إيران ستواصل تحدي البُعد الجوي: وعلى إسرائيل الاستعداد لذلك
تاريخ المقال
المصدر
- الطموحات الإقليمية لإيران ليست جديدة، وحتى قبل حادثة اعتراض مسيّرتين من إيران، والتي كُشف عنها مؤخراً، إذ سبقتها حادثة مشابهة في شباط/فبراير 2018، عندما اعترضت طائرة حربية طوافة حربية بالقرب من بيت شان، وتطورت الحادثة إلى يوم قتال سقطت خلاله طائرة أف-16 تابعة لسلاح الجو داخل الأراضي الإسرائيلية.
- وزير الدفاع بني غانتس كشف أيضاً أن الإيرانيين يعملون، مؤخراً، على بناء قوة كبيرة من المسيّرات، هدفها دولة إسرائيل. من الخطأ فحص التحدي الإيراني، بالاستناد إلى حادثة معزولة. لأن هذا الفحص يفقتد القدرة على فهم الصورة الشاملة الأكثر تعقيداً بكثير. مرّت قدرات إيران في الأعوام الأخيرة بعملية تحسين مهمة. ويمكن رؤية هذه القدرات في الهجوم الذي نُفّذ ضد منشآت النفط في السعودية والعملية الأخيرة للهجوم بالصواريخ البحرية والمسيّرات على منشآت وبنى تحتية استراتيجية في الإمارات. وإذا أضفنا إلى ذلك كشف إيران عن قاعدة صواريخ ومسيّرات في أراضيها، فنحصل على صورة أوسع بكثير لبناء القوة والقدرات الآخذة في التعاظم.
- تبني إيران تهديداً جوياً، بالإضافة إلى التهديد الصاروخي من قواعد موجودة حول دولة إسرائيل-في سورية ولبنان وقطاع غزة والعراق واليمن. يضاف إلى كل هذا التهديد الذي تبنيه في إيران نفسها، والذي يضع إسرائيل في مواجهة تهديد جديد في ماهيته وحجمه، لم يسبق أن واجهته منذ أعوام كثيرة. وهنا يُطرح السؤال: ما هي الاستعدادات التي تطلبها دولة إسرائيل من الجيش الإسرائيلي؟ كثيرون يتحدثون عن تغيّر البُعد الجوي.
- فقط في الفترة الأخيرة، شهدنا تسلُّل مسيّرة تابعة لحزب الله من لبنان، بالإضافة إلى حوادث متكررة في غزة. يجري حول دولة إسرائيل بناء تهديد جوي جديد مختلف وأكثر تحدياً بكثير-وقدرات سلاح الجو والجيش وإسرائيل على مواجهة الاختبار مهمة جداً. سؤال ثان: هل سيناريو وقوع هجوم منسّق بالصواريخ البحرية والمسيّرات على بنى استراتيجية في دولة إسرائيل يمكن أن يشكل مفاجأة؟ في تقديري كلا. يبدو هذا السيناريو في الظروف الحالية حقيقياً أكثر: تدعم إيران إجراء تدريبات وتطويرات وأسلحة تزيد في احتمال وقوع مثل هذه الأحداث، بالإضافة إلى وجودها في سورية، ومحاولاتها التمركز في العراق واليمن، وهو ما يقرّب إيران من حدود دولة إسرائيل.
- وإذا كانت هذه الصورة ليست معقدة بما فيه الكفاية، فإن انشغال الغرب ودولة إسرائيل بالاتفاق النووي مع إيران يضيف بُعداً إضافياً؛ لم تُخفِ إيران قط طموحها إلى تطوير قدرة نووية وتطوير صواريخ يبلغ مداها 5000 كيلومتر. وهذه الطموحات الفتاكة لا تهدد فقط دولة إسرائيل، بل أوروبا أيضاً. الاتفاق النووي سيسمح لإيران بمواصلة التقدم في برنامجها الطموح هذا الذي لم يتوقف حتى في فترة الاتفاق النووي السابق، لأن آليات الرقابة والتحكم أثبتت عدم فعاليتها في الماضي. ولا أتوقع تغيّراً جوهرياً في الاتفاق الآخذ في التشكل.
- ليس لدى دولة إسرائيل والجيش ترف انتظار أن يمنع الاتفاق النووي الجديد إيران من الحصول على هذه القدرات، وأن يكبح قوتها. يجب استغلال الوقت من أجل إنهاء قدرات الدفاع ضد البُعد الجوي الجديد الذي لا ينحصر فقط في حدودنا، ويمكن أن تكون نقطة انطلاقه في حلقة أبعد، وليس بالضرورة في دولة قريبة من إسرائيل-وهذا يمكن أن يتحقق بواسطة جمع المعلومات من الدوائر البعيدة عن إسرائيل. والتحدي هو كشف التهديد مسبقاً وبعيداً بقدر الممكن عن حدود إسرائيل للسماح بالوقت الكافي لاعتراضه.
- الفرضية الإسرائيلية يجب أن تكون: أن الهجمات التي نُفّذت ضد السعودية، ومؤخراً ضد الإمارات، يمكن أن تحدث ضدنا أيضاً. وهذه الفرضية تتطلب بناء قوة وتسلُّح، بالإضافة إلى الاستعداد بالمثل ورؤية واسعة النطاق. ستواصل إيران تحدّي البُعد الجوي بواسطة أذرعتها في المنطقة، والقادرة على التسبب بتصعيد أمني من دون إنذار مسبق. قدرات الاعتراض من الأرض والجو تسمح لإسرائيل وللجيش بهامش للرد، لذا، يجب تعزيز هذه القدرات، ومعها بناء استراتيجيا تسمح بعمليات عميقة في المكان والزمان عند الضرورة.
- وجود إيران هو حقيقة. ومحاولات عرقلة هذا الوجود وإحباطه وإبعاد إيران بقدر المستطاع عن حدود إسرائيل ضرورية، لكنها لا تقدر على القضاء على التهديد الجوي. الجهد الهجومي ضد تمركُز إيران في سورية مهم، لكن يجب أن يجري، في موازاته، بناء قوة دفاعية مناسبة لمواجهة التهديدات الجوية الجديدة، وهذه عملية بدأت قبل نحو عشرة أعوام، ولا تزال نهايتها بعيدة. في سباق التسلح والقدرات والتعلم بين إسرائيل وإيران وأذرعها في المنطقة، ليس لدينا ترف أن نكون متخلفين خطوة واحدة.