يجب عدم الاستخفاف بالخطر الإيراني
المصدر
يسرائيل هيوم

صحيفة يومية توزَّع مجاناً وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية. صدرت للمرة الأولى في سنة 2007، مالكها شيلدون أدلسون، وهو من الأصدقاء المقرّبين من بنيامين نتنياهو، وتنتهج خطاً مؤيداً له. ونظراً إلى توزيعها المجاني، فقد تحولت إلى الصحيفة الأكثر توزيعاً في إسرائيل.

  • الوضع الاستراتيجي لإسرائيل مع نهاية السنة الميلادية جيد، لكنه هش ومتعدد التحديات. هو جيد لأنه على الرغم من أحداث العام الماضي، فإن إسرائيل تنهي سنة 2021 مع وضع سياسي متين واقتصاد قوي ومستقر وقوة عسكرية لا لبس حولها، وهي لا تزال تستفيد من إنجازاتها السياسية، ومن صورة قوتها الأمنية العامة، ومن ميزاتها كدولة ناشئة، ومن ابتكاراتها التكنولوجية.
  • وضع "هش"، نظراً إلى العدد الكبير من القضايا الحساسة والمترابطة فيما بينها والتداعيات الواسعة النطاق لكل واحدة منها. وعلى رأسها المسألة النووية الإيرانية: الاقتراب من لحظة الحسم والتوترات المتزايدة حولها على الصعيدين السياسي والأمني.
  • وضعٌ "متعدد التحديات"، هو وصف يميز دائماً الوضع العام في إسرائيل، لكنه يكشف هذه المرة صعوبة إدارة الأمور وفق المبادىء والأولويات الموضوعة في الماضي، بسبب الحاجة إلى التصرف بلطف وتركيز أكبر على المستويين الاستراتيجي والعملاني. هناك تحدٍّ آخر هو اتخاذ القرارات المتعلقة بجزء من المسائل داخل المنظومة السياسية، وذلك في ضوء الاختلافات في وجهات النظر حول طاولة النقاشات.
  • إن وحدة المجتمع الإسرائيلي هي شرط ضروري للمناعة الوطنية. وهذا الأمر صحيح طوال الوقت، فكم بالأحرى في مواجهة الواقع السياسي-الأمني في زمننا هذا. التوترات في العلاقة بين العرب واليهود في المدن المختلطة منذ أحداث "حارس الأسوار"، والشعور بالإحباط وعدم الثقة بالأمن الفردي، في ضوء ضعف السلطة والارتفاع الكبير في الجريمة في القطاع العربي، كل ذلك أدى إلى بروز تصدعات جديدة، وعمّق تلك التي كانت موجودة نتيجة الاستقطاب الداخلي.
  • صورة الوضع هذه تتطلب تغيير المقاربة ووضع هذه المسألة بين الأهداف الأولى للحكومة في العام المقبل.

تهديد وجودي لإسرائيل

  • ما هو الهدف وإلى أين يجب توجيه الجهود؟
  • أولاً - ترسيخ دولة إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية وقوية وآمنة ومزدهرة. هذا هو الهدف الأسمى الذي يجب أن تتوجه إليه جهود الدولة، وأن يشكل البوصلة لتحديد أهداف ملموسة لهيئات التخطيط والتنفيذ في كل المجالات. هذه الصيغة تعكس الرغبة في التمسك، بقدر الإمكان، بمقاربة عملية، من دون إهمال النقاش المهم والمطلوب دائماً في المسائل الكبيرة، مثل الهوية والهدف والرؤيا.
  • ثانياً - منع إيران من التحول إلى دولة على عتبة النووي. فالسعي لمنع تحوُّل إيران إلى دولة نووية، أو على عتبة النووي، هو في رأس التحديات التي تواجهها إسرائيل في سنة 2022، كما هو معروف. التعريف المبسّط لـ"دولة على عتبة النووي" هو أنها دولة لديها تكنولوجيا وقدرة عملانية على إنتاج سلاح نووي، لكنها لم تفعل ذلك بعد.
  • لماذا البرنامج النووي مهم لإيران إلى حد أنها مستعدة للمخاطرة في دفع أثمان باهظة في الموضوع؟ يمكن أن نلخّص الجواب بكلمتين: بقاء ورؤيا.
  • تسعى إيران للحصول على سلاح نووي لحماية نظام الملالي في مواجهة تدخُّل عسكري خارجي يسعى لإسقاطه. بقاء النظام هو بمثابة ضمانة لئلا تكون الجمهورية الإسلامية فصلاً عابراً في التاريخ. وبقاء النظام هو أيضاً الأداة الأساسية لتحقيق رؤيته الطموحة.
  • سلاح نووي، أو دولة على عتبة النووي، يمنحان إيران حرية العمل في خطواتها التآمرية وتنفيذ خططها لترسيخ الهيمنة الإيرانية في المنطقة. وهو سيمكّنها من استخدام قوات بالوكالة في حماية الردع الكبير الذي سيُضاف إليها، وسيجعلها تتمتع بمكانة عالمية جيدةـ وسيزيد بصورة كبيرة في قدرتها على المساومة في مسائل عديدة. حصول إيران على سلاح نووي يشكل خطراً وجودياً على إسرائيل.
  • لا يمكن قبول الافتراض أن إيران ستتصرف طوال الوقت وفي أي سيناريو بصورة عقلانية، وأن حسابات الربح والخسارة ستمنعها من إلحاق الضرر بإسرائيل. إن وصف إسرائيل بالسرطان والتهديد الدائم بتدميرها يعكسان نمطاً وموقفاً إيرانياً عميقاً حيالها.
  • لسنا بحاجة إلى خيال جامح لرسم سيناريو تمرُّد داخلي قوي في إيران يدفع الزعامة إلى التقدير أن نهاية النظام باتت قريبة، وهو ما يغريه، قبل سقوطه، باستخدام السلاح النووي الذي في حوزته.
  • لكن حتى من دون سيناريو التهديد بإلقاء القنبلة، يبقى التهديد لإسرائيل غير محتمَل. تحوُّل إيران إلى دولة على عتبة النووي سيسمح لها بتحريك قوات بالوكالة عنها للقيام بهجمات تقليدية مكثفة ضد خصومها، من دون الخوف من رد عسكري ضدها. تستطيع إيران أن تقف موقف المتفرج وهي تشاهد وكلاءها يسحقون خصومها بإطلاق آلاف الصواريخ. ينطبق ذلك على حزب الله ومختلف الميليشيات التي تدعمها إيران.
  • بالإضافة إلى ذلك، تحوُّل إيران إلى دولة نووية، أو على عتبة النووي، سيؤدي إلى سباق على التسلح النووي في المنطقة كلها. السعودية ومصر وتركيا لن تقف موقف المتفرج، ولا يتسع هنا المجال لوصف التداعيات الواسعة النطاق لهذه الخطوة.
  • بناءً على ذلك، لا يمكن قبول وجهة النظر الداعية إلى احتواء إيران النووية. ويتعين على إسرائيل الإصرار على المطالبة بخطوات تمنع إيران من التحول إلى دولة على عتبة النووي.

