هل حان دور "حماس" لتلقّي مكالمة هاتفية من البيت الأبيض؟
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • "يجب على الولايات المتحدة الحث على الدمج بين الضفة الغربية وغزة بصورة تدفع قدماً بحل الدولتين وتمنع الفصل المستمر بين المنطقتين. كما عليها تثبيت الاستقرار في غزة، ومعالجة المشكلات الإنسانية، ومنع أي مواجهة بين إسرائيل وحماس"، وعند الحاجة تقصيرها، هذا ما جاء في بحث نشره مركز أمني أميركي جديد (CNAS) بمشاركة معهد بروكينغز في سنة 2018.
  • ظاهرياً، هذا البحث هو واحد من بين آلاف الوثائق التي نُشرت على مرّ السنين، لكن يتضح الآن أنه من المتوقع أن يشكل برنامجاً سياسياً يمكن أن يتبناه جو بايدن في معالجة المواجهات الإسرائيلية - الفلسطينية، لأن هذا البحث كتبه أربعة باحثين من ذوي الخبرة الكبيرة في السياسة الشرق الأوسطية، بينهم إيلان غولدنبرغ وهادي عمرو، وهما من المقرّبين من بايدن، واللذان كانا من بين أفراد الطاقم المصغر لوزير الخارجية السابق جون كيري عندما أدار المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين في مسعى للتوصل إلى اتفاق.
  • لا يعرف الكثيرون عمرو الذي يتولى منصب نائب وزير الخارجية في موضوع النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني، ومؤخراً المبعوث الخاص لمعالجة المواجهة بين "حماس" وإسرائيل. يقول عنه المقرّبون منه في معهد بروكينغز، الذي أسسه وأداره معهد الأبحاث المشترك "بروكينغز - الدوحة" بمشاركة قطر، إن ليس لديه نزعات أيديولوجية، وهو يضع نصب عينيه الحاجة إلى التوصل إلى حل مبتكر للنزاع.
  • ويصفه منتقدوه، في الأساس من حركات اليمين اليهودي في الولايات المتحدة، بـ" خبير سياسة خارجية لها تاريخ معادٍ لإسرائيل"، ويستشهدون بتغريدات له من سنة 2002 كتب فيها أنه استوحى من الانتفاضة. بعد اغتيال إسرائيل قائد كتائب عز الدين القسّام صلاح شحادة كتب عمرو: "الآن للعرب تلڤزيونات، وهم لن ينسوا قط ما فعله الإسرائيليون والجيش الإسرائيلي والديمقراطية الإسرائيلية بالأولاد الفلسطينيين، وسيطالب الآلاف منهم بالانتقام للقتل الوحشي للأبرياء."
  • في نظر منتقديه، عمرو هو نموذج من تعيينات "معادية لإسرائيل"، بينها الأميركي من أصل فلسطيني ماهر بيطار، الذي عُيّن في منصب مدير أول لبرنامج الاستخبارات في مجلس الأمن القومي. وفي رأي هؤلاء، هذه التعيينات هي دليل على توجّه بايدن، وفي الأساس على خسارة إسرائيل مواقع القوة التي كانت تتمتع بها في البيت الأبيض.
  • بدلاً من بث الضغينة ضد تعيينات المسؤولين الرفيعي المستوى في الإدارة والعداء لبايدن، من المهم قراءة بحث عمرو ورفاقه، لأن بعض توصياته بدأ تنفيذها- مثل قرار بايدن استئناف المساعدة لوكالة اللاجئين في الأمم المتحدة، والتوصل إلى سلام كامل ونهائي بين الأطراف من خلال مفاوضات مع السلطة، وتحقيق الدمج بين الضفة وغزة، وبين "حماس" و"فتح"، من أجل التوصل إلى وقف إطلاق نار طويل الأجل، ومنع المزيد من المواجهات بين إسرائيل و"حماس".
  • في رأي واضعي البحث، الولايات المتحدة أخطأت عندما أهملت غزة و"حماس" وركزت جهودها الدبلوماسية على السلطة، كما كان من الخطأ التركيز على غزة فقط وتجاهُل مساعي السلام بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية. مثل هذه الاستراتيجيا يزيد الفجوة بين الفلسطينيين ويقوّي "حماس" على حساب السلطة الفلسطينية. لذا، يتعين على الولايات المتحدة تشجيع المصالحة الداخلية الفلسطينية، وزيادة حضور منظمات المساعدات الأميركية ورجال الإعلام الأميركيين في غزة، ومطالبة إسرائيل برفع الحصار عن غزة، وإشراك القطاع - أي "حماس" – في عمليات اتخاذ القرارات السياسية.
  • لا يتجاهل البحث التناقضات والمخاطر التي تنطوي عليها هذه التوصيات. الدمج بين الضفة الغربية وغزة، بالاستناد إلى البحث، "يمكن أن يمنح شرعية جزئية لـ"حماس"، أو الأسوأ من ذلك يمكن إنقاذها لتصبح أكثر قوة، أو ربما تسيطر على الضفة. كما يمكن أن يؤدي الدمج إلى نموذج مشابه لحزب الله في لبنان، فتكون "حماس" ميليشيات مسلحة متحررة من عبء الإدارة المدنية ولديها قدرة على وضع ڤيتو على قرارات الحكومة". لا يقدم البحث حلولاً سحرية لهذا الخطر، على الرغم من أن واضعيه يعتقدون أن على الإدارة التمسك بسياسة الدمج بسبب حظوظها في التوصل إلى فترة طويلة من الهدوء والسماح بتحسين الوضع الاقتصادي في غزة.
  • ليس هناك خطوة تهدد سياسة إسرائيل أكثر من الدمج بين "حماس" و"فتح"، وبين الضفة وغزة. الهدف من استراتيجية الفصل بينهما هي تحديداً إحباط حل الدولتين. لقد كانت إسرائيل ولا تزال مستعدة للعودة إلى نوع من تطبيع اقتصادي، والسماح بعبور البضائع، وزيادة تزويد القطاع بالكهرباء - أو باختصار، المحافظة على "حماس" كقوة حاكمة - بشرط عدم تحقيق حل الدولتين. والسؤال المطروح كيف ستتمكن إسرائيل من مواجهة الإدارة الأميركية إذا قررت تغيير نظرتها حيال "حماس"، وإذا زادت المساعدات لغزة، مباشرة أو بواسطة مصر، وربما بدأت بعقد اجتماعات مع "أطراف معتدلة في القطاع". إذا كان دونالد ترامب أعطى طالبان شهادة أهلية، وبايدن أزال الحوثيين من قائمة التنظيمات الإرهابية، ربما حان دور "حماس" كي تتلقى محادثة هاتفية من البيت الأبيض.