تعقُّد صفقة الطائرات أف-35 هل يشكل خطراً على اتفاقات أبراهام؟
المصدر
غلوبس

موقع متخصص بالمسائل الاقتصادية ومسائل الطاقة. يصدر باللغة الإنكليزية.

  

  • خلال الزيارة الأخيرة التي قام بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الإمارات جرى الكشف عن أن هذه الأخيرة طلبت 80 طائرة "رافال" من ضمن صفقة بلغت قرابة 20 مليار دولار، وهي من أكبر الصفقات في تاريخ فرنسا. وقد سارعت الإمارات إلى الإعلان أن هذه الطائرات ستحل محل طائرات "ميراج 2000" القديمة، وهي ليست بديلاً من صفقة شراء 50 طائرة أف-35 من الولايات المتحدة، التي كانت في أساس موافقتها على "اتفاقات أبراهام".
  • لكن الصفقة مع الفرنسيين لا تهدف فقط إلى تنويع مصادر المشتريات الأمنية، بل الغرض منها إرسال رسالة إلى الأميركيين بأن لدى الإماراتيين بدائل، وأن صبرهم نفذ حيال "المماطلة الأميركية". ولم يمر أسبوع حتى أعلن الإماراتيون تأجيلهم المحادثات بشأن شراء الـ أف-35.
  • في خلفية الأمور، تشعر واشنطن بالقلق من توثيق العلاقات بين أبو ظبي وبيجين. والمقصود، من بين أمور أُخرى، التخوف من مشاركة شركة هواوي في بناء شبكة 5G في الإمارات، ومن تمركُز أمني صيني في الخليج الذي كان "بحيرة أميركية". وعُلم بأن الصين بدأت ببناء منشأة أمنية - استخباراتية في الدولة، وأن ضغطاً أميركياً على الإماراتيين أوقف بناءها.
  • طلب الأميركيون من الإماراتيين ضمانات قبل تسليم الطائرات، وخلال التسليم وبعده، الأمر الذي اعتبرته الإمارات "تدخلاً في سيادتها". الأميركيون، من جهتهم، يتخوفون من وصول الصين إلى تكنولوجيا الطائرات. هناك مخاوف أُخرى، لكنها ثانوية بالنسبة إلى الولايات المتحدة، وهي أن السلاح الذي سيُستخدم في القتال في ليبيا واليمن قد يضر بالتفوق العسكري الإسرائيلي.
  • الإماراتيون لا يريدون اتخاذ موقف من الصراع الأميركي –الصيني، إدراكاً منهم أن قرار الوقوف مع هذا الطرف أو ذاك سيكبدهم ثمناً أمنياً وسياسياً واقتصادياً باهظاً. وبينما تطلب الولايات المتحدة من حلفائها في الشرق الأوسط اختيار طرف، تزداد الشكوك حيال التزاماتها الأمنية. من دون أي شك، من المتوقع أن يحل الطرفان الخلاف: بالنسبة إلى الأميركيين، المقصود مساهمة مهمة في اقتصادهم (يبلغ حجم الصفقة 23 مليار دولار)، وبالنسبة إلى الإماراتيين، لا يوجد فعلاً بديل من التفوق التكنولوجي لطائرات الـ أف-35.
  • بالنسبة إلى الإماراتيين، الهدف من صفقة الـ أف-35 أيضاً المحافظة على العلاقة الأميركية بهم والمساهمة في تحقيق الالتزام الأميركي بأمنهم، في الأساس في مواجهة التخوف من إيران. لكن في ضوء التدخل الصيني المتزايد في الخليج، ستزداد الاحتكاكات بين دول الخليج والأميركيين بشأن هذا الموضوع إذا رأت الولايات المتحدة أن نشاطات الصين هذه تمس بالأمن القومي الأميركي.
  • في المقابل، من المتوقع أن يزداد الطلب على النفط في الصين، من هنا تأتي أهمية دول الخليج، المزوِّدة المركزية بهذا النفط، وتشير اعتبارات الصين الأخيرة في الشرق الأوسط إلى اهتمامها بتوثيق التعاون الأمني الاستراتيجي مع دول الخليج، وخصوصاً مع السعودية، التي تتعاون معها في موضوعيْ الصواريخ والنووي.
  • يتعين على إسرائيل متابعة ازدياد الاهتمام الصيني بالخليج، أيضاً على خلفية انزلاق محتمل للتكنولوجيا الإسرائيلية التي تصدَّر إلى دول الخليج، ثم إلى الصين، ومن هناك إلى إيران. احتمال إلغاء صفقة طائرات الـ أف-35 بين الولايات المتحدة والإمارات ضئيل. ومع ذلك، فإن السؤال المطروح: كيف ستكون تداعيات إلغاء الصفقة على مستقبل اتفاقات أبراهام؟ وهل من المحتمل تضرُّر التزام الإمارات بمجمل مكونات الاتفاق؟
  • الموافقة على شراء الطائرات كانت ولا تزال مرتبطة بالحافز الذي دفع الإمارات إلى توقيع الاتفاق معنا وتحقيقه. للإمارات مصلحة في المحافظة على إطار العلاقات مع إسرائيل، حتى لو توقفت صفقة بيع الطائرات. والتعاون الأمني - الاستخباراتي بين القدس وأبو ظبي، والذي سبق اتفاقات أبراهام، لن يتضرر ما دامت التهديدات المشتركة على حالها. لكن ثمة شك في أن الدافع إلى تعميق العلاقات سيبقى كما كان عليه علناً.
  • من مصلحة إسرائيل المحافظة على العلاقات مع الإمارات، وهي دولة مهمة في المنطقة بشأن المواجهة مع إيران، وفي الوقت عينه، لديها مصلحة في تشديد الرقابة على تكنولوجيا حساسة موجودة لدى الإمارات خشية وقوعها بين يدي خصومها. وهي أيضاً يمكن أن تربح من الأزمة الموقتة بين واشنطن وأبو ظبي ومساعدة الإماراتيين على إيجاد حلول تكنولوجية لحماية التكنولوجيا الأميركية الحساسة بصورة أفضل.