الجيش والشرطة يتقاذفان المسؤولية، وعنف المستوطنين مستمر
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

  • يواصل الجيش والشرطة تقاذُف المسؤولية إزاء ازدياد حوادث الجريمة القومية من طرف اليهود في الضفة الغربية. وزير الدفاع الذي قام بجولة في الضفة في الأسبوع الماضي، سمع من ممثلي الجهازين تفسيرات متعارضة تتعلق بأسباب الصعوبات التي تعترضهما في مواجهتهما لهذه الظاهرة. ويقول مصدر أمني رفيع المستوى للصحيفة إن المقصود هو أن فشل المؤسسة الأمنية كلها نابع من عدم فهم مهمتها في المناطق وغياب الحافز، مشيراً إلى "أجواء مؤاتية" يخلقها المستوى السياسي.
  • بالأمس قال الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي: "من واجب الجيش، ومن صلاحياته العمل على منع أحداث عنيفة يقوم بها مواطنون إسرائيليون في مناطق الضفة الغربية حتى وصول قوات الشرطة إلى ساحة الحادث. ومن المتوقع استخدام جنود الجيش صلاحياتهم هذه وعدم الوقوف موقف المتفرج تجاه أحداث من هذا النوع". وسبق لغانتس أن قال في نقاش جرى في كانون الأول/ديسمبر الماضي إنه يتوقع من قادة الجنود التدخل في حوادث مهاجمة مواطنين يهود لفلسطينيين.
  • وبحسب موقع "واللا"، شهدت جلسة الطاقم الأمني المصغر في الأسبوع الماضي نقاشاً بين رئيس الأركان أفيف كوخافي ووزير الداخلية عومر بار- ليف، الذي قال إن لجنود الجيش الإسرائيلي صلاحيات رجال الشرطة حيال الإسرائيليين في المناطق، وفي إمكانهم ملاحقة مواطنين متورطين في حوادث عنف إلى حين وصول الشرطة. وفي رأي بار - ليف، الجيش لا يستخدم صلاحياته كما يجب. في المقابل، ادّعى رئيس الأركان أن الوزير صوّر الواقع بصورة غير دقيقة، وبالاستناد إلى رأي المستشار القانوني للحكومة في سنة 1998، من الأفضل أن تتعامل الشرطة مع مواطنين إسرائيليين، وليس الجنود.
  • كلام كوخافي استقبلته الشرطة باستياء، واعتُبر محاولة لتحميل الشرطة مسؤولية ما يحدث في مناطق خاضعة لسيطرة الجيش. وبحسب مصدر أمني رفيع المستوى، "الجيش هو المسؤول عن المنطقة ويجب عليه فقط استخدام صلاحياته". ويضيف المصدر أنه على الرغم من اعتقاد رئيس الأركان أن الشرطة هي المسؤولة عن فرض القانون على المستوطنين، فإنه أوضح أن المطلوب من الجنود التحرك لمنع المستوطنين من مهاجمة الفلسطينيين.
  • لم يدخل غانتس في تفاصيل الخلاف في أثناء زيارته المنطقة في بؤرة حوميش، حيث التقى ممثلين للجيش والشرطة، وذلك بحسب كلام مشاركين في النقاش، وكرر دعوته الجنود إلى التدخل في مثل هذه الأحداث، وعند الضرورة استخدام صلاحياتهم وملاحقة مشتبه بهم بارتكاب حوادث عنف. لكن بحسب كلام المصدر الرفيع المستوى، الجنود يقفون موقف المتفرج و"الجيش لا يريد الزجّ بنفسه في مواجهات مع يهود".
  • واشتكى ممثلون للشرطة من مشكلات في التنسيق مع الجيش في الضفة. وكان غانتس شدد في النقاش على أنه يعتبر محاربة الجريمة القومية أولوية عليا، لكن ممثلي الشرطة أوضحوا له أن قيادتهم لديها سلّم أولويات آخر...
  • في الجيش يعترفون بأن الجنود يجدون صعوبة في التحرك لمواجهة أعمال شغب يقوم بها يهود. وفي معظم الأحيان، يجري استدعاء قوة صغيرة إلى المكان. وفي أحسن الأحوال، تعمل هذه القوة على إبعاد الأطراف المتطرفة من المكان، لكنها لا تلاحق مشتبهاً بهم، وغالباً يكون على رأس هذه القوة قادة لا يعرفون قواعد اللعبة المتعلقة بالدلائل المصورة المقبولة في عملية قضائية. وقيل لغانتس إن الجيش بدأ يستخدم الغاز المسيل للدموع في هذه الحوادث.
  • في رأي مصدر أمني رفيع المستوى، يُلقى جزء من المسؤولية عن ازدياد عنف المستوطنين على عاتق السياسيين. ويقول: "لا يمكن تجاهُل الجو الذي يسمح بذلك. عندما يصل الجيش إلى بؤرة حوميش يسمع انتقادات قاسية ضده من المستوى السياسي، ومن قيادة المستوطنين وأطراف أمنية. وبهذه الطريقة يدرك مثيرو الشغب أنهم يحصلون على دعم مراكز القوة في إسرائيل، من دون أن يقال لهم ذلك علناً، وهو ما يسمح باستمرار العنف".
  • ويضيف المصدر: "من الصعب جداً أن تزرع لدى الجنود والقادة الإدراك بأن مهمتهم هي المحافظة على أمن الطرفين. فهم يُرسَلون إلى مهمة عملانية للدفاع عن السكان اليهود ومنع الإرهاب، ومن الواضح مع أي طرف يقفون في النزاع". وفي رأيه، في معظم الأحيان، القادة هم الذين يقررون ما الذي يجب فعله خلال حوادث العنف، وهم يحصلون على توجيهات غامضة من المستوى القيادي.
  • ويحذّر المصدر: "في النهاية، هذا العنف سينفجر في وجوهنا. واستمراره سيؤدي إلى تصعيد أمني من الصعب تقدير قوته". وبالاستناد إلى معلومات عُرضت في النقاشات الأمنية، يشير المصدر إلى أن شباناً فلسطينيين يعتقدون أنه يجب الرد على عنف المستوطنين بعنف. "وإذا حدث هذا، فإنه سينتهي بسقوط عدة قتلى، وسيشعل الضفة الغربية." وفي رأيه، هذا العنف يزعزع مكانة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، قبيل الانتخابات التي ستجري في الأشهر المقبلة في مدن الضفة الغربية، الأمر الذي يُقلق السلطة كثيراً.
  • ويوضح المصدر الأمني الرفيع: "في إمكان المؤسسة الأمنية معالجة هذا العنف إذا اتخذت قراراً بأن هذا ما يجب القيام به. وكما في استطاعة الجيش الإسرائيلي مواجهة عنف الأفراد الفلسطينيين واقتلاعه، فإن في إمكانه العمل ضد الأفراد، أو المجموعات الصغيرة التي تطبق القانون بنفسها. المشكلة تبدأ فقط عندما يُعتبر سقوط جرحى من اليهود فشلاً في المهمة، بينما الأذى الذي يلحق بالفلسطينيين يُعتبر خطأ. فلو أعلمت المؤسسة الأمنية القادة على الأرض بأن الأذى اللاحق بالمزارعين وبنشطاء اليسار هو فشل في مهمتهم، لكانوا نظروا إلى الموضوع بصورة مختلفة."