حملة التشجير في النقب ليست بيئية ولا اجتماعية بل هدفها كبح تطوير البلدات البدوية
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

  • كما في الأمس كذلك قبل عام، وقفنا نراقب الجرافات التي أرسلتها الدولة لتجرف الحقول حول مسقط رأسي بلدة سعوة في النقب. وكما في الأمس أيضاً اليوم، رافقت الأعمال مئات من عناصر الشرطة وعشرات المركبات، ويومها احتج أيضاً السكان البدو. وبخلاف ما يمكن أن يعتقد مَن يشاهد ويقرأ وسائل الإعلام العبرية، فإن تظاهرات النقب في اليومين الأخيرين ليست قصة بدأت الآن، وهي لا تتعلق بنشاطات بيئية وتشجيرية في مواجهة عنف عشوائي للمواطنين البدو الغاضبين. هناك أسباب لاحتجاج وغضب المواطنين البدو، وحان الوقت للحديث عنها.
  • الأراضي التي جرفتها الدولة في الأيام الأخيرة يعمل فيها سكان مولدا - سعوة، وهي بلدة اعترفت بها الدولة منذ عشرات الأعوام. من الممكن القول إنهم يشجّرون الصحراء. بيْد أن الدولة تجرف هذه الأراضي كجزء من سياسة تعود إلى أعوام طويلة متوحشة ولا لزوم لها. لماذا الصندوق الدائم لإسرائيل بحاجة إلى العودة عاماً بعد عام إلى تشجير أرض زراعية؟ ومن بين آلاف الدونمات الخالية في النقب، لماذا تحديداً هنا؟ ولماذا في هذه الفترة بالذات؟
  • الجواب هو أن أعمال التشجير التي يقوم بها الصندوق الدائم لإسرائيل [الكيرن كاييميت] ليست بيئية ولا اجتماعية. بل هي في الواقع تشجير سياسي، هدفه كبح تطوير البلدات العربية في النقب وتحديد وقائع على أراضٍ هي موضوع خلاف في المحاكم. يجد السكان أنفسهم مرة أُخرى عاجزين أمام قوى الدولة والأجهزة المتعددة لتطبيق القانون، والتي تهدم منازلهم وحقولهم، من دون أن تقدم لهم بديلاً حقيقياً متفقاً عليه يسمح لهم بالبناء أو العمل في أراضيهم بصورة قانونية ومنظّمة.
  • في الأعوام الخمسة الأخيرة هدمت الدولة نحو 10 آلاف مبنى في بلدات عربية في النقب. ويُهدم سنوياً نحو 600 منزل. التداعيات الاقتصادية والاجتماعية لا يمكن وصفها. وبالإضافة إلى هدم المنازل، الدولة تهدم أيضاً مصدر رزق السكان، أي الأراضي الزراعية التي يعتاشون منها.
  • كيف نرد على حجة أن هذه الأراضي ليست ملكاً للسكان وأنهم يعملون فيها خلافاً للقانون؟ حتى لو تجاهلنا الخلافات بشأن ملكية الأراضي، هناك أمور أساسية يجب أن نفهمها: بعكس سكان المستوطنات اليهودية، ليس لدى السكان العرب في النقب بديلاً قانونياً يسمح لهم بالعيش على أراضيهم وتحصيل رزقهم بكرامة.
  • مقارنة بالسكان اليهود في النقب، فإن أغلبية البدو ليس لديها أفق تخطيطي يسمح بالحياة في بلدات ريفية تشمل مساكن وبنى تحتية وأراضي زراعية. وفي حالات كثيرة، الحل الوحيد المقترح على السكان هو الانتقال إلى بلدات حضرية، الأمر الذي يتطلب منهم تغييراً جوهرياً لنمط حياتهم. لذلك، هم يواصلون العمل في أراضٍ يطالبون بملكيتها، جزء منها عمل فيه آباؤهم منذ أجيال.
  • في النقب توجد مشكلات حقيقية لا يتحدثون عنها. المشكلة أن هناك عدداً كبيراً من مواطني دولة إسرائيل يعيشون في فقر مدقع وظروف يرثى لها، وفي أحيان كثيرة ليس لديهم بنى تحتية ولا خدمات أساسية. هذه المشكلة من الممكن حلها. مَن يهمه الحل فعلاً لا يقوم بأعمال تتسبب بالمعاناة، وتزيد في حدة المواجهات، وتضر بالحقوق على الأرض والقدرة على بناء الثقة مع المجتمع البدوي.
  • مَن يريد العثور على حلّ يتعين عليه مواصلة التوجهات التي بدأت: تنمية اجتماعية – اقتصادية للبلدات العربية في النقب، تخطيط يعتمد على التعاون مع السكان، التوصل إلى اتفاقات تقدم جواباً حقيقياً على الحاجات المطروحة على الأرض، وفي الأساس الدفع قدماً بمخطط توجيهي للاعتراف بالقرى غير المعترف بها. هذه خطوة محقة، وهي أيضاً لمصلحة كل سكان النقب.