الضغط لا يزال فاعلاً

  • الاتفاق هو وسيلة وليس غاية! الاتفاق مهم فقط إذا شمل تعهدات وخطوات وآليات تضمن تحقيق الهدف. وبخلاف ذلك، هو أشبه بدواء لا يناسب المرض: ندفع ثمنه، ونعلق آمالاً زائفة على الشفاء، ونبذل جهوداً لإيجاد البدائل، وفي نهاية الأمر - المعاناة تستمر، سواء جرّاء المرض، أو العوارض المرافقة له.
  • ليس لدى إيران سبب كي تسارع إلى التوصل إلى اتفاقات، وخصوصاً إلى قيود وخطوات جوهرية من النوع المطلوب. خيار عسكري موثوق به وضغط اقتصادي يمكنهما تشكيل حجة مقنعة. من الصعب أن نجد نموذجاً لبرنامج نووي جرى تفكيكه من دون ضغط أو إكراه.
  • صحيح أن الضغط لم يدفع إيران حتى الآن إلى نقطة الانهيار، لكن هذا لا يدل على عدم فعاليته. الوسائل التي استُخدمت حتى الآن لم تُستنفد بعد، وتغيُّر السلطة في الولايات المتحدة، رأت فيه إيران أفقاً وأعطاها أملاً. على هذه الخلفية بالتحديد، يمكن أن تكون أداة العقوبات في يد إدارة بايدن أقوى مما كانت عليه في الإدارة السابقة، لأنها تواجه اقتصاداً إيرانياً منهاراً، ونظراً إلى تأثيرها المعنوي، يمكن أن تشكل مفتاحاً لإغلاق باب الأمل.
  • يجب مواصلة الحوار بين إسرائيل والولايات المتحدة على كل القنوات، وفي كل الموضوعات والسيناريوهات، في المديَين، المباشر والبعيد. كما يجب أن تحتفط إسرائيل بحرية العمل وحرية التعبير عن رأيها. ويجب أن يجري النقاش في المسائل العملانية ضمن منتديات داخلية ملائمة وألّا يجري في وسائل الإعلام.

طرد قوى محور الشر

  • هناك تحدٍّ آخر يواجهنا في سنة 2022، هو إخراج إيران من سورية.
  • إن المعركة السياسية - والأمنية لمنع إيران من التمركز في سورية أعطت نتائجها. من دون التخلي عنها، يجب الاستعداد لفرص التوصل إلى تسوية سياسية تؤدي إلى الخروج الكامل لقوى الشر من هذه الدولة. مثل هذه التسوية يجب أن يمر عبر اتفاق أميركي - روسي تنضم إليه الدول السُّنية العربية وتركيا. على خلفية التوترات بين الولايات المتحدة وروسيا، تبدو سورية قادرة على تشكيل فرصة لهما في تحقيق إنجاز مشترك: التوصل إلى حل دبلوماسي لنزاع معقد ودموي.
  • ماذا ستتضمن هذه التسوية؟ وجهة النظر الإسرائيلية هي في قلب هذه التسوية. التعهد بانسحاب القوات التي دخلت إلى سورية بعد سنة 2011 (تعريف يشمل إيران ووكلاءها)، وآليات رقابة وتحكُّم على المعابر والحدود، ومنع تمركُز عناصر إرهابية إسلامية، والمحافظة على اتفاقات فصل القوات العائدة إلى سنة 1974.