لن يكون هناك دولة فلسطينية
تاريخ المقال
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- في كل ما له علاقة بالاحتلال ليس مهماً مَن هي الحكومة التي تحكم إسرائيل. فهو في جميع الأحوال مستمر. استمر مع رابين، ومع بيرس، ومع شامير، ومع نتنياهو، واستمر مع باراك، ويستمر مع بينت - لبيد. الاحتلال مستمر من دون علاقة بهوية الحكومة وناخبيها والمرشحين لرئاستها. وهو مستمر عندما يتولى رئاستها رئيس حكومة يعلن أنه يرغب في السلام مع الفلسطينيين، وعندما يكون هناك رئيس حكومة يعلن على رؤوس الأشهاد أنه سيمنع قيام دولة فلسطينية بأي ثمن.
- ويجب أن ننتبه هنا إلى أن تصنيف الحكومة منظمات من المجتمع المدني في الضفة الغربية بأنها منظمات إرهابية يتطابق مع مخططاتها للبناء في [المستوطنات] في الضفة الغربية، وهو ما يؤكد اغتيال خيار الدولتين الذي يُعتبر بحكم الميت تلقائياً، ومع إعلان نفتالي بينت أنه لن يُجري مفاوضات مع الفلسطينيين، ولن يكون هناك دولة فلسطينية.
- الاحتلال والمستوطنات والأبرتهايد هي سياسات كل الحكومات خلال الـ54 عاماً الأخيرة، ولا مفر من التوصل إلى هذه الخلاصة: إنها سياسة إسرائيل. أما بالنسبة إلى شعب إسرائيل، فإن المعارضين للاحتلال هم أقلية تزداد قلة ولا تملك أية قوة سياسية. لكن من المهم الاستمرار في محاربة الاحتلال. هذا واجب أخلاقي. ومن المهم الآن أن نصرخ ضد الخطوة التي يقودها بني غانتس ضد منظمات المجتمع المدني الفلسطيني في الضفة والعمل على إلغائها. لكن يجب أن نرى أيضاً الصورة الكبرى: الاحتلال نجح، المشروع الاستيطاني نجح، الأبرتهايد نجح. هذه حقائق لا عودة عنها. لن يكون هناك دولة فلسطينية، ونقطة على السطر.
- ما الذي سيحدث هنا؟ في الوقت الحالي هذا ليس معروفاً. ربما دولة ثنائية القومية، ربما اتحاد أو كونفدرالية. في جميع هذه النماذج استمرار الأبرتهايد والسيطرة الاستعمارية العنيفة على شعب آخر هو الخيار المهيمن. من الواضح أنه ليس للجمهور الإسرائيلي، الذي اختار الاحتلال ويحرص على اختيار حكومات تواصل الاحتلال، أي حافز أو مصلحة لإنهاء الاحتلال، لا أيديولوجية، ولا اقتصادية، ولا أخلاقية، ولا عملية. ولأن إسرائيل باتت خبيرة في الاحتلال، من غير المنتظر أن يبرز مثل هذا الحافز من جانب الفلسطينيين على صورة ثورة شعبية ضد الاحتلال. الفلسطينيون هُزموا في بعض المرات بأيديهم، وفي كثير من المرات على يد إسرائيل. لكن في الخلاصة هم غير قادرين على هزيمة الاحتلال. وبالتالي لن يقوموا بانتفاضة دموية أُخرى يمكن أن تؤلم مواطني إسرائيل الذين يعتبرون الاحتلال محقاً، ويفرضه الواقع، وضرورة للبقاء.
- ليس لدى الفلسطينيين أية وسيلة لإقناع المحتلين بالتراجع. لا بالقوة ولا بغير القوة. هذا الأمر يمكن أن يقوم به العالم، الولايات المتحدة وأوروبا وروسيا والصين. لكن هل سيتّحد العالم فعلاً من أجل إنهاء الاحتلال الإسرائيلي؟ كلا، ليس في الوقت الحاضر. إسرائيل دولة قوية جداً، ولديها علاقات أمنية واستخباراتية واقتصادية غنية وعميقة مع كل الدول القادرة على إجبارها على تحرير الفلسطينيين، أو على الأقل على دفع مواطنيها إلى التفكير جدياً في جدوى الاحتلال. توجد في الولايات المتحدة وأوروبا تيارات سياسية مهمة مصرّة على إنهاء الاحتلال، لكنها حالياً أضعف من أن تؤثر في الواقع.
- لذلك أيضاً عندما تقوم دولة ثنائية القومية أو كونفدرالية ما الذي لا يتغير: الأبرتهايد والاستعمار من المنتظر أن يستمرا. هذه توقعات معقولة ورصينة ويجب أن ننظر إليها مباشرة. بالإضافة إلى مواصلة محاربة الاحتلال، يجب أن نعترف بفشل هذه المحاربة الحالي والمستقبلي. هذا مؤلم جداً ويدعو إلى اليأس. وهو يجعل النضال ضد بنيامين نتنياهو باسم الدفاع عن "الديمقراطية" سخيفاً أحياناً. لكن هذا هو الوضع.
الكلمات المفتاحية