مروان البرغوثي هو الفرصة الأخيرة
تاريخ المقال
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- لو كنتُ فلسطينياً، لكنت صوتت لمروان البرغوثي رئيساً للسلطة الفلسطينية. أيضاً عندما كنت إسرائيلياً صهيونياً متمسكاً بالإيمان بحل الدولتين، لكنت فعلت كل شيء لانتخاب البرغوثي. وحتى كإسرائيلي لم يعد يؤمن بحل الدولتين، أنا أحلم فعلاً باللحظة التي سيخرج فيها هذا الرجل أخيراً من السجن ويصبح زعيماً فلسطينياً. هو الآن الأمل الوحيد القادر على بعث روح الأمل في الشعب الفلسطيني الذي يحتضر، وإعادة الحياة إلى جثة عملية السلام - لأنه لم يكن هناك قط عملية سلام، ولم يكن هناك نية لتحقيق السلام.
- لا يوجد شيء حالياً يمكن أن يثير المشاعر ويطلق الخيال ويحيي الأمل أكثر من تخيّل إطلاق سراح البرغوثي من سجن هداريم - مثلما أُطلق سراح المناضل من أجل الحرية نيلسون مانديلا من سجن فيكتور فيستر في 11 شباط/فبراير بعد 27 عاماً أمضاها في السجن. هو أيضاً كان محكوماً عليه بالسجن مثل البرغوثي بتهمة الإرهاب. في مواجهة مانديلا وقف فريدريك دو كلارك الشجاع. في مواجهة البرغوثي لا يوجد سوى التحريض الإسرائيلي والغباء والجبن.
- ليس هناك دليل أوضح على أن إسرائيل لم ترغب قط في التوصل إلى تسوية مثل السجن المؤبد والأحمق للبرغوثي. اسأل أي شخص في الشاباك أو في الاستخبارات أو سياسي إسرائيلي يقول لك: البرغوثي هو الفرصة الأخيرة. الفرصة الأخيرة لتوحيد الشعب الفلسطيني وإحلال السلام. لقد انتُخب مانديلا رئيساً لبلاده، والبرغوثي قد يترشح لمنصب الرئاسة. مانديلا فعل ذلك كرجل حر، والبرغوثي سيفعل ذلك كأسير محكوم عليه بخمسة أحكام بالسجن المؤبد، أكثر من 40 عاماً يمكن، لا سمح الله، ألّا تنتهي أبداً.
- أكتب "لا سمح الله" لأن البرغوثي هو فعلاً الفرصة الأخيرة. ليس لأن إسرائيل الرسمية لا تعرف ذلك، بل لأنهم في إسرائيل يعرفون أكثر مني أنه لن يُطلق سراحه أبداً. مع ذلك، فإن تخيّل هذا الرجل الذي لا يهدأ، بقامته القصيرة وساعة "الكاسيو" البسيطة التي يلبسها، وابتسامته الآسرة، وعبريته الفريدة، يخرج من الأسر ويصبح رئيساً، أمر يثير الخيال. كيف يمكن لخطوة صغيرة أن تغيّر أشياء كثيرة جداً.
- في مثل هذا الأسبوع قبل 24 عاماً في ذكرى يوم الأرض، كنا ندور في سيارته بين الإطارات التي أُشعلت خلال التظاهرات في رام الله قال لي: "أكثر ما يخيفني هو أن نفقد الأمل". لقد حانت اللحظة، وحده البرغوثي قادر على إنقاذنا من ذلك.
- مَن يريد أن يعرف ماذا حدث للفلسطينيين عليه أن يرى ماذا حدث للبرغوثي. رجل السلام هذا الذي حولوه إلى رجل إرهابي هو دليل على أن الفلسطينيين حاولوا كل شيء. ما الذي لم يحاوله؟ لقد دق على أبواب اللجان المركزية للأحزاب الصهيونية في نهاية التسعينيات، وطلب منهم: افعلوا شيئاً قبل أن ينفجر كل شيء. لكن إسرائيل لم تفعل شيئاً، وكل شيء انفجر.
- فقط عندما وصل إلى الاقتناع بأن لا شيء سيزحزح إسرائيل عن نهجها المتغطرس وعبادتها للقوة، حقق نبوءته بأن كل شيء سينفجر وانضم إلى الكفاح المسلح - تماماً مثل مانديلاً الذي فصل العنف في كفاحه متواضع.
- هو في السجن منذ نحو 20 عاماً. وهو متهم بالإرهاب في دولة احتلالها هو الإرهاب الأكثر وحشية وبشاعة بين نهر الأردن والبحر. المرة الأخيرة التي رأيته فيها كان يرتدي ثياب السجناء الداكنة. كان ذلك في قاعة المحكمة في تل أبيب. الآن هو يفكر في الترشح للانتخابات الفلسطينية، انتخابات ستجري تحت الاحتلال.
- إذا جرى انتخابه رئيساً فإن ذلك لن يكون فقط لمصلحة الفلسطينيين. إذا انتُخب فإن الاحتلال سيسجل نقطة فظيعة أُخرى في تاريخه – ليس هناك فقط مناضل من أجل الحرية وراء القضبان، بل رئيس منتخب مقيد اليدين.