الهجرة من أوكرانيا: فرصة ذهبية للاقتصاد الإسرائيلي
تاريخ المقال
المصدر
- في البداية، إليكم بعض الأرقام: في سنة 1989 بلغ تعداد سكان إسرائيل أقل بقليل من 4.5 ملايين نسمة. في أعقاب تفكُّك الكتلة السوفياتية، استوعبت إسرائيل خلال عامين قرابة مليون مهاجر من الاتحاد السوفياتي السابق. بكلمات أُخرى، في سنة 1990، شكّل المواطنون من الاتحاد السوفياتي السابق نحو خُمس السكان.
- على الرغم من مشكلات الاستيعاب، فإن هذه الهجرة ساهمت مساهمة كبيرة في نمو إسرائيل. نحو نصف المهاجرين البالغين الذين جاؤوا كانوا يحملون شهادة أكاديمية وتعليماً عالياً، وأصبحوا جزءاً مهماً في تأسيس صناعة الهاي - تك. في إبان موجة الهجرة، وصل إلى إسرائيل 110 آلاف مهندس، و80 ألف تقني، و35 ألف أستاذ، و17 ألف عالم، و40 ألف طبيب وممرض، ونحو 60 ألف عامل صناعي.
- وكانت المساهمة في نمو دولة إسرائيل كبيرة جداً، سواء بالمفهوم العام أو النسبي. يشكل الناتج المحلي العام مقياساً لاقتصاد البلد، لكن الأهم منه هو الناتج الفردي العام. بينما الناتج العام الحالي في الصين هو 14.7 تريليون دولار، وفي إسرائيل هو "فقط" 402 مليار، فإن نصيب الفرد من الناتج العام في الصين هو 8.840 دولارات، بينما في إسرائيل هو 43.600 دولاراً - أي خمسة أضعاف تقريباً. هجرة المهاجرين المتعلمين تشكل عاملاً مهماً جداً في النمو الاقتصادي في إسرائيل.
- اليوم أيضاً، تواجه الدولة موجة هجرة كبيرة بدأت بشائرها تبرز على الأرض. هناك أصوات تشتكي من أن إسرائيل لا تستطيع السماح لنفسها باستيعاب هؤلاء المهاجرين لأسباب عديدة، في الأساس اقتصادية، وعملياً، لا نستطيع أن نسمح لأنفسنا باستيعابهم.
- نصف الذين يصلون من أوكرانيا يحملون شهادة جامعية، ويجري هذا في فترة يعاني الاقتصاد نقصاً في اليد العاملة، وخصوصاً المهندسين. وبالاستناد إلى مصلحة الاختراعات في سنة 2021، كان هناك 13 ألف وظيفة شاغرة في صناعة الهاي – تك في إسرائيل، ونحو 60% من الشركات لم ينجح في إيجاد أشخاص مناسبين لتوظيفهم. ونتيجة ذلك، استعدت الحكومة لاستقدام عمال أجانب في قطاع الهاي – تك لتغطية النقص الحاد في العاملين. وصول أعداد كثيفة من المتعلمين من أوكرانيا سيجعل هذه الخطوة غير ضرورية.
- لكن ليست صناعة الهاي - تك وحدها بحاجة إلى يد عاملة نوعية. ففي قطاع البناء هناك نقص يقدَّر بنحو 5000 مدير للعمل، الأمر الذي يؤثر في عدد المنازل التي تستطيع شركات المقاولات تشييدها سنوياً. كما يشتكي قطاع الفنادق من نقص يقدَّر بنحو 16 ألف عامل، وكان هناك نية لاستقدام عمال أجانب. هناك نماذج لقطاعات تعاني جرّاء النقص في اليد العاملة، لكن يمكن التوقف هنا.
- بدلاً من التذمر، يجب التركيز على استيعاب الفارّين من الحرب في أوكرانيا. لقد استوعبت إسرائيل موجة الهجرة من الاتحاد السوفياتي عندما كانت دولة صغيرة وضعيفة أكثر من الناحية الاقتصادية، وهذه المرة سيكون هذا أسهل بكثير. يجب الاستعداد لذلك من الناحية البيروقراطية واستيعاب المهاجرين من خلال إعداد برامج لتعليمهم اللغة العبرية وتسجيل أولادهم في المدارس. ويجب التأكد من أن كل الأطراف التي تهتم بتحديد الفجوات التعليمية والمهنية ستعمل بصورة مثمرة وناجعة من أجل ردم هذه الفجوات، مثلاً في المهن الطبية والمالية. ويجب وضع أطر للتأهيل المهني متاحة للذين يتحدثون باللغة الأوكرانية، أو للذين هم بحاجة إلى الإعداد والتعليم المطلوبيْن في الاقتصاد الإسرائيلي.
- يجب على إسرائيل أن تضع لها هدفاً، أنه خلال عام من الهجرة إلى البلد، يستطيع المهاجرون من أوكرانيا العمل وتحصيل معيشتهم بأنفسهم. وإذا تصرفنا بصورة صحيحة، وخصوصاً من الناحية البيروقراطية، سنجنّب أنفسنا مشاهد رأيناها في التسعينيات، عندما اضطر علماء إلى العمل كعمال تنظيفات. هناك مثل يقول: النجاح هو في التوقيت. والتوقيت صحيح، وهذه الهجرة ستنجح – فقط إذا سمحنا بذلك.
الكلمات المفتاحية