فكرة الدولتين لا تزال موجودة هنا. لا للأبرتهايد
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

  • شهد الجدل العام بشأن خيار الدولتين لحل النزاع صعوداً وهبوطاً في العقد الأخير، لكن هناك أمراً واحداً يحظى بإجماع يتخطى الخطوط الحزبية، هو عدم وجود فرصة للتوصل إلى اتفاق دائم في الأفق المنظور. تعبير "لا يوجد شريك" في الجانب الفلسطيني، تآكل من كثرة الاستخدام. في الأشهر الأخيرة ارتفع الجدل درجة (أو تراجع، بحسب النظرة السياسية)، وكثرت الأصوات التي تحدثت عن إغلاق الباب أمام خيار الدولتين، في ضوء الواقع في الضفة الغربية وغياب زعيم فلسطيني قادر، وانحياز المجتمع الإسرائيلي إلى اليمين. صوت أ. ب يهوشواع فاجأ اليسار وأثار نقاشاً عاماً واهتماماً. كان هناك مَن هزّ رأسه موافقاً، كنوع من قبول متشائم بالواقع، وكان هناك مَن ناقش الاستنتاج، ومَن رحّب به.
  • لكن المقصود واقع أكثر تعقيداً بكثير، أو العكس، واقع واضح تماماً وثنائي، وبحسب الباحث ماتي شتاينبرغ: إمّا التقسيم إلى دولتين، أو التدهور إلى دولة الأبرتهايد. ويضيف شتاينبرغ تشخيصاً مثيراً للاهتمام وصحيحاً للغاية: بينما الخيار الأول يتطلب موافقة علنية ورسمية، فإن خيار الأبرتهايد لا يحتاج إلى ذلك، وهو سيظهر كخيار في ظروف عدم وجود الاتفاق.
  • سيكون هناك مَن يدّعي أن الوضع الاستراتيجي المريح لإسرائيل في الأعوام الأخيرة يمنحها هامشاً واسعاً للمناورة، ويعزز مكانتها في مواجهة الطرف الفلسطيني. تفكّك الإطار العربي العام للنزاع، واتفاقات أبراهام التي عززت بصورة غير مسبوقة مكانة إسرائيل في الخليج وفي المنطقة كلها، هما أبرز دليل على ذلك.
  • لكن المهم أن كل ذلك لن يؤدي إلى اختفاء النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني أو تقليصه، لأن ما يجري هو نزاع بين هويتين مسجونتين في المنطقة الواقعة بين البحر والنهر. ناهيك بأن الهوية العرضة لخطر أكبر هي الهوية اليهودية.
  • على هذه الخلفية، إن الأصوات الأخيرة والرائجة الداعية إلى "تقليص النزاع" تسيء إلى وضع دولة إسرائيل. فهي تنشر وهم أن في الإمكان تقليص نقاط الاحتكاك من دون التطرق إلى المسألة المركزية المتعلقة بصورة الاتفاق، أو إلى مصير الهويتين. ماذا يمكن أن نفعل؟ أولاً، يجب الإدراك أنه صحيح أن حل الدولتين أصبح بعيداً، لكنه لم يختف. واختفاؤه معناه قرار إسرائيلي واعٍ يؤيد الاختفاء. لا تملك دولة إسرائيل (اليهودية) هذا الترف. أشدّد مرة أُخرى على أن الإقرار بأن خيار الدولتين لم يعد ممكناً معناه أن الانزلاق إلى دولة الفصل العنصري أصبح لا مفر منه.
  • مصطلح الأبرتهايد في إسرائيل يثير بصورة مباشرة ومفهومة ردوداً عنيفة وتهديدات تثير الخوف ليست في مكانها، بحسب تصريحات وزير الخارجية ورئيس الحكومة المناوب يائير لبيد أمس. لكن المعنى العملي للمصطلح يتجلى في عدد من الخطوات التي تجري على الأرض وتحظى بتفهُّم وتأييد أغلبية الجمهور الإسرائيلي، مثل عدم حصول الفلسطينيين على حقوق أساسية؛ تطبيق القانون الإسرائيلي بصورة مختلفة وإقصائية في المناطق (هناك قانون خاص بنا وآخر خاص بهم)؛ عدم تطبيق القانون على جرائم الإسرائيليين ضد الفلسطينيين؛ طرق مواصلات التفافية أو منفصلة (مفهومة من الناحية الأمنية، لكن أقل ما يقال عنها إنها إشكالية من الناحية القانونية والمدنية)، وغيرها.
  • بناءً على ذلك، يجب العمل لمنع خسارة خيار الدولتين. يجب إعادة الخطاب العام والسياسي بشأن عملية سياسية مع الزعامة الفلسطينية التي لا تزال (حتى الآن) تلتزم بالاتفاقات التي أبرمتها مع إسرائيل، والوعود التي تعهدت بها منظمة التحرير الفلسطينية في هذا الإطار.
  • تُعتبر الزعامة الفلسطينية غير ديمقراطية، لكن أليس هذه هي حال معظم محاورينا في المنطقة، بمن فيهم أصدقاؤنا المقربون. السؤال المطروح هو ما إذا كانت هذه الزعامة، على الرغم من ضعفها، فإنها لا تزال ترى في حل الدولتين أساساً مشتركاً لحوار سياسي - استراتيجي. إذا كان الجواب عن ذلك إيجابياً، وفي رأيي هو إيجابي، يجب ترسيخ شرعيتها، سواء من خلال حوار سياسي رفيع المستوى، أو بالتدريج، من خلال حوار إسرائيلي - فلسطيني مُشابه مع حليفتنا الاستراتيجية الولايات المتحدة. إدارة ترامب، على الرغم من عيوبها الكثيرة، فإنها ساهمت في التوصل إلى اتفاقات أبراهام والاعتراف بالقدس؛ في إمكان إدارة بايدن المساهمة في عودة خطاب عاقل وواقعي في ظل ظروف مريحة وجيدة بالنسبة إلى إسرائيل.