كيف يُقال كوكلوكس كلان بالعبرية؟
تاريخ المقال
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- الميليشيات اليهودية تهاجم في الأساس في الليل. كما في أفضل تقاليد أحداث شغب عنصرية، تنتشر عصابات المستوطنين الملثمين مع هبوط الظلام على الطرقات والقرى بحثاً عن فتيات وفتية من العنصر المكروه. يقطع رفاقهم طرقات بهدف اختيار وتحديد سيارات تحمل لوحات فلسطينية ويهاجمون ركابها. هم يهاجمون منازل عائلات في قرى الضفة الغربية، يحطمون الزجاج ويشعلون حرائق. يحدث هذا كل ليلة منذ أكثر من شهر، لأن الرفاق محبّي سندك من شبان التلال، والذي للأسف الشديد قُتل في أثناء مطاردة الشرطة له، قرروا أن يدفع الفلسطينيون ثمن موته. منظمة "يش دين" [يوجد قانون] للدفاع عن حقوق الإنسان (التي أعمل مستشاراً قانونياً لها) وثّقت في هذه الفترة 47 هجوماً ليلياً مختلفاً تسبب بضرر كبير في الأملاك، وأدى إلى جرح 14 شخصاً على الأقل. مئات من المشاغبين وعدد قليل من الموقوفين. في الأسبوع الماضي جُرحت طفلة في الحادية عشره من عمرها جرّاء إصابة رأسها بحجر، وأصيب ولد في الخامسة بحجر في وجهه.
- في كل يوم مجموعة الواتسآب التابعة لـ"يش دين"، التي أنا عضو فيها، تبدأ بالرنين نحو الساعة السابعة - الثامنة ليلاً، وتنقل أخباراً أولى من محققي المنظمة في الضفة الغربية، وبعد مرور نصف ساعة إلى ساعة تبدأ الفيديوهات والصور بالتدفق. عائلة أُخرى تحطمت نوافذ منزلها في أثناء وجبة العشاء، وسائق فلسطيني آخر كاد يُقتل على الطريق، وسيارة أُخرى أضرم فيها المشاغبون النار، وزحمات سير خانقة تمنع عمال من العودة إلى منازلهم بعد يوم عمل.
- تماماً في الوقت الذي يحتدم فيه عنف المستوطنين يبث التلفزيون نشرة الأخبار. لا يرسَل طاقم أي تلفزيون إسرائيلي إلى القرى الفلسطينية ولا إلى الطريق 60، وهو من أهم الطرق في الضفة الغربية. وعندما تنقل النشرات الإخبارية تقارير عن أعمال شغب سرايا النخبة اليهودية (معظمها لا يفعل ذلك) تقدم تقارير مختصرة، لكن إذا هاجم أعضاؤها رجال شرطة وقلبوا سيارة دورية للشرطة. حينها تجري توقيفات واسعة. ما دام المصابون من غير اليهود، وما دامت البيوت التي يهاجمها المشاغبون ليست ليهود، من الصعب أن يتحول الخبر إلى تقرير حقيقي.
- لكن المعلومات متوفرة لمن يهمهم الموضوع. في حسابات منظمات حقوق الإنسان على وسائل التواصل الاجتماعي، وفي مواقع إخبارية "يسارية"، بينها هذه الصحيفة، يمكن أن نشاهد فيديوهات مرعبة عن ركاب فلسطينيين يتعرضون للرشق بالحجارة، وتتحطم نوافذ سياراتهم في أثناء تنقلهم. كما يمكن رؤية صور منزل بعد الهجوم عليه من السرايا اليهودية، شظايا الزجاج منتشرة في المطبخ وغرفة النوم، وآثار دم الجرحى على الأرض. يمكن أيضاً العثور على صور أولاد جرحى، صورة فتاة أنفها متورم ومدمّى، وصورة ولد صغير جداً يبكي بحرقة داخل سيارة الإسعاف التابعة للهلال الأحمر، وجهه مهشم جرّاء إصابته بحجر.
- وعلى الرغم من أنني أبذل كل جهدي لطرد هذه الأفكار من رأسي، فإن صورة الأطفال وأهاليهم تذكرني بصورة أُخرى. نظرة الخوف هذه في عيون أشخاص ليس لديهم مكان يهربون إليه، وثمة شك في أن هناك مَن سيدافع عنهم، تذكرني بصور من أماكن أُخرى ومن أزمان أُخرى. صور يهود. يهود آخرون. صورة نوافذ محطمة لمنازل ومحلات ليهود. فكرة أن أحفاد المضطهدين في ذلك الحين انتقلوا إلى الجانب الآخر - هذه الفكرة تجمد الدم في العروق.
- يجب على كل واحد منا أن يجيب عن السؤال، هل أقوى جيش في الشرق الأوسط لا ينجح، أو حقاً، لا يحاول وقف الكو كلوكس كلان العبري. في المحصلة رعايا الاحتلال الإسرائيلي تتخلى عنهم قوانين وضعها محتلو البلد في ظل رخاوة الجيش ومنظومة فرض القانون. في المحصلة المؤسسة الأمنية لا تدافع عنهم بصورة فعالة، قنوات التلفزة الإسرائيلية لا تنقل شيئاً، وبالنسبة إلى أغلبية مواطني إسرائيل الذين لا يشاركون في الهجمات، وعلى ما يبدو أيضاً يعارضونها، هم ببساطة لا يعبأون.
- في الانتخابات المقبلة سينتصر اليمين. من نتائج الاستطلاعات يبرز الانطباع أنه من الناحية السياسية، الانتخابات هي للجنة الداخلية لمجلس يهودا والسامرة. تعمل وسائل الإعلام على تضخيم الخلافات الداخلية داخل اليمين التي يجري التعبير عنها فيما يخص رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، لكن باستثناء هذا الخلاف الشخصي (المهم من دون شك وله تداعيات حقيقية) يجب قول الحقيقة: في كل ما له علاقة بالنزاع الإسرائيلي - الفلسطيني، أنشأ اليمين الكولونيالي شبكة أحزاب مستنسَخة أيديولوجياً. وهذه خطوة بارعة. هو أشبه باحتكار يقيم شركات فرعية غير خاضعة للمنافسة تمتص أموال المستهلكين الذين سئموا العلامة التجارية التي تسيطر على السوق. لكن من هناك تتدفق الأموال إلى الجيب عينه. الجيب الذي يؤدي إلى تأبيد الاحتلال وحرمان الخاضعين للاحتلال من حقوقهم، والضم والأبرتهايد. ليس مستغرباً أن أحداً من زعماء الأحزاب "البديلة" لم يتحرك لدى رؤية أبناء شعبه يتصرفون كمستبدين إزاء الفلسطينيين الأبرياء.
- جدعون ساعر، نفتالي بينت، أفيغدور ليبرمان (لا فائدة من ذكر بتسلئيل سموتريتش، فقد دعا في الماضي أنصاره إلى قطع الطرقات على الفلسطينيين) - لا تتجرأوا على القول بعد ذلك "أيدينا لم تسفك هذا الدم." الصمت إهمال. صمتكم تسمعه الشرطة، ويسمعه الجنود، والمتطرفون، والصحافيون، والجمهور الإسرائيلي كله.