إسرائيل والغاز: الانتقال إلى ملعب الكبار
تاريخ المقال
المصدر
- أوضحت الأزمة الأوكرانية أهمية وضرورة تنويع مصادر الغاز الأوروبي لإيجاد بديل من الغاز الروسي، وليس فقط لتقليل قدرة التأثير الروسية في أوروبا وحلف الناتو. بدوره، مندوب الاتحاد الأوروبي لقضايا الأمن والسياسة الخارجية جوزيب بوريل نجح في قيادة أوروبا إلى موقف موحد في كانون الثاني/يناير، قبل الاجتياح الروسي لأوكرانيا، استناداً إلى رؤيته بأن "علينا تقليل اعتمادنا على الطاقة الروسية".
- في نهاية سنة 2021، كان ما يعادل 40% من الغاز الطبيعي المستورَد للاتحاد الأوروبي يأتي من روسيا. وعمل الروس بصورة منظمة لخلق هذا الواقع، إذ وصل الأمر بهم إلى اقتراح منصب في شركة الطاقة الروسية "غازفروم" على المستشار الألماني السابق غيرهارد شرودر. وفي مطلع آذار/مارس، أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن منع استيراد النفط والغاز الروسي للولايات المتحدة. من جانبه، رد الاتحاد الأوروبي بأنه سيخفّض استيراد الغاز الطبيعي الروسي إلى الثلثين، حتى نهاية سنة 2022.
- في الوقت الذي بحثت واشنطن عن مصادر بديلة للطاقة لأوروبا، رفض كلّ من السعودية والإمارات المساعدة في هذه المرحلة، كردّ على السياسات التي تتبعها إدارة بايدن إزاء الحرب في اليمن ضد الحوثيين المدعومين من إيران. وحتى اللحظة، هناك مزوّدون آخرون لأوروبا من خلال خط غاز، يشملون كلاً من النرويج (22%)، والجزائر (18%)، بالإضافة إلى أذربيجان (9%)، لكن لا يمكنهم أن يشكلوا بديلاً من الغاز الروسي.
- هناك أيضاً جانب إسرائيلي. ترتيب روسيا في الدول المصدّرة للغاز هو الأول، مع قدرة إنتاج 35 تريليون متر مربع. وبعدها مباشرة يأتي كلّ من قطر وإيران. وفي الشرق المتوسط عموماً، بما في ذلك إسرائيل، هناك آبار غاز ضخمة يصل حجمها، بحسب التقديرات، إلى 10.8 تريليون متر مكعب من الغاز، أو ما يعادل 5% من مصادر الغاز في العالم. وبحسب تقديرات، فإن هذه الكمية تعادل 76 عاماً من استهلاك الغاز في الاتحاد الأوروبي.
- حصة إسرائيل في آبار غاز شرق المتوسط تقدَّر بألف مليار متر مكعب، ومن الممكن أن تصل إلى 3000 مليار متر مكعب في حال استغلت إسرائيل كافة مناطق مياهها الاقتصادية الخالصة. للأسف، الحكومة الجديدة غيرت في سياسات الطاقة الإسرائيلية، إذ يبدو أن وزيرة الطاقة كارين الهرار تتبنى سياسة جديدة - تقوم على الاستناد إلى الطاقة البديلة والتكنولوجيا، لذلك، أوقفت تصاريح البحث عن الغاز مدة عام.
- على الرغم من تأجيل مدّ أنبوب الغاز الإسرائيلي إلى أوروبا على يد إدارة بايدن، لأسباب غير واضحة كلياً، فإن الغاز الإسرائيلي لا يزال يُستخدم من طرف شركائها في الشرق الأوسط، وبصورة خاصة مصر والأردن. وفي الأعوام العشرة الأخيرة، تحاول إيران تصدير غازها إلى العراق، وحتى إلى الأردن، بهدف توسيع دائرة تأثيرها في شرق إسرائيل.
- مع التحسن المتوقع في العلاقات الإسرائيلية - التركية، من الممكن أن تُستخدم أنقرة مركزاً لتصدير الغاز الإسرائيلي. لذلك، وبعد الحرب الأوكرانية، هناك أسباب كثيرة من شأنها الإجابة عن سؤال: لماذا من المهم تجديد العمل على أنبوب غاز شرق المتوسط، بموازاة تجديد البحث عن آبار إضافية. هذا بالإضافة إلى أن تصدير الغاز إلى الغرب سيقلل من سعره، وهو ما سيُلحق الضرر بقدرة روسيا على تمويل آلتها الحربية، مستقبلاً.
- يتحول الاقتصاد الإسرائيلي إلى كنز بالنسبة إلى أوروبا المتعطشة إلى طاقة بديلة لوقف اعتمادها على روسيا. من المهم الحفاظ على علاقات جيدة مع روسيا، لكن هناك فرصة لتنويع علاقاتنا الدبلوماسية، وإثبات أهميتنا كشركاء سياسيين في عدد كبير من الجبهات.
- من المتوقع أن تسرّع الحرب في أوروبا هذه التغييرات، وأن تقود إسرائيل نحو حلفاء جدد. هناك أصلاً، تحالفات جديدة بالمشاركة مع الهند والإمارات والولايات المتحدة، وذلك بالتعاون مع إسرائيل، من خلال "Quad" [اللجنة الرباعية للحوار الأمني التي تضم أستراليا والهند واليابان والولايات المتحدة]. ويجب ألّا نستبعد إمكانية مشاركة تركيا مع بعض الدول الأوروبية في هذه المنظمة، إذ يمكن أن يشكل موضوع التزود بالطاقة إطاراً مشتركاً. يستطيع الغاز الإسرائيلي أن يكون عاملاً أمنياً مهماً في هذا السياق، ولا يجب تجاهُله أو التقليل من أهميته بتاتاً.