء في الحرب العالمية الثانية كان بفضل شركة جنرال موترز، التي كانت نموذجاً من إنتاج آلة الحرب. ولا يوجد دليل على اعتبارات أخلاقية في هذه القصة.
  • هل يجب أن نكون إلى جانب المنتصرين؟ نعم بالتأكيد. هل نعرف مَن سينتصر في المواجهة بين الزعيم الروسي بوتين وبين زعيم الغرب الرئيس بايدن؟ في جميع الأحوال، أعلنت إسرائيل وقوفها مع الغرب، وصوتت مع إدانة روسيا في الأمم المتحدة، على الرغم من أن الغرب أخطأ عندما تجاهل الحاجات الأمنية الروسية جرّاء توسيع حلف الناتو.
  • مهاجمة الحكومة لأنها لم تقف مع "الجانب الصحيح من التاريخ" مثيرة للحيرة. كيف يمكن الاستخفاف بحقيقة أن روسيا تجلس على الحدود الشمالية لإسرائيل، وأننا بحاجة إلى التعاون معها من أجل ضرب إيران التي تشكل خطراً وجودياً؟
  • القناة المفتوحة مع موسكو هي التي سمحت بها الوساطة بين روسيا وأوكرانيا. ليس من السهل على الحكومة المناورة بين مصالح مختلفة وبين تفضيلات أخلاقية تبدو، أحياناً، متناقضة. الاختبار هو دائماً في النتيجة، هل النتيجة تناسب الكيان السياسي أم لا.
  • الاعتبار الأخلاقي الأعلى بالنسبة إلى الأمة هو المحافظة على بقائها وسط هذه الغابة الدولية التي تحيط بها. وبعكس الفرد، ليس من حق الأمة، أخلاقياً، الانتحار. ولا يُسمح لأي أمة بالمراهنة على جوهر وجودها.
  • التاريخ اليهودي الذي كتبه الناجون من الإمبراطورية الرومانية يذكر بالخير الحاخام يوحنان بن زكاي الذي هرب من الحرب ضد الرومان وأنشأ في مدينة يفنة أكاديمية لتعليم التعاليم اليهودية، فهل كان قراره أخلاقياً؟ ليس مؤكداً، لكنه أنقذ الشعب اليهودي من الانقراض.
  • لقد كانت مساهمة مكيافيلي كبيرة عندما قال: لا تتوقعوا من الدولة التصرف في المنظومة الدولية كما يتصرف رجل دين تجاه رعيته. الناس يعملون ضمن الأطر الإنسانية المختلفة، وفق القواعد التي تتلاءم مع هذه الأطر.
  • على الصعيد الدولي، يجب أن تكون مصلحة الدولة هي المرشد نحو السلوك المطلوب. ورأي المدافعين عن الأخلاق، على اختلاف أنواعهم، ثانوي الأهمية.
 

المزيد ضمن العدد 3756